الديار: بولا مراد-
بعدما كان الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أول زعيم ومسؤول لبناني يتصل بأحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد "هيئة تحرير الشام" التي تولّت السلطة في سوريا لتهنئته بسقوط النظام، سيكون خلال يومين اول زعيم ايضا يتجه من لبنان الى دمشق للقاء الشرع، الذي نصّب على ما يبدو نفسه رئيسا لسوريا، حتى يتم تحديد موعد للانتخابات كما التفاهم على شكل النظام الجديد هناك.
البعض استغرب مسارعة جنبلاط للتقرب من الجولاني، وبخاصة ان الاميركيين ما زالوا يدرجونه و "هيئة تحرير الشام" التي يرأسها، على لوائح الارهاب، ويقولون انهم يراقبون أداء الهيئة في الأشهر المقبلة، ليبنوا على الشيء مقتضاه. الا ان مصادر سياسية مطلعة تتحدث عن ٣ عوامل تجعل جنبلاط يستعجل الانفتاح على الشرع:
- اولا: استثمار اللحظة السياسية ، بحيث انه كان ومنذ العام 2011 رأس حربة في دعم المعارضة بوجه النظام في سوريا، لذلك فانه وبسقوط الاخير يكون قد حقق نوعا من الانتصار السياسي، الذي طال انتظاره، والذي سيحاول استثماره في الداخل والخارج.
- ثانيا: يَشتهر جنبلاط بـ "أنتيناته" التي تلتقط باكرا الاشارات الخارجية، ما يدفعه دائما الى التحرك باكرا، حتى ولو استلزم ذلك انقلابا سياسيا كاملا. والارجح ان هذه "الانتينات" التقطت ما يؤكد ان الجولاني سيكون صاحب الكلمة الاساس في سوريا في المرحلة المقبلة، تماما كما التقطت احتمال ان يكون قائد الجيش العماد جوزيف عون قائد المرحلة المقبلة لبنانيا من موقع رئاسة الجمهورية، من هنا كان اول الخارجين لتبني ترشيحه رسميا.
- ثالثا: يُعرف عن جنبلاط ايضا انه مستعد للمجازفة بأي شيء لحماية طائفته، وان لا اولوية تعلو لديه فوق اولوية حماية الطائفة وتأمين مصالحها.
ويبدو ان "البيك" يجد بالتقرب السريع من الشرع والنظام السوري الجديد مصلحة للدروز، سواء في لبنان او في سوريا. علما ان ما صدر عن "أبناء السويداء وجبل العرب" في بيان قبل يومين لجهة اعلان رفضهم "أي تعاون مع الجولاني أو القوى المتطرفة"، داعين للفدرالية، يوحي بأن رؤية جنبلاط للمصلحة الدرزية في سوريا، تختلف عن رؤية قسم من ابناء سوريا الدروز.
ويبدو ان الحكومة اللبنانية التي بدأت التنسيق الامني مع "هيئة تحرير الشام" من خلال الامن العام اللبناني، بحيث الضرورة توجب التنسيق على المعابر، لن تستعجل التنسيق السياسي الذي سيكون مرتبطا على الارجح بنتائج الانتخابات السورية، المفترض ان يكون قد انطلق العمل للاعداد لها.
وبحسب المعلومات، تفضل حكومة تصريف الاعمال ان تنسق حاليا مع قطر وتركيا قبل الاقدام على خطوات كبيرة، كالقيام بزيارة رسمية الى سوريا.
ومن هنا كانت زيارة نجيب ميقاتي قبل يومين الى أنقرة.
وتقول مصادر مطلعة على الملف ان "مخاوف بعض القوى السياسية من حكم الجولاني بدأت تتلاشى، فمَن كان يخشى تمدد "هيئة تحرير الشام" الى داخل الاراضي اللبنانية، تيقن ان لا خطط في هذا المجال كما حصل في العام 2014. كما ان مَن كان يخشى مواجهة بين "الهيئة" وحزب الله الذي كان يقاتلها لسنوات داخل سوريا، تبين له ان اولويات "الهيئة" راهنا قي مكان آخر، وان لا نية اقله حتى الساعة بمهاجمة من الحزب".