HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

خلاص لبنان ببناء الدولة المدنية (بقلم د.جيرار ديب)

18
JULY
2021
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

د.جيرار ديب -

كتب المؤرّخ اللبناني كمال صليبي كتابه تحت عنوان "لبنان بيت بمنازل كثيرة"، حيث كل طائفة أو جماعة تدعي أولويتها في ملكية ذلك البيت، ودورها الأساسي في الزعامة منذ القدم. قدم المؤرخ وصفًا دقيقًا لما هو عليه لبنان من مكونات طائفية تحاول التعايش فيما بينها على أساس "العيش المشترك"، هذا ما أوجد أزماته التي لا ولن تنتهي نتيجة هذه المنازل الطائفية المتقاتلة، والتي أنتجت الحرب الأهلية عام 1975، حيث دامت خمسة عشر عامًا.


ها هي الحرب الأهلية تقرع اليوم أجراسها من جديد داخل هذا البيت، فمنازله تتحصن ضمن طوائفها، بسبب عدم وضوح الرؤية التوحيدية بينهم حول أي لبنان نريد؛ فاجتماع البيت الدرزي في منطقة خلدة عند النائب طلال أرسلان على سبيل المثال، يهدف لتوحيد الطائفة من الخطر الداهم، وحمايتها من نار الأزمات التي تضرب لبنان.


في ظلّ ما تشهده الساحة اللبنانية من انهيارات اقتصادية واجتماعية، تهدد بالانزلاق نحو انفجار أمني خطير، بدأت تتزعزع أسس وأركان هذا المنزل، وأصبح بحاجة لبنّاء جديد، يشيد بناءه على أساس مدني حديث، فهل من ثورة تنتج الدولة المدنية في لبنان على شاكلة ثورة فرنسا عام 1789؟
منذ تأسيس لبنان عام 1920 على يدّ الفرنسي نتيجة اتفاقية سايكس – بيكو، كان الانقسام الطائفي عنوان تلك المرحلة، بين المسيحي الذي يريد حماية أمه الحنون فرنسا، والمسلم الذي يطالب بالانضمام إلى العمق العربي المسلم. لم يسير اللبناني نحو بناء الدولة العصرية الحديثة التي ترفعه من الانتماء الأولي والعصبي لطائفته، إلى الانتماء العضوي حيث المواطنية هي التي تجمع المواطن نحو المصلحة العليا، وليس المصالح الضيقة.


يجمع الخبراء والمعنيون بالشأنين المالي والإقتصادي على أن ما يشهده لبنان منذ عام 2019 غير مسبوق على مستوى العالم في التاريخ المعاصر، سواء لجهة حدة الأزمة وسرعة الانهيار، أوالأهم لجهة لامبالاة الطبقة السياسية الحاكمة باستيعاب ما يحصل من خلال إجراءات مستعجلة، لعل أبرزها تشكيل حكومة تدير الإنهيار وتخفف من وقع الارتطام المرتقب. وتؤكد كل المعطيات أن البلد بات قاب قوسين من السقوط المدوي، وهو ما عبر عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عندما جمع عددًا من السفراء والدبلوماسيين لإبلاغهم بأن "لبنان على مسافة أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي". وكان قد سبقه رئيس الجمهورية ميشال عون عندما أعلن في أيلول الماضي أن "لبنان يتجه إلى جهنم في حال عدم تشكيل حكومة".
المشكلة لا تكمن في تشكيل الحكومة، بل في من يشكّلها، والطريقة التي يشكل فيها المسؤولون الحكومة. هذه الطريقة، هي طريقة الحفاظ على المنازل داخل البيت اللبناني، حيث رئيس الجمهورية المسيحي، يحاول مع تياره رفع شعار الدفاع عن حقوق المسيحيين من خلال تسمية كافة الوزراء المسيحيين في الحكومة، فيما الرئيس المكلّف سعد الحريري ومن خلفه، من ثنائي شيعي ودعم درزي على مضض، يؤيدون أن فكرة تشكيل الحكومة هي من صلاحيات الرئيس المكلف، وما على رئيس البلاد إلا التوقيع.


إذًا العرقلات الداخلية في لعبة الصلاحيات والمحاصصات الطائفية ترتدّ سلبًا على كافة الصعد، بينما لبنان الذي يتّجه نحو السقوط المدوي، ينشغل مسؤولوه في تحديد جنس الملائكة، وحماية بيوتهم الطائفية، والمحافظة على مكتسباتهم، وكأنهم لا يعيشون في بلد واحد بل في كنتوناتهم، الأمر الذي حفّز الكثيرين لطرح وتقديم مشاريع الفيدرالية في لبنان.


أنتجت الثورة الفرنسية عام 1789، نظامًا جديدًا لم يعرفه العالم، وهو المجتمع المدني، حيث تمّ فصل الأدوار الدينية عن الدولة، وفرضت القوانين المدنية التي تُعلي من شأن الإنسان المواطن على حساب الإنسان الفرد. الإنتقال من الدولة الطائفية إلى الدولة المدنية، يتطلّب نشر الوعي في عقول الناس كما فعل كل من جان جاك روسو، ومنتسكيو وغيرهم من المفكرين الذين عمدوا إلى التغيير في الوعي العام الفرنسي، لحثّه نحو التحرر والمطالبة بالحرية والمساواة والعدالة.


في ظلّ الواقع الأليم في لبنان، نجد أن مفكريه هم جزء من شعراء البلاط الذين يقضون الوقت في مديح زعماء الطوائف، والدفاع عن ما يفعلونه ويدلون به. لهذا لا نرى في المدى المنظور أن لبنان سيتخطى أزماته التي يعيشها، ليس فقط لأجل المنازل الطائفية التي لم تزل تشكل كيانية لبنان منذ استقلاله عام 1943 إلى يومنا هذا، بل أضف إلى ذلك التوجه إلى التموضع في محاور الإقليم المتصارعة. فصرخة البطريرك بشارة الراعي حول تبني الحياد الإيجابي للبنان، والتعالي عن صراعات المنطقة، تجد معارضة شديدة من قبل حزب الله المصرّ على التموضع في محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما يجاهر به أمين حزب الله في كافة خطاباته.


أخيرًا، بين صراع الطوائف والتموضع الخارجي، لم تزل المنازل ضمن البيت اللبناني تتصارع وتساهم في إغراق البلد في أزماته نحو الانهيار، رغم الدعوات المستمرة للمجتمع الدولي لتشكيل حكومة إصلاحية بأسرع وقت ممكن. هذا التخبّط المستمر للبنان لن يصل به إلى بناء الدولة المدنية التي تعتبر خلاصه الوحيد. فلا الوعي العام جاهز للعبور نحو الدولة المدنية، ولا مكوناته الحزبية والطائفية لها مصلحة في انتزاع مصالحها الضيقة على حساب المصلحة العامة.

MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •