240627023828434~.jpeg)
ماريا ضو-
الامتحانات الرسمية ماضية على الرغم من الحرب الدائرة في جنوب لبنان، واستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية.
قرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي واضح ولا رجعة فيه، لا لتأجيل الامتحانات، لا للإفادات، لا لتعديل التاريخ ولا للاستثناءات. كل هذه اللاءات تقابلها نعم واحدة وهي نعم للامتحانات الرسمية لو مهما كانت الظروف.
وزارة التربية حسمت قراراها، وها قد بدأت الامتحانات الرسمية للمهني والتقني في ٢١ الجاري، وستستكمل في ٢٩ الجاري لصفوف الثانوية العامة بكل فروعها في مختلف المحافظات، موحدة لكافة طلاب لبنان، بمن فيهم طلاب الجنوب ومن نزحوا من المناطق الحدودية.
فما حصل مع طلاب المهني والتقني في اليوم الأول من الامتحانات، دليل كافٍ على الواقع المرير الذي يمر به هؤلاء الطلاب، خاصة وانهم اضطروا للخروج من الصفوف خلال اجراء الامتحانات بسبب غارات وهمية نفذها الطيران الحربي التابع للعدو الاسرائيلي، وخرقه لجدار الصوت في الأجواء اللبنانية، مما تسبب بحالات من الهلع والرعب في صفوف الطلاب، وأدى الى خروجهم من مراكز الامتحانات.
الدور آت على طلاب الثانوية العامة الذين سيخضعون للامتحانات بعد أيام. ليس أمام طلاب الجنوب، وهم في معظمهم لم يتلقوا المناهج كاملة، الا الدرس والتحضير لمواد لم يأخذونها من قبل، مع احتمال أن تأتي هذه الدروس تحديداً، وهذا ما يسبب لهم القلق.
فمثلاً، تقول الطالبة في بنت جبيل الحدودية مايا صعب لـ Tayyar.org، والتي ستقدم امتحاناتها الرسمية في كفرمان قضاء النبطية بعد أيام، "إن الوضع في الجنوب مخيف وغير آمن للطلاب، ونحن من سيئ الى أسوأ، يضيع التركيز مع كل جدار صوت أو غارة أو اعتداء يقوم به العدو على أراضينا".
وتضيف مايا: "كل مادة فيها دروس لم نأخذها بعد ولم ندرسها، ووزير التربية أصدر قرار "المواد الاختيارية" قبل اسبوع فقط من الامتحانات ونحن لسنا جاهزين".
وفي رسالة الى الحلبي تؤكد مايا أنها وزملائها، لا يريدون إفادات، بل شهادات رسمية، ولكن كل ما يطلبونه من الوزير والوزارة هو مراعاة أوضاع طلاب الجنوب في هذه الامتحانات والمستوى التعليمي الذي وصلوا اليه وعدم مساواتهم ببقية طلاب لبنان، لأن ما يمرون به لا يمر به كل لبنان، وذلك من خلال فصل الدروس والمواد الاختيارية التي لم يتعلموها. وتعطي أمثلة حية على الدروس التي لم تتلاقاها: في مادة الفيزياء درس الذرة لم نصل اليه، في الكيمياء لم نصل الى درس الأسيد، وبالرياضات لم ندرس الرياضيات المتكاملة (Math Integrale).
صونيا الخوري، رئيسة مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة، عن المدير العام للتربية - رئيس اللجان الفاحصة كشفت لـ Tayyar.org، أنه منذ ان بدأ العدوان على لبنان، واهل الجنوب يتابعون حياتهم اليومية هناك ويذهبون الى اعمالهم، وإذا لم تتوقف الحياة اليومية، فلماذا سنوقف الحياة الدراسية ونضعف قيمة الشهادة التي تميّز كل تلميذ عن الآخر، ولكن طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية وسلامة التلاميذ، لافتة الى أن الاعوام التي اعطيت بها افادات بدل الشهادات، رفضت بعض الجامعات خارج لبنان الاعتراف بهذه الافادات وطالبت الطلاب بشهادات رسمية، ومن ضمنها الكلية الحربية.
وعن المنهج المتّبع للامتحانات، أكدت الخوري أن المركز التربوي أجرى احصاءً لعينة احصائية لمدارس لبنان بأكملها بالبرامج والدروس التي تم انجازها، وعلى اساس هذا الاحصاء، تم وضع الدروس والمحاور المطلوبة للامتحانات الرسمية، كما انه جرى اعتماد توصيف جديد للبرامج لتراعي امكانية الاختيار من بين مجموعة اسئلة، بالإضافة الى تقليص للمنهج وحذف فصول عدة من البرنامج الاساسي، كما أنه بحسب الشهادة، هناك مواد تعتبر اختيارية لهذه الشهادة، ويحق للتلميذ ان يختار من بينها، ومن ضمن مادة واحدة، ستطرح اسئلة اختيارية، وبالتالي يمكن للتلميذ ومن ضمن مجموعة الدروس المطلوبة منه، التخفيف من المواد بالمجمل، والتركيز على المواد الاساسية باختصاصه، والكفايات التي يجب دراستها.
وشددت الخوري على أن الشهادة اليوم ستكون على مستوى، والا فهي غير مجدية، ولكن هذا لا يعني ان الاسئلة ستكون تعجيزية وصعبة للغاية، بل سيتم وضع اسئلة سلسة لا تحتوي على غموض وواضحة ومباشرة.
وبذلك تكون الوزارة قد أتاحت للطالب:
- تقليص المنهج
- مواد اختيارية
- اختيار ضمن المادة الواحدة
- اسئلة سلسة ومبسطة ومباشرة
طريقة تصحيح الامتحانات تشغل بال كل الطلاب، لذا أكدت الخوري أن تصحيح الاجوبة سيأخذ بعين الاعتبار طريقة تسلسل الاجوبة والمنطق المعتمد وليس فقط الجواب إذا كان صح ام خطأ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان التلميذ في الرقم الاول سار بمسار تسلسلي ليحل موضوع معين، ولكن اجابته جاءت خاطئة، فسيأخذ جزء من العلامة على هذا التسلسل، ولن تُنسف كل العلامة. هذا سيشمل كافة طلاب لبنان، لأن المساواة هي الاساس، وكل ميزة ستعطى لطالب ستعطى لغيره.
الوزارة تؤكد أنها أخذت بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية وصعوبة تنقل الطلاب الى مراكز امتحاناتهم، وعلى هذا الأساس، كشفت الخوري تفاصيل عن مسألة الباصات التي طرحها الحلبي، وقالت: "اليونيسيف هي التي امنت الباصات، ولكن في البداية اقترحت ان تعطي مبلغاً مالياً لتنقلات الطلاب، ولكن المشكلة هي أمنية لا مادية، ومن هنا كان الأجدى اعتماد مراكز بعيدة نوعاً ما عن المناطق الحمراء التي تقصف بشكل كبير يومياً".
أما عن المسارات التي ستعتمدها الباصات، فأوضحت أن هذه الخطوة تأتي لتفادي المخاطر الأمنية على أهالي الجنوب، لذلك عمدت الوزارة الى انشاء مراكز تجمع على حدود الاقضية التي فيها مناطق حمراء، وسيتم تأمينهم عبر مسار يوصلهم الى مراكز الامتحانات بمرافقة من قبل الجيش اللبنانية وقوات اليونيفيل، عبر 8 خطوط سيتم اتباعها، ينطلق الباص من نقطة تجمع معينة الى كل المراكز الموجودة في محيطه، لافتة الى أنه قد نحتاج الى "نقلات" عدة أو زيادة عدد الباصات اذا احتاج الأمر، مطالبة المنطقة التربوية بهذه النقطة، أن تضع خطاً ساخناً للتواصل لمن يرغب بالاستفادة من هذه الخدمة.
وختمت الخوري قائلة إن هذه الامتحانات اليوم هدفها واحد، أن تبرهن بأن قطاع التعليم في لبنان لا زال بخير، كونه ثروة لبنان المتبقية، ولا يحق لنا ان نحرم الطلاب من هذا الامتياز.
وعلى والرغم من أهميتها، هل تستحق الشهادة الرسمية المجازفة بحياة الطلاب وذويهم والطواقم التعليمية في ظل الحرب الدائرة في الجنوب؟