HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

الجراد والمجاعة ولبنان كل مئة عام (د.جيرار ديب)

7
MAY
2021
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-
الجراد والحصار والجوع، مفاهيم علقت في ذاكرة اللبناني منذ أكثر من مئة عام، ولم تزل حاضرة أمامه، كلما سمع بواحدة منها، يصيبه رهاب الموت. وكأنّ قدر لبنان، أن يعيد التاريخ أحداثه بعد قرن من الزمن، فهل هي أحداث تاريخية تُعاد تلقائيًا؟ أم أنّها نتيجة جهل مسؤوليه، وتدخّل أفرقائه في صراعات إقليمية لا طائل منها؟ أم هناك مؤامرات دولية على لبنان لدفعه نحو التوطين والتطبيع؟ 
 
عرفت متصرفية جبل لبنان إبان الحرب العالمية الأولى، عام 1915، حصارًا محكمًا حين منع جمال باشا، قائد الجيش الرابع للإمبراطورية العثمانية، دخول المحاصيل إلى جبل لبنان من المناطق السورية المجاورة. إضافة إلى حصار جمال باشا، اجتاحت سماء لبنان، من ناحية المناطق السورية المجاورة، أسراب الجراد التي التهمت المحاصيل المتبقية من تلك التي تمّت مصادرتها من الجيش العثماني لمدة ثلاثة أشهر. وكي يكتمل المشهد، حاصر الغرب المنطقة برمّتها، بهدف التضييق على الجيش العثماني، فانقطعت المؤن، ومات ثلث سكان جبل لبنان جوعًا.
 
في قراءة لواقع لبنان اليوم، نرى وكأنّ التاريخ بدأ يعيد نفسه، مع الحدث الذي جاء من الشرق، حيث  الآف المؤلفة من أسراب الجراد الوافدة عبر سوريا، شمالًا، وربما أبعد لتصيب مزروعات البقاع الموسمية وغير الموسمية بدءًا من بلدة عرسال الحدودية. وقد حذّر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى، من أنّ التغيير المفاجئ في المناخ أدّى إلى تغيير مسار أسراب الجراد وسرعة دخولها إلى الأجواء اللبنانية، محذرًا من أنها في مرحلة التكاثر. وأردف قائلًا، إنّ هذا التحدي يجب ألا يستهان به، وإنّ أي تساهل قد يجعلنا غير قادرين على مكافحة تكاثرها.
 
الكارثة ليست هنا فقط، بل بوضع لبنان المهترئ حيث رسمت مصادر دبلوماسية أوروبية صورة سوداء حول مستقبل الوضع في لبنان، وقالت إنّه لم يعد أمام أصدقاء لبنان ما يقدمونه، فقد حاولوا واستنفدوا كل نصائحهم وتمنياتهم على القادة، وكان فعلهم محبطًا لكل ذلك. وأكدت المصادر أنّ المجتمع الدولي بات ينظر إلى لبنان بعينين: عين الحزن على لبنان والشفقة على اللبنانيين، وعين ماقتة لمنحى التعطيل المتعمد الذي يمعن فيه سياسيون ومسؤولون رسميون في لبنان، مثبتين في ذلك عدم تحسسهم ممّا أصاب اللبنانيين.
 
صحيح أنّ لبنان عانى الأمرين خلال الحرب العالمية الأولى، ولكن معاناته كانت مشتركة مع سائر البلاد العربية، لدرجة أنّ دخول الملك فيصل بجيشه العربي اعتبر خلاصًا للبنانيين. أمّا اليوم، فإضافة إلى الضغوطات والعقوبات الغربية على لبنان، وعجز الدول الشرقية عن تقديم أي دعم له ولو معنويًا، لأنها هي أيضًا تتخبط بأزماتها، هناك عزلة عربية، وغياب تام لأي احتضان عربي، سياسي واقتصادي، مردّه بحسب مصادر عربية إلى تدخل حزب الله في الشؤون الإقليمية، تحديدًا في اليمن التي باتت الجماعات الموالية لإيران والمدعومة من الحزب هي التي تحدّد مصالح المملكة الحيوية، النفطية والسياحية معًا.
 
ومن أشكال الحصار، ما صرّحت به وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية، بإعلانها اقفال حدودها بوجه صادرات لبنان الزراعية، الأمل المتبقي للمزارع كي يستطيع تصريف مزروعاته، بعدما أغرقت البلاد بمزروعات بأسعار إغراقية من الخارج. وقد برّرت المملكة العربية السبب بعمليات تهريب المخدرات إلى أراضيها. الأمر لم يتوقف هنا، بل أعربت دول خليجية، لاسيما البحرين والكويت، عن تأييدها قرار السعودية حظر دخول الخضار والفواكه من لبنان أو عبورها من أراضيها نظرًا لاستغلالها في تهريب المخدرات.  
 
بقراءة هادئة، صحيح أنّ تشابه الأحداث بين الأمس واليوم واضح، ولكن الأكيد أنّ مجرياتها لن تكون ذاتها. فبعد التحرر من الهيمنة العثمانية، أوصل الإنتداب الغربي، بكلّ سيئاته، إلى إقامة دولة لبنان الكبير، وبدأت الحياة العامة والسياسية تسير على خطى بناء مفهوم الدولة.
 
أمّا اليوم، ومن يستمع إلى تصاريح المسؤولين الغربيين، وآخرها ما صدر عن الخارجية الأميركية، بتصنيف لبنان على أنه "دولة فاشلة"، أو ما يكرره باستمرار وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، عن إنهيار وشيك لكيان لبنان، دون أن ننسى عبارة الرئيس ميشال عون الشهيرة، بأننا ذاهبون إن استمرينا على ما نحن عليه إلى جهنم، وعلى ما يبدو فقد وصل لبنان إليها؛ جميعها تصاريح تنذر بخطر ضياع الهوية والكيان في لبنان، في ظلّ منطقة تتخبّط فيها الصراعات على مختلف أنواعها، وتتسابق إلى تفتيتها الدول اللاعبة على أراضيها، بنيّة إعادة بناء شرق أوسط يتناسب مع مصالحها القومية.
 
أمام كل التحديات والعقوبات والضغوطات، ووسط جهل مسؤولي هذا البلد، يبدو أنّ لبنان لم يزل يعيش حالة المخاض قبل الولادة. ولكنّ الولادة قد تطول، سيما وأن لا أفق في تقديم الحلول، ولا حتى يريد اللبناني مساعدة ذاته، للخروج من هذا النفق المظلم، بالإقدام على الخطوة الأولى وهي تشكيل حكومة إنقاذية. لذا، يبقى السؤال: الأحداث تتكرّر ولكن ماذا عن المصير المنتظر للبنان؟
د.جيرار ديب
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •