HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

"حاولت إسرائيل إغتياله في 2008".. غسان بن جدو يكشف كواليس وخفايا عن مسيرة السيد!

22
FEBRUARY
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

"كغيري ممن عرفوا السيد حسن نصر الله، لم أتوقع يوماً أن أتحدث عنه، وهو شهيد"؛ هكذا بدأ رئيس مجلس إدارة شبكة "الميادين"، غسان بن جدو، حديثه عن "السيد الأمة"، الذي "لم يكن يحب أن نتحدّث عنه، ولا أن نمدحه، ولا أن نشير إليه بإيجابية، سواء في حضرته، أو في غيابه".

في حديثه، إلى شبكة "الميادين"، عاد بن جدو في ذاكرته إلى عام 2014، عندما "كان وضعي صعباً بعض الشيء"، وهو "وضع علم به السيد".

وتابع بن جدو: "كنت إلى جانبه، وعدني سماحته. قال لي حينما تُستشهَد، أنا سأتحدث عنك. قبّلت جبينه وقتذاك، وشكرته حسباناً منّي أنّني سألقى الله قبله، فلم يخطر في بالي مطلقاً أن أتحدث عنه وهو شهيد".

ولدى حديثه عن وقع الخبر، استذكر بن جدو أنّه "كان هنا، في قناة الميادين"، وكانت الكلمة الأولى، التي قالها، عندما سمع الانفجار الضخم والكبير، هي: "إلا السيد".

في تلك الليلة، أي قبل يوم من إعلان الاستشهاد، علم بن جدو بالأمر: "تحدثت إلى شخصين، وأحدهما قال لي نحن نتعاطى مع الأمور على أنّ سماحة السيد استُشهد. فسألته: هل السيد هاشم بخير؟".

وأجاب هذا الشخص بـ"نعم، السيد هاشم بخير". أما بشأن سبب طرح هذا السؤال، فأكد بن جدو أنّه قام بذلك "لأنّي أعتقد، كغيري تقريباً، أن بين الأشخاص المؤهّلين، بصورة كبيرة، لخلافة السيد نصر الله، هو السيد هاشم صفي الدين".

وتحدّث بن جدو عن الصدمة التي أُصيب بها عند استشهاد السيد نصر الله: "أُصبت بصدمة برود، صدمة هدوء غير طبيعية. أنا لم أذرف دمعةً على سماحة السيد عند استشهاده في ذلك اليوم".

حينها، كان الهم الأول الرئيس والمسؤولية، اللذان استشعرهما بن جدو، هما "استمرار الميادين". في هذا الإطار، أكد أنّه رأى أنّ مسؤوليته في ذلك الوقت هي "ألا أتحدث وألا أهدر الوقت في عدم الاهتمام بالميادين. رأيت أنّ من واجبي الابتعاد عن الأضواء، عبر عدم الحديث أو الكتابة".

وبعد أسبوعين من الاستشهاد، "أُصبت بصدمة هستيريا عصبية. في تلك الليلة، لم أنم. كانت حالةً عصبيةً غير طبيعية". أما الآن، فإنّ "المناسبة تفرض هذا الأمر"؛ أي الحديث عن جوانب من العلاقة الخاصة، التي جمعت بين الشهيد السيد نصر الله وبن جدو.

اللقاء الأخير، الذي جمع السيد نصر الله وبن جدو، كان "عشية الطوفان". وفي حديثه، كشف بن جدو أنّه كان "يُعِدّ مع السيد لقاء العمر".

وفي تفاصيل كشفها، قال بن جدو أنّه "أرسل إلى السيد لائحةً، تضمّ محاور وعناوين، منذ الـ25 من حزيران 2020، ونقلتُ إليه رغبتي في الحديث عن حوار طويل كبير".

وأشار بن جدو، في حديثه عن "السيد الأمة"، إلى أنّه تحدث معه في عام 2002، وهو ما "بُثّ جزء منه لاحقاً"، ضمن سلسلة "أربعون وبعد". وتابع، "لكن في عام 2019، أنا رجوته، بإلحاح، أن نتحدّث عن حقبة أمانته العامة، أو حقبة الأمتين العربية والإسلامية، منذ انطلاقة حزب الله. هدفي كان أن أتحدث عنه، لكن حتى لا يشعر بالحرج، قلت أنّنا نريد أن نتحدث عن كل هذه المحطات من خلالك، وهو وافق".

وفي حزيران عام 2020، "أرسلت إليه قائمةً من العناوين، عددها 200، مقسّمةً إلى أسئلة متعددة، تصل إلى نحو ألف سؤال".

وكشف بن جدو أيضاً أنّه طلب، في منتصف آب الماضي، إجراء مقابلة مع السيد نصر الله، في الذكرى السنوية الأولى لـ"طوفان الأقصى".

وحينها، "اتّصلت بالحاج جهاد، الذي بات اسمه معروفاً لاحقاً، وهو الشهيد الكبير سمير ديب. قلت له، أنا سأوجّه إلى سماحة السيّد طلباً لإجراء مقابلة، فقال لي: إن كان عليّ، فيجب ألا تتم المقابلة، لكن الطلب أمانة، يجب أن أوصلها إلى سماحة السيد". وبعد يومين أو ثلاثة، اتصل الحاج جهاد ببن جدو، ونقل إليه الموافقة على إجراء المقابلة. وبدوره، أرسل بن جدو "محاور عناوين يمكن أن نتحدث بشأنها".

أما لدى حديثه عن اللقاء الأول خلال حرب تموز 2006، فأكد بن جدو أنّه "لم يكن يتصوّر أنّه سيلتقي السيد نصر الله خلال الحرب". وتابع: "لكنّ الذي حدث أنّ سماحة السيد أطلّ إطلالةً أولى، وخاطب فيها الرأي العام العربي. وللأمانة، لم تكن إطلالةً موفّقة من الناحية الفنية".

يضيف بن جدو: "أرسلت إليه وقتذاك أنّ هذه الصورة لم تكن جيدةً فنياً. وقرّر هو والحاج العماد أن تتم هذه المقابلة. أنا لم أكن جاهزاً، لكنّني كنت جالساً في المكتب، وجاءني شخص وقال لي لنغادر، وأنا فهمت مباشرةً".

ووصف بن جدو ما حدث وقتها بـ"الرحلة الأسهل إلى سماحة السيد"، و"عرفت أنّها في حي ماضي، وصعدت. وعندما دخل، اعتذرت أنا مباشرةً واستأذنت، وقلت له أنّي قادم بهيئة غير رسمية، فقال لي خذ راحتك".

طلب الحاج جهاد إلى بن جدو أن يكون طول اللقاء 20 دقيقة، أو 30 دقيقةً، لو أراد الإطالة. و"جاء سماحة السيد، قلت له أنّ فلان أخبرنيب أنّ المقابلة من ثلث إلى نصف ساعة، فقال لي: لا، خذ راحتك"، كما أضاف بن جدو.

وتابع: "أخذنا راحتنا. كان ذلك تأكيداً منه لثقته بالله، وبالمقاومة، وبالمحيط. لم تكن هناك مشكلة مطلقاً. كان هادئاً جداً. نحن في الطبقة الخامسة أو السادسة، وكان هادئاً، بصورة غير طبيعية. سمعنا طائرات وكان هادئاً، لم ينفضّ، لم ينتفض أو يغادر".

وتطرّق بن جدو، في حديثه، إلى صفة الكرم لدى السيد نصر الله، مؤكداً أنّه "كان كريماً. كان يُهدي كل من يطلب منه أمراً"، بل "كان يتفضّل علينا حتى لو لم نطلب أحياناً".

لكن الهدية الأهم، بالنسبة إلى بن جدو، هي "عباءة السيد نصر الله الشخصية"، والتي أهداه إياها بعد حرب تموز 2006.

وبشأن ذلك قال: "بعد حرب عام 2006، أنا زرته زيارةً خاصة. في نهاية الجلسة، نزع عباءته الشخصية وألبسني إياها، وكانت الهدية الأقدس والأهم. وتمّ توثيق ذلك في صور، لكنّني لم أحصل عليها، لكنّ العباءة عندي، وهي محفوظة في إطار، بشكل خاص جداً".

وأضاف بن جدو أنّه كان مقرراً أن يتم إجراء حوار خاص، يجمع السيد نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في الذكرى الـ16 لحرب تموز، إلا أنّ الظروف لم تسمح بإجرائه.

