HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

لبنان والمنطقة بين مؤتمر البحرين ولقاء القدس - بقلم جورج عبيد

26
JUNE
2019
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

حسنًا فعل نائب رئيس المجلس النيابيّ إيلي الفرزلي وفي حديث له إلى شاشة ال OTV منذ أسبوع، بأن قال بأنّ صفقة العصر ليست حديثة العهد. لقد ظهرت بالدم والقهر منذ سنة 1947-1948من القرن المنصرم، في لحظات نكبة فلسطين وبدء صلبها على خشبة النسيان، ونزوح أهلها مقهورين إلى دول الجوار والعالم. توصيف إيلي الفرزلي انطلق من واقعيّة لا تقبل الجدل وواقع تاريخي لا يفترض التأويل، وهو منعكس على زماننا وحياتنا. ذلك أنّ مؤتمر فرساي الذي انعقد سنة 1919 ومؤتمر سان ريمو في إيطاليا المنعقد سنة 1920 ركيزتان أساسيتان موطئتان لإنشاء وطن قوميّ-يهوديّ، بدلاً من فلسطين. لقد حذّر فارس الخوري وميشال شيحا من خطورة رسم تلك الخرائط وامتداداتها وتداعياتها، فلا ننسى قولة فارس الخوريّ "بأن قضيّة فلسطين لا تحلّ إلاّ في سهولها وروابيها ومدنها وقراها، قضيّة فلسطين تحلّ عندما تعود آمنة من النهر إلى البحر". وإذا كان لا بدّ من تحديد للتوصيف فإن مؤتمريّ فرساي وسان ريمو 1919-1920 ومن ثمّ قمّة يالطا المنعقدة سنة سنة 1945 أطلقت صفقة القرن في حينه، وقد كرّست في سنتيّ 1947-1948، أي منذ نكبة فلسطين.

مسعى جاريد كوشنير والذي توّج في مؤتمر البحرين غير منفصل عن تاريخانيّة السياق والمضمون، بل هو في حقيقة الأمر متوّج لهما في العنوان-المعطى وهو صفقة القرن القديمة العهد. قبل مؤتمر البحرين الأخير، استغلّ دونالد ترامب التمزّق العربيّ والحروب المتنقلّة في الأقاليم الملتهبة والمتوتّرة، ليقدّم هديّة ثمينة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، وهي تهويد القدس، أو جعل القدس عاصمة أبديّة لإسرائيل، وصفقة باب الخليل التي كتبنا عن مضمونها منذ أيّام تندرج في هذه الرؤية، ثمّ عاد ترامب واعتبر إسرائيل بلدًا قوميًّا لليهود ليقدّم بعد حين الجولان بأسره ملكًا لإسرائيل، وكأنّه وحده المخوَّل لكي يقدّم صكوك الملكيّة لإسرائيل، هاتكًا القوانين الدوليّة المرعيّة الإجراء. الحرب على سوريا وعلى اليمن وعلى العراق ومحاولة تفجيرها في لبنان، وإدخال ليبيا من جديد في المستنقع تملك هذا الهدف الواضح في الشكل والمضمون وتستخرج عناصره الصداميّة، هنا وثمّة بتشبيكها وتمتينها ليصار إلى تتويج صفقة القرن الراسخة منذ ذلك التاريخ في الزمن الحاضر، والتتويج لا يسوغ إلاّ بالتوتّر والدماء المهراقة.

ليس التاريخ الحاليّ منفصلاً عمّا سبق، نحن ورثة لما تشأ، ورثنا نكبة فلسطين منذ ذلك التاريخ وتآخيتا معها، وما سعينا للتغلّب عليها لتتخدّر العقول وتتصحّر النقوس وتتصخّر القلوب، فأثبت العرب وكما قالت غولدا مائير سنة 1969 بعيد اعتداء جنودها الغاصبين على المسجد الأقصى في القدس الشريف "بانّ العرب أمّة فاشلة". حتى تلك العبارة الفاتكلة بمضمونها لم تستوقف العقول للتأمّل بها، لأن بعضها استورد أو تأسرل، أو استلذّ بتذوّق علقمها فرآه حلوًا في حلقه. القدس تتهوّد والمحيط العربيّ غارق في سويداء صراع المحاور، إلى أن وقف لبنان من خلال وزير خارجيته جبران باسيل في القاهرة سنة 2018 وحذّّر من انعكاس قرار ترامب على التاريخ والمستقبل بأسره، (العرب أمّة فاشلة)، وحذّر من استمرار تجذير الفشل عن طريق استبقاء الصراعات ببعيدها المذهبيّ والقوميّ. وحين قال ترامب بأنّ إسرائيل دولة اليهود القوميّة عاد لبنان بلسان جبران نفسه ليقف الموقف عينه، وليحذّر من الحركة الانسيابية لهذا التهويد على واقع الدول المحيطة، ولم يسمع أحد لخطاب العقل. فالسويداء تغلب العقل ومعظم العرب غارقون في ألفاظيات عشوائيّة، ولا تزال الجبريّة العمياء تسيّرهم، فيما يستعذبون استيراد المؤامرات بدمائهم وأجسادهم وثرواتهم على أرضهم ومحيطهم وشعوبهم.

