A
+A
-بعد البصمة القوية للذكاء الاصطناعي في العام 2024، يتوقع الخبراء أن يشهد العام 2025 تطورات غير مسبوقة في هذا المجال؛ فمع التقدم التكنولوجي السريع، أصبحت التطبيقات المختلفة للـ AI تلامس جوانب حياة الناس اليومية.
وفي ظل هذا التطور، يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد دخل في مرحلة جديدة من الابتكار، مما يجعل التساؤل حول ما قد يحمله المستقبل في هذا المجال أكثر إلحاحاً.
في 2025، قد نشهد طفرة في الذكاء الاصطناعي تركز على دمج تقنيات التعلم العميق مع القدرة على معالجة البيانات الضخمة بشكل أكثر كفاءة، ومن شأن هذه التطورات أن تؤدي إلى حلول متقدمة في معالجة النصوص والصور والفيديو، مما يعزز بشكل كبير من قدرات النماذج اللغوية في التفاعل مع البشر.
ومن المتوقع -بحسب خبراء مختصين في تصريحات متفرقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية- أن تنمو استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية الذكية، وحتى المجالات الإبداعية مثل الموسيقى والفن.
أما عن السؤال المهم حول وصول الابتكار في الذكاء الاصطناعي إلى ذروته في 2025، فإن الإجابة ليست واضحة تماماً. رغم أن التوقعات تشير إلى تقدم هائل، إلا أن هناك العديد من العقبات التقنية والأخلاقية التي قد تؤثر على سرعة هذا التطور. يشمل ذلك التحديات المرتبطة بالتحكم في الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمان. لذا، قد لا نكون أمام ذروة الابتكار في الذكاء الاصطناعي في 2025، بل مرحلة جديدة من الابتكار المستمر والتطور المدروس.
في هذا السياق، يشير تقرير لـ theconversation، إلى أنه في العام 2024، واصلت تقنيات الذكاء الاصطناعي تحقيق خطوات كبيرة ومفاجئة نحو الأمام، وقد شهد الناس تحولاً في طبيعة تفاعلهم مع الذكاء الاصطناعي.
في هذه الأثناء، تجاوزت قيمة شركة OpenAI، المطورة لـ ChatGPTالـ 150 مليار دولار أميركي، وأعلنت أنها على وشك تطوير نظام ذكاء اصطناعي متقدم يتجاوز القدرات البشرية. وبالمثل، قدمت شركة DeepMind التابعة لغوغل خطط مماثلة.
هذه الإنجازات ليست سوى جزء من محطات رئيسية شهدتها تقنية الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي، تؤكد جميعها ليس فقط على الحجم الهائل الذي بلغته هذه التقنية، بل أيضاً على تأثيرها الجذري في مجموعة واسعة من الأنشطة الإنسانية.
ويشير التقرير إلى "ما الذي يمكن أن نتوقعه في عالم الذكاء الاصطناعي خلال عام 2025؟"، معدداً بعض الأمور الجوهرية، وهي كالتالي:
الشبكة العصبية: قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي ستزداد بشكل متوقع مع زيادة حجم هذه الأنظمة وتدريبها على بيانات أكثر. وقد أسهمت "الشبكة العصبية" في الانتقال من الجيل الأول إلى الثاني من النماذج التوليدية للذكاء الاصطناعي.
تحدي بيانات التدريب: تعتمد معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية على كميات هائلة من البيانات للتدريب، ولكن هذه البيانات بلغت حداً حرجاً حيث تم استنفاد أغلب المصادر عالية الجودة.. في ظل هذا التحدي، بدأت الشركات في إجراء تجارب لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي نفسه. ومع ذلك، فإن هذه الطريقة تواجه تحدياً كبيراً بسبب نقص الفهم حول "التحيزات الاصطناعية" الجديدة التي قد تزيد من تفاقم التحيزات الموجودة مسبقًا في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
الروبوتات: أعلنت شركة تسلا هذا العام عن تطوير روبوت بشري مدعوم بالذكاء الاصطناعي يحمل اسم Optimus، قادر على أداء عدد من الأعمال المنزلية.. وفي العام 2025، تخطط تسلا لنشر هذه الروبوتات في عملياتها الداخلية في قطاع التصنيع، مع بدء الإنتاج الضخم للعملاء الخارجيين في عام 2026... أما شركة أمازون، ثاني أكبر صاحب عمل خاص في العالم، فقد قامت بنشر أكثر من 750 روبوت في عمليات مستودعاتها، بما في ذلك أول روبوت متنقل مستقل قادر على العمل بجانب البشر.
التنظيم: تخطط إدارة الرئيس الأميركي المنتخب حديثًا دونالد ترامب للتراجع عن الجهود الرامية لتنظيم الذكاء الاصطناعي.. ستعمل إدارة ترامب أيضاً على تطوير سياسة سوق مفتوحة، تُشجع احتكار الذكاء الاصطناعي والصناعات الأميركية الأخرى على تبني أجندة ابتكار جريئة. كذلك سيبدأ تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي عام 2025.
إنتاجية أماكن العمل: من المتوقع أن تستمر أماكن العمل في الاستثمار في تراخيص أنظمة الذكاء الاصطناعي المساعدة، حيث أظهرت التجارب الأولية أن هذه الأنظمة يمكن أن تعزز الإنتاجية بشكل كبير.
علامة فارقة
من جانبه، أكد استاذ علم الحاسوب والخبير في الذكاء الاصطناعي، الدكتور حسين العمري، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
العام 2024 شكل علامة فارقة في مجال الذكاء الاصطناعي بفضل التقدم الكبير في تقنيات التعلم الآلي وتطوير نماذج اللغة الكبيرة.
كما شهد العام توسعاً ملحوظاً في استخدامات الذكاء الاصطناعي عبر مختلف الصناعات مثل الرعاية الصحية التعليم والتمويل.
شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وغوغل، وشركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية الناشئة أوبن إيه آي، قادت هذا التحول عبر تقديم أدوات ومنصات مبتكرة عززت الإنتاجية وسرّعت وتيرة الابتكار.
وأفاد بأن شركات التكنولوجيا استفادت بشكل كبير من زخم الذكاء الاصطناعي، على النحو التالي:
تحسين الإنتاجية: شركات مثل مايكروسوفت أضافت تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى برامجها، مما يساعد الشركات على تحسين الكفاءة الإنتاجية.
الذكاء الاصطناعي التوليدي: أوبن إيه آي عبر منصات مثل ChatGPT دفعت نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى، مما جذب اهتمام الشركات لتطبيق هذه التقنيات في التسويق وخدمة العملاء.
التعلم العميق: غوغل ونظام Gemini وDeepMind قدمت ابتكارات في التعلم العميق، محققة تطورات في الترجمة الآلية والرؤية الحاسوبية.
وفي ضوء ذلك، تحدث العمري عن مستقبل الزخم في الذكاء الاصطناعي*، مشدداً على أن الابتكار في الذكاء الاصطناعي لم يصل لذروته بعد، مضيفاً: هناك اتجاهات رئيسية ستقود المرحلة المقبلة:
النماذج القابلة للتفسير: تطوير نماذج أكثر شفافية لفهم القرارات التي تتخذها أنظمة الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي المسؤول: التركيز على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وحماية الخصوصية.
التوسع في التطبيقات: مجالات جديدة مثل الطب الشخصي والقيادة الذاتية ستكون الساحة التالية للابتكار.
واختتم الدكتور العمري تصريحه بالقول إن العام 2024 كان عاماً مفصلياً، ولكنه يمثل فقط بداية لتحولات أكبر؛ ذلك أن المستقبل يحمل فرصاً هائلة لتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً تلبي احتياجات المجتمعات والشركات بشكل أوسع وأكثر كفاءة.
Tech for Non Techies: الذكاء الاصطناعي فرصة للشرق الأوسط
اندماج أعمق
خبير تكنولوجيا المعلومات من الولايات المتحدة، أحمد بانافع، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن العام 2024 كان بالفعل عاماً فاصلاً في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث شهدت التكنولوجيا تقدماً كبيراً واندماجاً أعمق في حياتنا اليومية وقطاعات الأعمال المختلفة، مشدداً على أن هناك عدة عوامل جعلت هذا العام محورياً في قيادة الابتكار، على النحو التالي:
التوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي: شهدنا تطوراً هائلاً في تقنيات مثل النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، مما أدى إلى تحسينات في مجالات مثل كتابة المحتوى، الترجمة، التصميم، وحتى البرمجة.
التكامل مع الصناعات التقليدية: استفادت قطاعات مثل الرعاية الصحية والسيارات والتعليم من حلول AI مخصصة لتحسين الكفاءة وتوفير خدمات متميزة.
استفادة شركات التكنولوجيا الكبرى: الشركات التقنية الكبرى استثمرت بشكل كبير في بناء بنى تحتية أقوى وقدرات حوسبة أعلى. على سبيل المثال: أوبين إيه آي قدمت نماذج أكثر تقدمًا لقطاع الأعمال، كذلك غوغل عززت حضورها بدمج تقنيات AI في منصات مثل غوغل كلاود.
الاستحواذات والشراكات: شهدنا موجة من الاستحواذات لتقنيات مبتكرة، مما ساعد على دمج AI بسرعة في المنتجات والخدمات.
التركيز على الحوسبة السحابية: ازدهار خدمات AI كخدمة (AI-as-a-Service) أسهم في توسيع نطاق استخدامها بين الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى الرغم من التقدم، كانت هناك مخاوف من الاستغلال غير الأخلاقي للتقنيات (مثل التزييف العميق) والآثار الاجتماعية، مما دفع الحكومات لمناقشة تنظيم الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.
ولا يعتقد بانافع بأن الذكاء الاصطناعي قد وصل إلى ذروته بعد، موضحاً أن الـ AI لا يزال في مراحل تطور ديناميكية، كما أن الابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي العاطفي، والروبوتات الذكية، عوامل تشير إلى أن الزخم سيستمر.
القيود والتحديات: التطور المستدام يعتمد على التغلب على تحديات مثل تكلفة الطاقة والبنية التحتية المطلوبة لتدريب النماذج.
الفرص المستقبلية: مع استمرار الاستثمار في البحث والتطوير وتوسع حالات الاستخدام، من المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا أكبر في تعزيز الابتكار في الأعوام المقبلة.
هل يستطيع قطاع الذكاء الاصطناعي حل معضلة استهلاك الطاقة؟
تحول جذري
بدوره، نوهالخبير التكنولوجي، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" بأن العام 2024 شهد تحولاً جذرياً في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح هذا القطاع عاملاً محورياً في تعزيز الابتكار على مستوى العالم، مؤكداً أن العام تميز بتبني الشركات الكبرى لتقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في مجالات مختلفة، من بينها الأتمتة الذكية وتحسين تجربة العملاء، وتطوير منتجات وخدمات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المستخدمين.
وأشار إلى أن من أبرز العوامل التي أسهمت في دفع هذا الزخم، التقدم الكبير في النماذج اللغوية الضخمة مثل GPT وPaLM، فضلاً عن هيمنة الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج المحتوى المرئي والمسموع والنصي، موضحاً أن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات أخرى مثل إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية كان له دور كبير في تعزيز الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف للشركات.
وأضاف أن جهود التنظيم الدولي للحد من المخاطر المرتبطة بالخصوصية والأمن لا تزال مستمرة، لكن التقدم التكنولوجي المدفوع بتطور الحوسبة الكمية وزيادة الطلب على الحلول الذكية يجعل الزخم في القطاع في تصاعد مستمر.
وشدد الحارثي على ضرورة معالجة القضايا الأخلاقية والتنظيمية، مشيراً إلى أن القطاع قد يواجه تحديات في حال إهمال هذه الجوانب. واختتم حديثه بتوقعاته للمستقبل، حيث يرى أن الاستثمارات في أبحاث الذكاء الاصطناعي الأخلاقي ستشهد نمواً ملحوظاً، مع تركيز متزايد على الحلول المتخصصة وتعزيز التعاون بين الحكومات والشركات لتحقيق توازن بين الابتكار والمسؤولية.