HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

ماذا تريد أميركا من لبنان؟ (بقلم جورج عبيد)

17
OCTOBER
2020
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

جورج عبيد -

ماذا تريد أميركا من لبنان؟ هذا سؤال بديهيّ طرحه كثيرون، وتشعّبت الأجوبة عليه، من عدد من الكتّاب والمراقبين. القاسم المشترك في مجمل الأجوبة، بأنّ لبنان سيبقى بالنسبة للأميركيين كيان عبور transit entity، والمسلّمة الراقدة في اتفاق الطائف لبنان وطن نهائيّ Final homeland or State تمّ التسليم بها لفظًا، وقد قرأوه في مرحلة الحروب من أجل الآخرين Des guerres pour les autres (التعبير للمغفور له غسان تويني) على أنّه خطأ تاريخيّ Historical error، ولم تكن القراءة محض سوريّة، وإذا ساغ الاستطراد هنا، فإنّ عبد الحليم خدّام في زمن مضى استعمل هذه المألفة Synthése بصفته جزءًا من وصال أميركيّ-سعوديّ، كان له التأثير الكبير على مجريات الصراع الحروب في لبنان.
من عاد إلى الأدبيات الأميركيّة بحركيّتها الانسيابيّة والمتوثّبة لاكتشف، بأن لها همًّا واحدًا في كلّ المدى المشرقيّ، وهو أمن إسرائيل واستقرارها واستبقاؤها على أنها وجه أميركا المتبصّر والمخطّط والقارئ والمندمح. الثابت في تلك الأدبيات أمن إسرائيل فقط، وكلّ شيء حولها متبدّل ومتحرّك أو متغيِّر. والشيء البليغ فيها (أي الأدبيات)، أنها خالية من القيم والأخلاق كما قال مرّة السفير الأميركيّ السابق في دمشق روبرت فورد. ليس في السياسة الأميركيّة اصدقاء أو شركاء أو حلفاء. بل عندهم أجراء وجهلاء وعملاء. وحين يستعملون أحيانًا كثيرة لفظتيّ الصديق والحليف، فهذا من قبيل التودّد اللفظيّ، حيث تكمن في جوفيهما مآرب عديدة وخبيثة.
في مطالعاته العديدة، خشي الباجث الكبير المشرقيّ الإحساس والأستاذ في جامعة جورج تاون واشنطن داوود خيرالله رحمه الله، من تمادي الدور الأميركيّ في إبادة الدول عن طريق الثورات العبثيّة. واكتشف بأن العراق وسوريا ولبنان مشاريع لفوضى خلاّقة تعصف رياحها بطريقة هوجاء وزوبعيّة، وراهن رحمات الله عليه على صمود سوريا بجيشها، والتحوّل من الدفاع إلى الهجوم. وقد رأى بأنّ انتصارها يقضي على الآحاديّة الأميركيّة في هيمنتها المطلقة على المدى المشرقيّ ويبيح التعدّدية المتوازنة في استواء القوى المواجهة للآحاديّة الأميركيّة، فلا تبقى الخريطة المشرقيّة محتكَرةً منها.
قراءة خيرالله تحقّقت وتجسّدت بشكل كبير في سوريا مع بسط السلطة سيطرتها على ثلاثة أرباع أراضيها، بانتظار حسم الصراع في إدلب وشرقها أي على الحدود العراقيّة، وكشفت بأنّ التسوية في العراق للانتقال من ضفّة إلى ضفّة تجيء من الشراكة المتعدّدة بين مكوّناته، والقوى المؤثّرة عليه، ومن ثمّ الاتفاق على مركزيّة الدولة.
ما يجمع هذه الدول بالإضافة إلى فلسطين المحتلة (تاريخيًّا) والأردن بأنّها كيانات مركّبة. ولا يغفل على أحد بأنّ دول الخليج مركّبة بأنماط عائليّة، وقد سميت قديمًا بشبه الجزيرة العربيّة، ولها قلب آخر وهو الخليج الفارسيّ. لن نغوص في الأنماط التاريخانيّة Historisism التكوينيّة. حسبنا هنا أن نحدّد الرؤية الأميركية بشكل عام، لتتم الإجابة عن هذا السؤال ااوضح: "ماذا تريد أميركا من لبنان؟".
ثمّة خطّان متوازيان تتحرّك أميركا من خلالهما، وتوظّف بعض المنهجيات الممكنة لتحقيقهما، صمن هدفين واضحين
1-الهدف الأوّل: ضمان أمن إسرائيل وديمومتها ككيان ثابت وراسخ.
2-الهدف الثاني: ديمومة المصالح الأميركيّة في الاستثمارات النفطيّة والإعماريّة والإنتاجيّة.
أمّا الخطّتان المتوازيتان فهما:
1-خلق فوضى خلاّقة أمنيّة بواسطة أذرعتها في قلب الكيان المستهدف. والفو ضى الأمنيّة رحم لفتن مذهبيّة وطائفيّة وبنيويّة تشاء اجترارها في لبنان، وكتابة فصل آخر من صراع الحضارات لمؤلّفه صموييل هانتنغتون Samuel Huntington بوجه رؤية جديدة كسبها الرئيس ميشال عون من الأمم المتحدة وعنوانها: "لبنان مركزّ عالميّ لحوار الأديان والإنسان"، وقد عارضته أميركا وإسرائيل.
2-خلق فوضى خلاّقة اقتصاديّة وماليّة بواسطة أذرعتها الاقتصاديّة والماليّة قادرة على شلّ الكيان برمّته. وقد باتت تلك الآليّة مضمونة، وهي القادرة (بألّ التعريف) على تحقيق الهدف المنشود لها.
لقد بينّا، غير مرّة، في هذا الموقع وعبر أحاديث عديدة، بأنّ السبل الأمنيّة والعسكريّة لم تعد الوسيلة الناجعة، أمام واقع الحسم في سوريا بداءة، ومن ثمّ أمام قدرة المقاومة على تحقيق سرعة الانتشار وأمام ضعف الأذرع الداخليّة في تحقيق مصالح أميركا في الداخل.
لقد أثبتت أميركا ومن بعد فشل الفوضى الأمنيّة في تحقيق المآرب والأهداف، بأنّ مسار العقوبات سواء عبر قانون قيصر Cesar law أو عبر قانون ماكمينزي أو العقوبات الماليّة على حزب الله، هو الأنجع ما بين سوريا ولبنان. ويملك، بالتالي، القدرة التطويعيّة، إذا ما توسّع، على دفع اللبنانيين نحو الثورة والعصيان والانتفاضة بوجه مفهوم الرئيس القويّ المتمثّل بالعماد ميشال عون، وبوجه التناضح الجوهريّ والمتبادل بينه والمقاومة. همّ أميركا في هذا المجال، إعادة الاعتبار للكيان الإسرائيليّ الذي مني بالخيبة وأصيب بالفشل بفعل حرب تموز سنة 2006 خلال عهد أولمرت وعدم تكرار ذلك مع بنيامين نتنياهو، ومن ثمّ ضرب مفهوم التلاقي بين المسيحيّة المشرقيّة وفعاليّة المقاومة، وقد أنتجت تحوّلاً جذريًّا واستراتيجيًّا في الصراع مع إسرائيل، وفي الصراع مع القوى التكفيريّة في سوريا ممّا وطّد قيمة النصر عليها بالدعم الفعّال المقدّم للرئيس السوريّ بشّار الأسد.
مجموع القوانين والعقوبات غيّرت بالعمق التكتيكيّ والاستراتيجيّ معالم الحرب. الدولار-الشبح أمضى وأفتك من السيف والبارود والنار. استطاعت أميركا تحويله إلى شبح يعلو على المقامات والصراعات والعناوين ليصير العنوان الأبرز والموجع للبنان وسوريا، للبنانيين والسوريين. وهي بدورها، رابضة، في صندوق النقد الدوليّ IMF لتكثيف الضغط وتفعيله بغية ترسيم الحدود البحريّة والبريّة، ولتأمين القروض والمساعدات وفقًا لجدول شروط قاسية من ضمنه رفع الدعم عن المازوت والبنزين والطحين وكل المواد الغذائيّة.
بالدرجة الأولى ما تريده أميركا من لبنان، بفعل تكثيف تلك الضغوطات، أن يمضي نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل. أي الاعتراف بموجويتها كدولة قائمة وموجودة. في طبيعة هذه الدرجة، انطلقت الولايات الأميركية برؤيتها الزاخمة من جوهر الثورة المبيحة للفوضى، لتبلغ القمّة في الضغط يوم انفجار مرفا بيروت. كان المشهد يوم الثالث من آب شبيهًا بالملحمة الشعريّة للشاعر الإنكليزيّ توماس إليوت T.C Eliot وهي تحت عنوان الأرض اليباب" The waste land كان المرفا رمادًا وبيروت ركامًا.
معظم المعنيين لاحظوا دمويّة اللحظة وشدّتها، ولاحظوا نهاية مرفأ كان المطلّ الاستراتيجيّ في الملاحة البحريّة للشرق بأسره، فأتت النهاية لمصلحة مرفأ حيفا وأشدود ومرسين. ثمّ غلّفت السحب مشهد التطبيع الإماراتيّ الإسرائيليّ، والبحرينيّ الإسرائيليّ، وقد احتسبه الخبراء المنطلق لتسوية الصراع العربيّ-الإسرائيليّ. ثمّ لاحظوا في المقابل، الصمت السوريّ تجاه التطبيع، ليتبيّن في المحصّلة بأننا امام تأليف كتاب جديد بعنوان جديد يطوي الكتاب القديم بعناوينه الصداميّة القديمة.