وبشأن علاقة السيد نصر الله بالإعلام والإعلاميين، أكد أنّه "كان مهتماً بالإعلام بصورة كبيرة جداً، ويقدّره، ويعرف أهميته".

كما كشف بن جدو أنّه، في عام 2020، زار السيد نصر الله، وتحدث معه عن بعض المسائل، واستأذنه لأن يعدّ وثائقياً كبيراً عن حزب الله، في ذكراه الأربعين، بعد عامين، فأجاب السيد: "أنت حر.. أنا ما علاقتي بهذا الأمر؟".

وقال بن جدو للسيد: "هو استئذان حتى تحدِّثَنا عن هذا الأمر، ويحدّثنا قادة حزب الله عن هذه المسألة. قال أرجوك ألا أتحدث في هذا الوثائقي، لكن من الجيد أن يتحدث إخواني".

وتحدث بن جدو إلى الميادين عن سلسة "أربعون وبعد" أيضاً، كاشفاً أنّ تلك الحوارات، التي أُجريت في عام 2002، "تمّ تفريغها بالكامل، ولم تُبَثّ كلها". وكشف بن جدو أنّ السيد نصر الله "التقى القيادات العسكرية في المقاومة، وحدّثها عن "أربعون وبعد"، ووصف تلك الحلقات والفكرة وصفاً جميلاً".

إلى جانب ذلك، تحدّث بن جدو عن التأثر الكبير للسيد نصر الله بشهادة الرئيس رفيق الحريري، "على المستوى الشخصي، قبل أن يكون على المستوى الوطني". وكشف بن جدو أنّ السيد نصر الله "التقى الشهيد الحريري 34 مرةً، بصورة سرية وغير علنية، وهي لقاءات كان يعلم بشأنها شخصان فقط، عدا أمنه والحاج عماد، وهما السيدة نازك الحريري ومصطفى ناصر. وفي المرة الـ34، حدث ودّ ومحبة غير طبيعيين".

وأكد بن جدو أنّه "طُلب أليه نقل بعض الرسائل السياسية إلى أطراف معينة، من جانب الرئيس الحريري". وعندما التقى بن جدو السيد نصر الله بعد استشهاد الحريري، "كان متأثراً، وقال نحن وصلنا إلى قناعة مشتركة بعمل مستقبلي لفترة طويلة جداً". وأضاف بن جدو: "قال (السيد)، عدا الرئيس نبيه بري، وعدا العلاقة الخاصة التي بيني وبين حركة أمل، لي علاقة عضوية بالحريري، متباينة عن كل العلاقات".

وكشف أيضاً أنّه "كان هناك أفق استثنائي للتعاون مع الشهيد الحريري، في كل القضايا. حتى قال لي أننا وصلنا الى اتّفاق في كل المسائل تقريباً. وصلنا حتى إلى مناقشة الانتخابات البرلمانية، والتي كان يُفترَض أن تحدث في عام 2005 أو عام 2006. واتفقنا على كل شيء، على التحالف، على التعاون، وبقيت نقطتان عالقتان: الأولى لها علاقة بالطاشناق وحللناها". أما النقطة الثانية، فتتعلّق بـ" الجماعة الإسلامية، إلا أنّ الحريري استُشهد، ولم يسعفنا الوقت لمعالجتها"، كما نقل بن جدو من حديث السيد نصر الله.

وأكد بن جدو أنّ السيد نصر الله، بعد استشهاد الحريري، "كان يستشعر خطراً حقيقياً على لبنان، وكان على ثقة بمعرفة من اغتاله أو وجّه أو أمر باغتياله". وتابع: "كان يرى أنّ هناك دراما كبيرة ستحدث في المنطقة، وكان يستشعرها، وخصوصاً فيما يتعلق بالفتنة الشيعية - السنية، لأنّه لو التقى السيد والحريري لكنّا أمام مسار كبير جداً من الوحدة الإسلامية بين الشيعة والسنة، وخصوصاً بين الأطراف داخل لبنان".

وشدّد بن جدو على أنّ السيد نصر الله "بقي يَكُنّ الاحترام والمحبة لآل الحريري". وفي حين أنّ "السيد لم يكن راضياً عن مغادرة سعد الحريري لبنان أبداً، فإنّه كان يتفهّمه، ويتّخذ له عذراً. في النهاية، يجب أن يحافظ على حياته". وبشأن تكرار السيد نصر الله حديثه عن ضرورة المحافظة على السلم الأهلي في لبنان، أكد بن جدو أنّ السيد "كان دائماً يخشى توتراً داخل البلاد".

