بقلم سيروج أبيكيان -
يشهد الوضع الراهن في المنطقة تصعيد التوتر بين القوى الاقليمية على امتداد جغرافي ليس بصغير، وابرز هذه التوترات هي المعارك الدائرة بين الجيش السوري والجيش التركي داخل الاراضي السورية حيث تواجد تركي منذ عدة اعوام.
اضحت الخسائر كبيرة في الارواح على وجه الخصوص، فمن الجانب التركي هناك وقائع واقرارات تدل على فضاحة الخسائر البشرية والمادية من تدمير الآليات العسكرية في الميدان، مما ادى الى عقد اجتماع امني طارئ وعد فيه رجب طيب اردوغان بالرد العنيف على كل هجوم على المواقع العسكرية التركية، كما طلب مساعدة الناتو. اما المساعدة فأتت من اسرائيل التي نفذت عمليات قصف في الجنوب السوري وانتهكت الاجواء وصولاً الى دمشق. الى جانب تحريك الدول تحرّكت المجموعات الارهابية المدعومة من تركيا، وفي سياق الرد تم المس بالمنطقة الاكثر اماناً في سوريا بتفجيرين في اللاذقية، وبالتالي تهديد المجال الروسي.
بصورة عامة من المتوقع ان يؤثر هذا المشهد، في حال استمراره، على الداخل اللبناني المتأزم، وذلك بهدفين: الاول محاولة الضغط على سوريا من كافة النواحي والجهات والمجالات الممكنة، وثانياً: الضغط على حلفاء سوريا وعلى وجه الخصوص حزبالله، للعودة الى مقولة ان التدخل الحزب في الصراع في سوريا يجر الخلاف الى الداخل اللبناني.
فما هي السيناريوهات الممكنة؟
من المسلّم ان تركيا ستحاول كما اشرنا اللجوء الى كافة الوسائل الممكنة، وهي واضحة من حيث الممارسات ، من الممكن ان تحرّك ودائعها في لبنان، وخاصة ً بعد ان تمّت (البروفات) منذ فترة وجيزة وابدت عن جهوزية للوصول حتى الى العاصمة ولو بالطرق السلمية، كتنظيم مظاهرات احتجاجية قد تصل الى امام السفارة السورية تحت عناوين مطلبية مختلفة مع اشراك اعداد من اللاجئين السوريين المعارضين للنظام السوري.
من السيناريوهات المحتملة ايضاً، والذي هو اخطر، هو اعادة احياء ما تم القضاء عليه في لبنان والذي تم اعادة تفعيله في سوريا، وهو تفعيل الاعمال الارهابية. اي اعادة تفعيل الجبهة اللبنانية من جديد وارسال المقاتلين من خلال المرور بالحدود اللبنانية للقتال ضد النظام في سوريا، ويكون هذا العمل ذو بعدين، بعد داخلي لبناني يضغط على حزب الله ويقلق الحكومة، وبعد آخر يضغط امنياً وعسكرياً على سوريا.
وثالثاً، من الامور الخطيرة ايضاً، حدوث عمليات تضرب امن مخيمات اللاجئين السوريين، بهدف جر السوري للتدخل لحماية حاملي الجنسية السورية والموجودين في لبنان، خاصةً في حال المباغتة وعدم تمكن الدولة اللبنانية في احتواء الامر بسرعة مطلوبة. وعندما نقول عن تدخل سوري لانعني بالضرورة التدخل العسكري ولكن تدخل دبلوماسي او المطالبة بتنسيق علني في احتواء المشاكل في الداخل اللبناني التي قد تلحق الضرر بها دولةً وشعباً.
كما يدور في الاروقة السياسية كلام عن عملية خاطفة سريعة استباقية تجنّبنا من هذه الاحداث المحتملة والمتوقعة.
فمن المحتّم ان تحرّك تركيا ودائعها في كل الدول الممكنة في ظلّ استمرار التقدم العسكري السوري في الميدان، ونعلم ان في لبنان قد ظهرت هذه الودائع في عدّة مناسبات، وقد يقودها مسؤولون لبنانيون حاليون وسابقون. فما هي الجهوزية اللبنانية من هذه السيناريوهات للاستمرار في ابعاد المواجهات الخارجية على الاراضي اللبنانية وتجنيب البلاد من ازمة اضافية؟