الثبات: حسان الحسن-
بعد انهيار الدولة في سورية، عادت بعض الأصوات في لبنان لتعلوا مجددًا، مطالبةً بإعادة النظر في المعاهدات والاتفاقيات الموقعة بين البلدين، التي تُعنى بإدارة المصالح المشتركة بينهما، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين السوري واللبناني.
اللافت في الأمر أن المطالبين بإعادة النظر في المعاهدات المذكورة، هم أكثر المستفيدين من الوجود السوري في لبنان بين الأعوام 1976- 2005. وتأتي "معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق" الموقعة في أيار 1991 بين الرئيسين الراحلين حافظ الأسد وإلياس الهرواي، في طليعة المعاهدات الموقعة بين بيروت ودمشق. فقد جاءت "معاهدة الأخوة " لتعبّر، من جهة، عن طبيعة العلاقات اللبنانية السورية المميزة، ومن جهة أخرى عن الروابط التاريخية والمصيرية التي تجسّدت في دورة حياة عمرانية واقتصادية وثقافية وسياسية واحدة بين البلدين على مرّ العصور، حسب ما جاء في مقدمة "المعاهدة".
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف أنشئت بموجب المعاهدة عدة أجهزة مشتركة لتقوم بالسهر على حسن تنفيذ بنودها، ولمتابعة تنفيذ ما ينبثق عنها من اتفاقات وهذه الأجهزة المشتركة هي:
1- المجلس الأعلى اللبناني - السوري، ويتألف من:
ــ رئيسي الجمهورية في كل من الدولتين المتعاقدتين
ــ رئيس مجلس الشعب، رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية العربية السورية
ــ رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية.
* يضع السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين الدولتين في كافة المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها) ويشرف على تنفيذها، كما يعتمد الخطط والقرارات التي تتخذها "هيئة المتابعة والتنسيق" و"لجنة الشؤون الخارجية" و"لجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية" و"لجنة شؤون الدفاع والأمن" أو أية لجنة تنشأ فيما بعد.* قرارات المجلس الأعلى إلزامية ونافذة المفعول في إطار النظم الدستورية في كل من البلدين.
* يجتمع المجلس الأعلى مرة كل سنة، وعندما تقتضي الضرورة، في المكان الذي يتم الاتفاق عليه.
2 ـ هيئة المتابعة والتنسيق
* تتألف من رئيسي مجلس الوزراء في البلدين وعدد من الوزراء المعنيين بالعلاقات في البلدين.
* مهامها متابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى ورفع التقارير إليه عن مراحلها. كما تنسق توصيات اللجان المتخصصة ومقرراتها وترفع المقترحات إلى المجلس الأعلى.
3- الأمانة العامة:
أ- تنشأ أمانة لمتابعة تنفيذ أحكام هذه المعاهدة
ب- يرأس الأمانة العامة أمين عام يسمى بقرار من المجلس الأعلى.
ج- يحدد مقر واختصاص وملاك وميزانية الأمانة بقرار من المجلس الأعلى.
إذًا، لا بد هنا من الإشارة إلى الفرق بين "المجلس الأعلى" وأمانته العامة، التي تُهاجم بدورها من بعض الساسة اللبنانيين، الذين كانوا يطلقون مواقفهم من "المجلس" عن عدم إدراك، أو عن تجاهل مقصود للفرق بين دوره، ودور الأمانة العامة "للمجلس" التي يترأسها نصري خوري راهنًا.
وفي الصدد، يؤكد مرجع سياسي ودبلوماسي سوري أن "على الحكم الجديد في دمشق راهنًا، إعلان موافقته أم عدمها على أي معاهدة أو اتفاقية مع دولة أخرى، عقدها النظام السياسي السابق، خصوصًا الاتفاقيات التي لها خلفية سياسية".
ويلفت إلى أن حكومة الأمر الواقع الموجودة في دمشق اليوم، هي حكومة انتقالية أو تسيير أعمال، وليست حكومة رسمية، لذلك قد لا تتخذ أي قرار في شأن المعاهدات السابقة".
ويؤكد الخبير القانوني والدستوري الدكتور عادل يمين من جهته أن "المعاهدات الموقعة بين الدول تبقى سارية المفعول، ولو تغيّر النظام السياسي، لأن الحكم استمرارية".
ويلفت إلى أن "إلغاء أي معاهدة بين الدولتين يتم إما باتفاق بين الدولتين المعنيتين، وإما من خلال نص قانوني في حال تضمنته بنود المعاهدة، ويعطي الحق لأحد طرفي المعاهدة، في ظروفٍ أو شروطٍ معيّنةٍ"، ويختم يمين بالقول: "ولكن بالمبدأ، يجب أن تستمر المعاهدات".