ترنو الإدارة الأميركيّة إلى تحقيق التطبيع بين العرب وإسرائيل وبالتحديد بين لبنان إسرائيل، وربما التسوية بشموليّتها، في عهد الرئيس المسيحيّ والمشرقيّ القويّ العماد ميشال عون. يمهّد الأميركيون إلى انبثاث رؤيتهم بمجموعة مألفات ضخّوها، وضمّوها كباقة ورد وقدّموها للفريق المسيحيّ المتغربن، ليبثّها بجدليات سياسيّة وعقيديّة عنوانها الحياد والفدرالة، ليبدوا حجابين، أو حجابًا واحدًا يغلّف ويحجب هذا الهدف، بوجه رئيس لن يخذل الحقّ اللبنانيّ والعربيّ قبل إحقاقه وتثبيته، وقبل الرضى السوريّ والفلسطينيّ عليه، وقبل إنضاج حقّ العرب بالقدس الشريف، وليس بتكريس تسوية تقضي على كنيسة القيامة والمسجد الأقصى لصالح هيكل سليمان. وقد تلاقى الرئيس عون مع الرئيس الأسد بهذا القول: لن تكون لنا تسوية مع إسرائيل قبل الاعتراف بحقوقنا والانسحاب من الأراضي المحتلة بأسرها.
لقد قبل الرئيس ميشال عون بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لضمان حقّ لبنان بالنفط، ولضمان اعتراف إسرائيل بحقّ لبنان به. من المفيد أن يفهم القرّاء بأن ثمّة بونًا بين الرؤيتين الأميركيّة واللبنانيّة تجاه معنى التفاوض وهدفه. ذلك أنّ الأميركيين يحاولون بالترغيب والترهيب سحب لبنان نحو تسوية كاملة تطل الحدود كافّة، من بحريّة إلى بريّة لضمان الاختراق الإسرائيليّ، والضغط على سوريا لإحداث مجموعة تغييرات، مهدّدة لبنان وسوريا معًا بالاستمرار بالحرب الماليّة والاقتصاديّة، والتلويح ضمنًا بتحريك الخلايا النائمة تحت لواء أرذوغان بغية إحداث الشغب والفوضى. وتحاول أميركا، ومن هذه الزاوية، الإيحاء بأنها متفقة مع روسيا باتجاه ترسيخ تلك التسوية بصيغتها النهائيّة.
ما تريده أميركا من لبنان، الاستمرار بالضغط على بيئة الحزب بالتجويع والتطويع، وبالتهديد من ناحية أخرى بتلك الفوضى، وما تريده من لبنان الدولة الكفّ عن احتضان المقاومة، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين عن طريق توطينهم، وهي على ما يبدو، توحي بأن لبنان قد أمسى، وبصورة نهائيّة، في قبضتها بالاتفاق مع روسيا.
هل سيقبل الجميع بمفاهيمها؟ ثمة جواب واضح. لن ينجو الضغط الأميركيّ، إن ذهب بعيدًا، من انقلاب يجهضه ويعيد رسم الخريطة اللبنانيّة من قبل من بيده السلاح، حينئذ سيخسر الأميركيّ موجوديته في لبنان والمشرق وقد يخشر بدوره صفقة القرن. ولن ينجو من صلابة الرؤية الاستراتيجيّة الجامعة بين مسيحية مشرقية يمثّلها الرئيس ميشال عون ومقاومة لا تزال على الرغم من وهن الأوضاع متوشحة بالنصر. وفي غالب الظن، لن تتبلور المواقف بصيغتها النهائيّة قبل الانتخابات الرئاسيّة الأميركية وإمكانية التلاقي الأميركيّ-الإيرانيّ ضمن تسوية ثنائيّة تكون الرحم لتسويات المنطقة، ولتسوية الصراع العربيّ-الإسرائيليّ.
إلى ذلك الحين، ستتكثّف الضغوطات، وبداءة الانقلاب عليها، إعادة تعويم الورقة الفرنسيّة، وإقالة رياض سلامة من منصبه ومحاكمته مع سليم صفير أمام القضاء المختصّ حتى لا يبدو أقوى من الدولة. ليفهم المعتدون والضاغطون، أن أرز لبنان وشعبه شوكة في حلوقهم جميعًا، إن حاولوا ابتلاعه.
وفي الختام، لا بدّ من توجيه التهنئة للصديق الحبيب اللواء عباس إبراهيم، مدير عام الأمن العام، على هذا التكريم الذي حظي به في الولايات الأميركيّة المتحدة. والآمال معقودة عليه لتوضيح العلاقة بكلّ تجلياتها وأبعادها ومعانيها وعناوينها بين البلدين. إنه واحة رجاء نتكلّ ونعقد الآمال عليها لكي تنضج التسويات متوازنة وباحترام كبير لتاريخ نضالاتنا ولدماء شهدائنا، ولمشرق يعلو بإله واحد للجميع.
صديقي اللواء... تكريمك بارقة أمل في العلاقة اللبنانيّة-الأميركيّة التي نرجو أن تخرج من أقبية الزبائنيّة إلى بهاء الحقّ الساطع والراسخ فينا، وأنت مستحق لكلّ تكريم ووفاء ومحبة.

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •