A
+A
-ثيمتلك العراق واحدة من أكبر الثروات النفطية والغازية في العالم، حيث يحتل المرتبة الثانية في إنتاج النفط ضمن منظمة "أوبك". تبلغ احتياطاته النفطية 148 مليار برميل، بقيمة تقدر بـ10.6 تريليون دولار، فيما تصل احتياطاته من الغاز الطبيعي إلى 132 تريليون قدم مكعبة، تقدر قيمتها الحالية بـ514 مليار دولار. وبلغت صادرات النفط العراقية في عام 2024 نحو 99 مليار دولار، ما يعكس أهمية هذا القطاع في الاقتصاد الوطني.
رؤية طموحة لزيادة الإنتاج رغم العقبات
تسعى الحكومة العراقية إلى رفع إنتاجها النفطي من 4 ملايين برميل يوميًا حاليًا إلى 6 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2029. لتحقيق هذا الهدف، تعمل الدولة على تطوير 29 مشروعًا في 12 محافظة عراقية.
ورغم هذه الطموحات، يؤكد المستشار والخبير الاقتصادي عادل الدلفي خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية، أن العراق يواجه "عقبات كبيرة" تحول دون تحقيق هذه الأهداف، مشيرًا إلى أن البنية التحتية لقطاع النفط بحاجة ماسة إلى التحديث، خصوصًا في ما يتعلق بخطوط الأنابيب، محطات التصدير، ومستودعات التخزين.
"هناك تحديات جوهرية تعرقل زيادة الإنتاج، أبرزها البيروقراطية المعقدة التي تؤثر على العقود الاستثمارية، إضافة إلى الوضع الأمني الذي قد يشكل عائقًا أمام جذب الشركات الأجنبية"، بحسب الدلفي.
ورغم هذه التحديات، استقطب العراق استثمارات ضخمة من شركات عالمية، إذ استثمرت "توتال إنرجيز" الفرنسية 27 مليار دولار في مشاريع الطاقة، فيما استثمرت "بي بي" البريطانية 25 مليار دولار، إلى جانب استثمارات كبرى من شركات صينية، أبرزها "سينوبك" و"سينوك" و"بتروتشاينا". كما أن العراق فتح الباب أمام الشركات الأميركية، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء عبر هذه الاستثمارات.
يضيف الدلفي: "التعاقدات مع هذه الشركات خطوة مهمة، لكنها ليست كافية. نحن بحاجة إلى إصلاحات جذرية تضمن توفير مناخ استثماري آمن وجاذب، إضافة إلى سن تشريعات أكثر مرونة تعزز ثقة المستثمرين".
تحولات في السياسة الطاقوية: نحو تنويع مصادر الطاقة
في ظل العقوبات الأميركية على إيران، اتجه العراق إلى تنويع مصادره الطاقوية وتقليل اعتماده على الغاز الإيراني المستورد. يوضح الدلفي أن العراق يمتلك "حقول غاز هائلة، مثل حقل عكاز باحتياطي يقدر بـ6.5 تريليون قدم مكعب، وحقل المنصورية"، ما يتيح له فرصًا كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
148 مليار برميل احتياطي العراق من النفط
كما بدأ العراق تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، تشمل الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب الربط الكهربائي مع دول الجوار. وأشار الدلفي إلى أن الحكومة أطلقت برامج لدعم المواطنين في تركيب أنظمة الطاقة الشمسية عبر قروض ميسرة.
العراق يقلل من حرق الغاز ويتجه نحو التصدير
يُعد العراق أحد أكبر الدول التي تحرق الغاز المصاحب، حيث كان يحرق نحو 18 تريليون قدم مكعبة سنويًا حتى عام 2023، ما تسبب في خسائر اقتصادية وتلوث بيئي. لكن في ظل الإصلاحات الأخيرة، تمكن العراق من تقليل نسبة حرق الغاز إلى 67%، ويطمح للوصول إلى 80% بحلول نهاية 2024، على أن يصبح مصدرًا للغاز بحلول عام 2027.
كنز في العراق قيمته تريليونات الدولارات
"إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن العراق سيكون قادرًا على تصدير الغاز، مما يعزز من مكانته الاقتصادية ويدعم الاستقرار الطاقوي في المنطقة"، وفقًا للدلفي.
المستقبل الاقتصادي للعراق: فرص واعدة أم تحديات مستمرة؟
مع هذه التحولات، يبدو مستقبل العراق الاقتصادي واعدًا، لكن نجاح هذه الخطط يتوقف على مدى قدرة الحكومة على إزالة العوائق الاستثمارية، وتعزيز الاستقرار الأمني، وتحقيق إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة. ويبقى السؤال: هل سيتمكن العراق من تحقيق نهضته الاقتصادية، أم أن التحديات ستبقى عائقًا أمام طموحاته؟