الديار: محمد بلوط-
الدعوات المتفرقة لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم، بمعزل عن مصير الحرب التي يشنها العدو "الاسرائيلي" على لبنان، تكاد تكون مجرد تسجيل موقف او من باب رفع العتب، لان اشد الداعين لهذا التوجه يدركون جيدا ان فكرة تقديم هذا الاستحقاق رغم اهميته، على مطلب انهاء العدوان ووقف اطلاق النار، هي فكرة غير قابلة للترجمة باي شكل من الاشكال .
ومنذ ان اشتد العدوان "الاسرائيلي" على لبنان مع مطلع ايلول الماضي، تلاشت كل الآمال في انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن انهاء هذا العدوان، مع العلم ان فرصة حسم هذا الاستحقاق كانت ضئيلة جدا قبل انفجار المعركة مع العدو، بسبب التعقيدات الداخلية والخارجية الكبيرة التي حالت دون تحقيق هذا الهدف .
والمعلوم انه قبل اشتعال هذه الحرب بشكل واسع باسابيع، اعطت "اللجنة الخماسية"، التي كانت تتولى مهمة المساعي لانتخاب الرئيس، نفسها اجازة طويلة ومفتوحة بعد ان اصطدمت بعقبات عديدة ابرزها: الخلاف في ما بين اعضائها حول مقاربة الملف الرئاسي وهوية الرئيس، والانقسام السياسي اللبناني الحاد حول هذا الاستحقاق .
ويقول مصدر نيابي مطلع انه منذ ذلك الوقت لم يطرأ على هذا الملف اي جديد، سوى الهمس والتسريب بان الادارة الاميركية وبعض دول "الخماسية"، اخذوت تتحدث اكثر عن رغبتها في انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية.
ويكشف المصدر عن انه خلال اللقاءات والاتصالات التي سجلت في الاسابيع القليلة الماضية بشأن تطورات العدوان "الاسرائيلي"، سمع مرجعا حكوميا بارزا تلميحا مباشرا بان الادارة الاميركية تدعم فكرة انتخاب العماد جوزف عون وتسعى الى تحقيقها .
ويضيف المصدر ان السفيرة في لبنان الاميركية ليزا جونسون لم تخف في بعض لقاءاتها وفي مجالسها السياسية هذه الرغبة، لكنها حرصت في الوقت نفسه على التعبير الديبلوماسي الاميركي المعتاد، بان ادارة بلادها تحترم رأي اللبنانيين وخيارهم في هذا الاستحقاق .
ويؤكد المصدر ان الحديث عن تراجع حظوظ مرشح وتقدم حظوظ مرشح آخر من بين الاسماء المرشحة البارزة او المعروفة، في ضوء تطورات الحرب الاخيرة، هو حديث في غير محله وسابق لاوانه، لان المعادلة السياسية الداخلية التي تحكم الاستحقاق الرئاسي لم تتغير او تتبدل حتى الآن .
ويضيف المصدر ان الثابت الذي يحكم هذا الاستحقاق حتى الآن، هو رجحان فكرة التوافق على ما عداها في اختيار هوية الرئيس.
ويمكن القول انه ليس ممكنا فرض اسم الرئيس الجديد بالقوة وتحت النار، وبالتالي فان المفاوضات الرئاسية تحت النار ووطأة العدوان "الاسرائيلي" مرفوضة تماما، كما هو الحال بالنسبة لرفض التفاوض حول ترجمة تنفيذ القرار ١٧٠١ تحت النار والعدوان .
ووفقا للمعلومات التي رشحت مؤخرا، فان واشنطن باتت مقتنعة بان انتخاب رئيس الجمهورية بمعزل عن انهاء الحرب مسألة صعبة جدا وتكاد تكون مستحيلة، خصوصا بعد ان لمست موقفا متشددا من مراجع كبيرة ومؤثرة .
وفي المعلومات التي بدأت تتسرب مؤخرا، ان الادارة الاميركية اخذت تميل الى فكرة ان تكون رئاسة الجمهورية ولو بطريقة غير مباشرة، جزءا من الحل المتعلق بانهاء الحرب على جبهة لبنان وتنفيذ القرار ١٧٠١، وانها بعد ان فشلت في الضغط لانتخاب رئيس جديد تحت النار، باتت تعمل لاستخدام ورقة الرئاسة للمساومة في اطار صفقة تسوية متكاملة، لما يسمى الحل الديبلوماسي لانهاء الحرب .
وتقول المعلومات ان واشنطن تضغط باتجاه تحقيق صفقة متكاملة تشمل الى جانب وقف النار واعتماد آلية متشددة لتطبيق القرار ١٧٠١، اختيار رئيس للجمهورية تكون هويته جزءا من ضمانة تنفيذ القرار المذكور والحل الشامل .
وتقول مصادر سياسية مطلعة ان مثل هذا التوجه الاميركي لم يطرح مباشرة مع المسؤولين والقيادات اللبنانية، وان التفاوض على هوية او اسم الرئيس لم يحصل بعد، على الاقل بصورة مباشرة، بانتظار مصير الحل الديبلوماسي للحرب، لكن مثل هذه العملية التفاوضية ستكون حاضرة في المرحلة المقبلة .