مؤتمر البحرين في واقعه وانعطافه لم يظهر أمرًا جديدًا، فيما الاقتصاد العربيّ وبخاصّة الخليجيّ ليس للعرب، بل هو مستنزف من قبل دونالد ترامب، وسيبقى مستتزَفًا إلى أن تتكامل عناصر النظام الجديد للشرق الأوسط. فالجميع متوقّعون أن يكون بيع القدس الشريف هدفًا. لم تكن قولة الكاتب الإسرائيليّ غاي بيتشر سنة 2015 في صحيفة إيديعوت أحرونوت "لقد انتهى عصر النفط العربيّ وبدـ عصر العقل الإسرائيليّ" عابرة، بل هي قولة تأسيسيّة تكوينيّة بدأنا نلتمسها في مؤتمر البحرين ضمن حركة تراجيديّة واضحة لم يسبق لها مثيل. فالمؤتمر في طبيعته لم يعقد للتنمية الاقتصاديّة، فما شأن دونالد ترامب أو جاريد كوشنير بتمنية العرب وهم يستحلبونهم بالتذاذ شهوانيّ منتفخ حتى السّكر والبطر. بل عقد لتظهير متانة إسرائيل في اختراق الاقتصاد العربيّ وللتأكيد على بيع القضيّة الفلسطينيّة، وهي قد بدأت تباع شيئًا فشيئًا منذ سنة 1969 أي خلال أيلول الأسود، وحاولوا قتلها في لبنان بجذب منظّمة التحرير الفلسطينيّة إلى مواجهة مع المسيحيين في لبنان خلال سنة 1975، والسعي منذ ذلك الحين لضرب عصفورين بحجر واحد، ضرب القضيّة الفلسطينيّة من جهة وإيهام الفلسطينيين بأنّ لبنان البلد البديل ومن ثمّ تهجير المسيحيين منه ليحلّوا مكانهم. ألم يقل ياسر عرفات، طريق القدس تمرّ من جونيه؟ العرب والغرب بأجمعهم تآمروا منذ ذلك الحين على فلسطين ولبنان، كما تآمروا سنة 2011 على سوريا، لأن إسقاطها وتمزيقها يمزّق العراق ولبنان بما يرمزان إليه من فرادتين حضاريّة وتاريخيّة وتنوّع راق، وينهي فلسطين ويهتزّ العرش الهاشميّ ليكون الأردن المحطّة الأخيرة من لعبة سقوط حجارة الدومينو.

كلّ غاية مؤتمر البحرين تطويق إيران بفرض أمر واقع عليها من فلسطين إلى سوريا والعراق واليمن، في الوقت عينه إنّ هذا المؤتمر غير منفصل عن اللقاء الثلاثيّ الأميركيّ-الروسيّ-الإسرائيليّ، وقد بدا جون بولتون متشدّدًا أكثر من بنيامين نتنياهو ومندوبه مئير بن شابات. بتقدير المتابعين لم يكن كلام بولتون أو شابات او نتنياهو مهمًّا لأنّه تأكيد المؤّكّد، بل كان كلام المندوب الروسيّ نيكولاي باتروشيف لافتًا حين قال: "إن أمن إسرائيل يجب توفيره مع الأخذ في الاعتبار مصالح البلدان الأخرى في المنطقة"، يمعنى أنّ الجولان السوريّ عاد ليكون مدى للتفاوض مقابل ثمن غير معلن، ولكن بتقديرالخبراء قد يكون فك الارتباط الروسيّ-الإيرانيّ هو الثمن في سوريا. لقد تمّ الإعلان عن مجموعة اتفاقات غير معلنة بشأن سوريا في إسرائيل، وتعتبر المصادر بأنّ بعضها ناتج من صفقة واضحة بالنسبة للجولان وإدلب، إذ متى تحرّرت إدلب سيكون لروسيّا كلام آخر مع إيران، كما حاول نتنياهو الإيحاء بقوله بان إيران تعمل لإبادتنا مقابل كلام باتروشيف القائل بتوفير أمن إسرائيل، لم ينبثّ باتروشيف بكلمة واحدة حول مسألة صفقة القرن وبيع القضيّة الفلسطينيّة بل إنهائها ضمن شبكة عنكبوتيّة خطيرة، فهل روسيا قابلة بصفقة القرن، وما هو الثمن للقبول بها؟ السؤال الواجب طرحه والتأمّل به، أين موقع صفقة لقاء البحرين في اللقاء الثلاثيّ في إسرائيل، وبالتالي أين تكمن صلة الوصل، وهل تتحمّل سوريا ان تعقد الاتفاقيات وتعرض للتداول من دون أن يكون لها رأي قاطع بها، وإذا ما عرض عليها أن تطلب من إيران الخروج من سوريا فهل ستفعل ذلك؟

بين مؤتمر البحرين واللقاء الثلاثيّ في إسرائيل نقطتان مركزيّتان لا تنفصلان، النقطة الأولى وهي إيران في سوريا والخليج، بل من سوريا إلى الخليج، والنقطة الثانية وهي فلسطين من فلسطين إلى الجوار كلّه مع سحق آخر المبادرات العربيّة التي أطلقها المغفور له الملك عبدالله في قمّة بيروت العربيّة سنة 2002 من بني جلدته. ستولد من رحم التلاقي المركزيّ بين مؤتمر البحرين واللقاء الثلاثيّ في إسرائيل مجموعة تراكمات كميّة تشي بغيوم داكنة ستعبر من جديد إلى سماء المنطقة المشرقيّة على وجه التحديد، لتبدو المرتكز لخلط الأواق وأعادة ترتيبها من جديد بعيد انهمار المطر. مصادر متابعة ترى بأنّ المفردات الظاهرة بين البحرين والقدس تصبّ في خانة الضغط الأميركيّ المتزايد على إيران. سيكون اقتصاديًّا واجتماعيًّا وقد يؤول إلى ضغط أمنيّ في بعض المواقع حسب بعض المعطيات. لكنّ المؤكّد كما هو باد عند المراقبين بان ليس من استعداد أميركيّ لخوض حرب مباشرة مع إيران، فهي لن تتحمّبل كلفتها الغالية جدًّا وستنعكس ثورة على قرار ترامب في الانتخابات القادمة بحيث ينقلب عليه ناخبوه. ولهذا سيجد الصراع متنفّسه الطبيعيّ في العراق ولبنان.

لماذا العراق ولبنان؟

1-من حيث الجغرافيا هما مطلاّن حيويان على سوريا، إذ متى تمّ الإمساك بالعراق ولبنان تمّ تطويق سوريا من تلك النافذتين الحيويتين والدقيقتين.

2-من حيث الواقع لبنان والعراق لا يزالان مدى للتنافس السعوديّ-الإيرانيّ المتوتّر. وقد رأت بعض المصاد المتابعة بأنّ التوتّر أيل بالتصاعد حول العديد من المواضيع السياسيّة في البلدين، وقد ينعكس التوتّر فيهما إلى مزيد من الفوضى الخلاّقة تبدأ بحركة اعتراضات على أمور اجتماعيّة وما إليها لتتوسّع شيئًا فشيئًا محدثة الضجيج والشغب، من دون نسيان الدور القطريّ-التركيّ الداعم ضمنًا لاستبقاء الدور الإيرانيّ في كلّ من لبنان والعراق، وإن بقي هذا الدور عدائيًّا بوجه سوريا.

3-تخشى بعض الأوساط من عودة الأطروحات الطائفيّة والمذهبيّة للظهور تحديدًا على الأرض اللبنانيّة، لأن لبنان لا يزال حاجة لتكثيف التوتّرات عبر رفع منسوب الخطاب الطائفيّ والمذهبيّ، وهذا بحدّ ذاته أمر خطير ليس على المكوّنات اللبنانيّة بل على الفلسفة الميثاقيّة التي أمّنت الاستقرار بغطاء إقليميّ-عربيّ-دوليّ. ما يؤلم بأنّ الغطاء بدأ ينكشف شيئًا فشيئًا. وهو بدوره أمر خطير على حزب الله على وجه التحديد لكونه الذراع الرئيسيّة لإيران بحسب التوصيفات المعروفة، ممّا قد يحرجه بين لبنان وسوريا. الخشية كلّها بأن يعود الاصطفاف المذهبيّ إلى سابق عهده كما برز في العراق منذ سنة 2003 ومرّ في لبنان واستكمل في سوريا في الحرب عليها سنة 2011. وبنتيجة ذلك قد يصبح التوطين أمرًا واقعًا.

ختامًا لبنان يعيش في أدقّ مرحلة تاريخيّة تتجمّع فيها الأوراق لتحتدم الرؤى العاصفة تمهيدًا لبدء حقبة تسوويّة ليس اضحًا بعد ما إذا كان بمقدور الدول-الساحات أن تظلّ على ماهياتها أو سيكون لها ماهيّات جديدة بمعطيات مختلفة؟ الأسئلة مقلقة والأجوبة غامضة، ولبنان على وجه التحديد الحلقة الأضعف في تراكم الانعكاسات على أرضه. لكنّ له رئيسًا يملك الشجاعة والحكمة على التواصل الاستراتيجيّ مع إرهاصاتها وامتصاصها والعمل على حفظ الكيان اللبنانيّ ساطعًا في وسط العتمات، شامخًا في ظلّ السقطات، واحدًا في أتون التمزقات. هذا رجاء نبديه في وسط الالتهابات، عسى يشرق لنا نور جديد يبشرنا بسلام وطيد.

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •