حبيب البستاني*
مع استمرار الحرب على غزة ولبنان التي تجاوزت السنة، يستمر مسلسل المجازر الإسرائيلية بنجاح منقطع النظير، مسلسل رعب يُتابع مباشرة Live علىى كل الأقنية المحلية والدولية، والمشاهدون لا سيما في الغرب لا يرف لهم جفن، فاصبح منظر الدماء والفظائع القوت اليومي ليس فقط لأبناء الدولة العبرية إنما ويا للأسف لمعظم شعوب الأرض. وهذا يذكرنا بعهد الرومان وحفلات المصارعة الدموية حيث يٌقدم المصارعون Gladiators والأطفال ضحايا للحيوانات المفترسة، فيما يصفق الجمهور لمنظر الأشلاء المتناثرة على الحلبة، للأسف لقد بتنا نعيش اليوم كل هذه الفظائع التي يرتكبها جيش العدو المتعطش للدماء والقتل، نعم إنها الوحوش المفترسة التي زودها الغرب بكافة أنواع القتل والتدمير، فاصبحنا نعيش في عالم لا يمت إلى عالمنا بصلة، حيث أصبح البطش السمة المميزة لعالمنا اللاإنساني، وحتى إن الحيوانات باتت تخجل من هذه الممارسات.
أهداف وهمية للدولة العبرية
لقد أعلن العدو الصهيوني ومنذ عملية السابع من أكتوبر أن هدفه هو القضاء على حماس واستعادة المعتقلين لديها، وفيما لم يعد أي معتقل إلا بصفقات تبادل، قررت حكومة العدو عدم المضي في مفاوضات لتبادل ما تبقى من الأسرى وضربت عرض الحائط بكل الوساطات لا سيما تلك التي قامت بها قطر ومصر والولايات المتحدة، وراحت تضع شروطاً تعجيزية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح كل المحتجزين والمعتقلين من كلا الجانبين، معلنة المضي بعملياتها العسكرية سبيلاً وحيداً لاستعادة معتقليها. واستمرت الحرب والتي نتج عنها تهجير سكان مستوطنات شمالي إسرائيل، مما حدا بالعدو لوضع هدف جديد ألا وهو إعادة سكان الشمال وتحقيق الأمن في المستوطنات الشمالية وإصبع الجليل. ومن ثم بدأ العدو بعمليات تدمير واسعة واغتيال قادة المقاومة وسيد المقاومة وكذلك رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار في غزة. وبالرغم من هذه العمليات، لم يحقق العدو أياً من أهدافه واستمر حزب الله واستمر معه مفهوم القيادة والسيطرة وكذلك استمرت عمليات حماس في غزة. إلا أن كل ذلك باء بالفشل وازداد عدد المهجرين اليهود واتسعت رقعة البلدات التي طالتها صواريخ المقاومة لتصل إل ضواحي تل أبيب وكريات شمونة وحيفا. فتحولت خطة نتنياهو ومجلس الحرب إلى مبدأ الدمار الشامل، وباتت الأهداف المدنية والأحياء السكنية هدفاً لجيش الاحتلال، وكما في كل عملياتها السابقة راحت إسرائيل تتبع مبدأ العقاب الجماعي " general punishment ".
أهداف دينية وسياسية
ويتضح من مسار الأحداث أن الدولة العبرية تملك مخططاً مخفياً وغير معلن، وهذا المخطط يقوم على تحقيق إسرائيل الكبرى أي أرض الميعاد وهذه الأرض لا تعترف بحدود
جغرافية كما هي حدود الدول الحديثة بل إنها تقوم على مبدأ " أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل "، وهي بالتالي تتمدد وتتقلص تبعاً لمبدأ القوة. وإسرائيل الكبرى مبدأ، لا يتوانى رئيس وزراء العدو عن إعلانه في كافة مداخلاته السياسية إن امام الكنيست أو إبان زياراته لقواته المسلحة المنتشرة في كل أرجاء الكيان الصهيوني. ومن جهة أخرى فإن رئيس وزراء العدو يبلغ حلفائه لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا على أنه يدافع عنهم ويدافع عن حضارة الخير ضد محور الشر، وأن جيش الاحتلال يحارب على سبع جبهات مما يعني أن العدو إذا استطاع سيُخضع كل دول المشرق بالحديد والنار لحكمه. ويخطىْ من يظن أن حزب الله وحماس هما فقط الممستهدفان بل إن الحزب ما هو إلا مرحلة على طريق إخضاع كل لبنان، وإن حماس ما هي إلا عقبة ينبغي إزالتها لإخضاع كل فلسطين والضفة الغربية تحديداً. كذلك فإن كل شعوب المنطقة وكل دياناتها ينبغي إخضاعها، وكان لافتاً هذه الحادثة التي نشرتها ال Jerusalem post والتي قالت فيها أن الجيش الإسرائيلي طلب من ذوي أحد الجنود القتلى الذي سقط وهو يقاتل مع إسرائيل، بضرورة إزالة الصليب الموضوع على قبره في المدافن الخصصة للجيش، لأن ذلك من شأنه إغاظة ذوي القتلى الإسرائيليين الذين يزورون أضرحة أبنائهم. فللذين يراهنون على أن العدو لن يستهدفهم نقول لهم بضرورة العودة إلى ما كتبه المفكرون اللبنانيون من شارل مالك إلى بطرس البستاني وميشال شيحا وغيرهم، الذين حذروا من الخطر الصهيوني ومن اليهود الذين يعتبرون لبنان العدو الأول. فلبنان هو المستهدف ولكن كل الشرق سيتبع إلا إذا استطعنا وضع حد للغطرسة الإسرائيلية، وإننا لفاعلون والميدان هو الحكم.
كاتب سياسي*