الثبات: حسان الحسن-
"إن أهم الصواريخ التي كانت تنزل على حيفا وما بعد حيفا وعلى وسط فلسطين المحتلة، كانت صواريخ من الصناعة السورية... إن أهم الأسلحة التي قاتلنا بها في حرب تموز، كانت من سورية... إسرائيل تخاف اليوم على تل أبيب من قطاع غزة، ومن حقها أن تخاف... كيف وصلت الصواريخ إلى غزة؟ ومن أين وصلت إلى غزة؟ هذه الصواريخ من سورية وعبرها... هذه سورية". (سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله- تموز (2012).
هذا الموقف أطلقه السيد نصر الله إثر اغتيال القادة الأمنيين في سورية في خضم الحرب الكونية عليها، التي شاركت فيها "إسرائيل" في شكلٍ علنيٍ، من خلال تقديم المساندة العسكرية واللوجستية للمجموعات الإرهابية المسلحة، كالتدخل المباشر للمروحيات العسكرية الصهيونية لنصرة الإرهابيين في معركة الدرخبية في ريف دمشق في خريف العام 2016، ونقل الإرهابيين المصابين لمعالجتهم في داخل فلسطين المحتلة، الذين عادهم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في المستشفيات الصهيونية، بتغطيةٍ إعلاميةٍ. هذا "غيض من فيض".
وفي المرحلة الراهنة لم يتبدل "المشهد العدواني" في سورية على الإطلاق، التي يستهدفها العدو في شكلٍ شبه يوميٍ، بخاصةٍ مراكز البحوث العلمية العسكرية فيها، ويواكب المسلحون التكفيريون الإرهابيون هذه الاعتداءات، من خلال شن الهجمات على مواقع الجيش العربي السوري في شمال البلاد وسواها، كذلك من خلال استهداف الأماكن السكنية الآمنة في بعض المناطق المتاخمة لبؤر الإرهابيين. ما يؤكد "وحدة العدوان" من حيث الانتماء والهدف، إلا هو محاولة تفتيت سورية اجتماعياً وجغرافيًا.
ولا يزال الجيش السوري وحلفاؤه يتصدون للمحاولات المذكورة، غير أن الحدث الإقليمي أي (العدوان على لبنان والحرب على غزة)، يتصدر ما عداه من الأخبار.
في هذا التوقيت، تحاول بعض الأقلام المأجورة، زرع الشقاق بين جمهور محور المقاومة، من خلال محاولة التعمية على الدور السوري في هذه المرحلة، و"اعتباره هامشًيا" في مواجهة العدو، لا بل أكثر من ذلك، ذهب بعض هذه الأقلام، إلى نقل الأكاذيب، "بان دمشق ليست على الحياد فحسب، بل أنها ضد مواجهة العدو، وان الإعلام السوري غير معنيٍ بما يحدث في قطاع غزة وجنوب لبنان".
علمًا أن قائد المقاومة وسيد شهدائها أكد في كلمةٍ له في آب الفائت أن " "ليس مطلوباً من سورية وإيران الدخول معهم في حربٍ، لكن مساندتنا" على اعتبار أن كل ساحة من ساحات محور المقاومة لها دورها وخصوصيتها.
وعن الوضع في سورية بالتحديد، لا ريب أن مصلحة "إسرائيل" تقتضي بأن "تتحرش" بسورية لإدخالها في حربٍ مع الجيش الصهيوني، وهنا ستضطر القيادة العسكرية السورية إلى سحب بعض قواتها من شمال البلاد إلى جنوبها، ساعتئذٍ ستتحرك المجموعات الإرهابية في اتجاه مدينة حلب وسواها، لمحاولة السيطرة عليها، والدليل القاطع إلى ذلك، أن كلما استهدف العدو الأراضي السورية، يشن الإرهابيون مباشرةً هجماتٍ على مواقع الجيش السوري، ويحاولون التقدم في إتجاه المناطق الخاصعة للشرعية...
وهذا ما تنتظره "إسرائيل" وتأمله بحدوثه دائمًا، لرفع مستوى الضغوط على سورية، علّها تتراجع عن تقديم الدعم لحركات المقاومة في المنطقة.
إذًا لا ريب أن سورية تواجه الصهاينة في الشمال، أي أن (المعركة واحدة في سورية ولبنان وفلسطين). كذلك أن دعم دمشق للمقاومة في لبنان غير محدودٍ، بدليل حيازتها على الكم الهائل من الصواريخ، التي ينهال الآلاف منها على المواقع الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كذلك الأمر بالنسبة للإعلام السوري، فتتصدر الأخبار اللبنانية والفلسطينية وسائل الإعلام السورية على كل ما عداها من أخبار، كذلك فتحت التلفزيونات والإذاعات السورية التغطية المباشرة والشاملة لمواكبة ما يحدث في جنوب لبنان وقطاع غزة، ثم قد تكون تراجعت قليلًا، نتيجة طول الوقت، لا أكثر.
إذًا، إن كل مكوّن من مكوّنات محور المقاومة يؤدي دوره في مواجهة العدو بالطريقة المناسبة والمجدية، وليس كما يشتهي نتنياهو، الذي يريد أخذ المنطقة إلى حربٍ شاملةٍ، الأمر الذي لفت إليه السيد نصر الله، ولا ريب أن باب الحرب الشاملة، هي سورية، على اعتبار أن اليمن وإيران ليسا محاذيين لفلسطين، والحرب الصهيونية على لبنان، هي مع المقاومة وليس الدولة اللبنانية، لذلك يشجع رئيس وزراء العدو، الإرهابيين في الشمال، كي يهاجموا سورية من شمالها، وتتولى القوات الصهيونية جبهة الجنوب في آنٍ معًا، كي يتسنى للصهاينة "الوصول إلى دمشق"، كما قال نتنياهو... وبما يمنّي نفسه به.