ودعت بلدة كفرذبيان المفتش الأول في الجمارك رنا البعينو في مأتم رسمي وشعبي مهيب، وقد ترأس ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي النائب البطريركي المطران رفيق الورشا الصلاة الجنائزية في كنيسة مار افرام الرعائية، وعاونه المطران بولس روحانا ولفيف من كهنة كفرذبيان.
وكان نعش الراحلة وصل إلى مسقط رأسها عند الخامسة عصرا، حيث حمل على الأكتاف، على وقع عزف النوبة وإطلاق المفرقعات النارية، ثم أدخل الى الكنيسة.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران الورشا الرقيم البطريركي، وجاء فيه: "كم هي مؤلمة هذه المصيبة، ليس فقط لأن عزيزتكم رنا تغيب، تاركة ثلاث بنات طفالى، كن لها الكنز الاثمن، ولكن بخاصة لان زوجها شربل نقولا الهبر هو المتهم الواضح والوحيد بقتلها، فإنا نسمع صدى صوت الله لقايين يتردد اليوم: شربل، شربل، أين زوجتك رنا ام بناتك؟ (راجع تك 4:9)".
أضاف: "اننا نشاطركم اليوم الحزن الشديد ونصلي معكم ومن اجلكم، معكم نصلي لراحة نفسها في الملكوت السماوي، وهي شهيدة الامومة المسؤولة، ومن اجلكم نصلي ليعزي الله قلوبكم الجريحة جرحا بليغا، ويملأ فراغ البيت الصعب الذي تعيشه البنات الثكالى. ونصلي ايضا معا الى الله متسائلين: يا رب الى متى هذا الاستهتار بوصيتك: "لا تقتل!" وبقدسية الحياة التي انت وحدك سيدها ومصدرها تأتي بها الى العالم وتخرجها منه ساعة تشاء؟ والى متى هذا الاستهتار بكرامة الشخص البشري الذي خلقته على صورتك ومثالك (تك 1:26)؟ وهذا التعدي والتعنيف المعنوي والجسدي من الرجل على زوجته متناسيا انك جعلتهما في سر الزواج واحدا لا اثنين (متى 19: 5 -6)؟ وانك في الاساس خلقت المرأة من ضلع الرجل، فهتف بلسان آدم عندما رآها:"هذه الان عظم من عظامي ولحم من لحمي (تك2:22-23)".
وتابع: "باسم هذه الشريعة الالهية، نطالب معكم الدولة، وتحديدا القضاء، بكشف حقيقة هذه الجريمة النكراء وانزال اشد العقوبة بالقاتل ووضع حد بالقوة والردع لجرائم القتل المستسهلة عندنا، لكي لا تسود مكان الدولة والقضاء شريعة الثأر وتغطية المجرمين".
وأردف: "المرحومة رنا التي نودعها معكم بالاسى والصلاة قيمة مضافة بتربيتها على القيم الانسانية والاخلاقية في بيتها الوالدي، بيت السيد جوزيف طانيوس البعينو من كفرذبيان العزيزة، والسيدة تريز كميل غياض، وبالعلم والثقافة اللذين تلقتهما في مدرسة سيدة اللويزة، وبشهادة الحقوق بإمتياز من الجامعة اللبنانية، وبما تميزت به من مهارة وأمانة بممارستها وظيفتها في الجمارك اللبنانية التي نسجت فيها احسن علاقات مع الادارة ومع زملائها. وفوق ذلك، تميزت بأمومتها المسؤولة والمضحية في سبيل اسعاد بناتها الطفالى، فارتضت التضحيات والاهانات والعذابات من اجلهن وحمايتهن".
وختم: "بميتتها المرة، تشرب كأس الام الفداء مع المسيح الفادي، ونحن كلنا نرجو لها ان تنعم بفرح قيامتها، وان تنال اكليل الشهادة للامومة المسؤولة، وتكون لاسرتها عند الله الديان خير شفيع. على هذا الامل، وإكرما لدفنتها وإعرابا لكم عن عواطفنا الابوية، نوفد اليكم اخينا سيادة المطران يوحنا رفيق الورشا معاوننا ونائبنا البطريركي السامي الاحترام ليرأس بإسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسها، وينقل اليكم جميعا تعازينا الحارة. تغمد الله روح فقيدتكم الغالية بوافر الرحمة، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء".
وفي الختام، ووري جثمان الراحلة في مدافن العائلة، التي تقبلت التعازي في صالون الكنيسة، على ان تستمر في تقبل التعازي يوم غد السبت من الأولى بعد الظهر حتى السادسة مساء.