وأوضح، في هذا الإطار، أن "الأمر ليس كما يفهم البعض: أنّه كان يريد هدوءاً وسلماً أهليَّين في البلد، وابتعاد البلد عن التوترات، كي تكون المقاومة العسكرية في راحة من أمرها. ليس هذا فقط، بل كان أيضاً، ملءَ قلبه، يخشى أي توتر أو تشنّج أو أمر يؤدي إلى العنف".

وكان السيد نصر الله يخشى دائماً "من طابور خامس وانفلات الأمور، وكان لديه هم كبير اسمه السلم الأهلي، لأنّه كان مقتنعاً، كما الشهيد الحريري، بأنه لا يمكن لأحد أن يهيمن على لبنان، مهما بلغت قوته العسكرية أو السياسية أو المالية، أو علاقاته الدولية والخارجية".

ورأى بن جدو أنّ نقطة قوة السيد نصر الله وحزب الله هي أنّهما لبنانيان وشيعيان، وهي نقطة ضعفهما في الوقت نفسه. وأوضح أن "نقطة قوته أنّه لبناني لأنّ لبنان بلد فريد في العالم العربي والمنطقة. التعددية فيه تسمح بأن يناور كثيراً. لكن نقطة ضعفه أيضاً أنّ هذا التنوع الكبير، فيه جزء يخاصم حزب الله، وهو غير مقتنع بما يقوم به. وبالتالي، فإن الحزب مضطر إلى أن يراعي هذا التعدد". و"نقطة قوته أنّه شيعي، لأنّ العقيدة الشيعية تمكّنه من طاقةٍ جبّارة للتضحية، بقناعة، لكن، في الوقت نفسه، للأسف، نقطة ضعفه أنّه شيعي، لأنّه سيبقى يُنظَر إليه على أنّه كذلك، على أنه أقلية في العالمين العربي والإسلامي"، كما تابع بن جدو.

وكشف بن جدو أنّ السيد نصر الله "تعرّض لمحاولة اغتيال خطيرة، لم تُعلَن، بين عامي 2008 و2009، من جانب الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً أنّ "سرب طائرات إسرائيلية انطلق لاغتياله". وأضاف، "انطلق سرب طائرات لاغتياله هنا في لبنان، والذي اتّخذ قراراً بوقف تلك العملية هو الجانب الأميركي".

وتحدّث بن جدو أيضاً عن تأثّر السيد نصر الله بشهادة القائد الجهادي الكبير، الحاج عماد مغنية، فكانت "علاقتهما استثنائيةً، على المستوى الشخصي، وليس كأمين عام ومعاون جهادي" فقط.

كما تحدّث عن تأثر السيد نصر الله بشهادة قاسم سليماني أيضاً. وفي هذا السياق، أشار بن جدو إلى ما قاله السيد نصر الله عن سليماني، ومفاده أنّه "تمنى لو أنّ الله قبض روحه ولم يقبض روح الشهيد سليماني".

وسليماني بدوره قال الأمر نفسه، كما كشف بن جدو: "قال لي مرةً: أنا لا يمكن أن أعيش لحظةً يكون السيد نصر الله فيها شهيداً أو متوفّىً. وأدعو الله، إن كان هناك من اغتيالٍ لي أو للسيد، أن يكون لي أنا، وأدعو الله أن يبقى السيد ذخراً لهذه الأمة". وتابع بن جدو: "كان الشهيد سليماني لا يحبّ السيد نصر الله فقط، بل يعشقه ويحترمه أيضاً. كان يقدّره بصورة استثنائية، ويراه بعد السيد علي خامنئي، أو مثله".كما تحدث عن شخص رابع تأثّر السيد نصر الله بشهادته، هو ابنه، الشهيد هادي نصر الله.

وكشف بن جدو بعض جوانب شخصية السيد نصر الله خلال المقابلات الصحافية، مشيراً إلى أنّه "كان يحب دائماً أن يجلس إلى طاولة، بحيث يشعر بنفسه متمكّناً، ويحب القلم والورقة والكتابة". ولفت إلى أنّ اللقاء مع السيد نصر الله "لا يُحضَّر وفق الصورة التي يتصورها الناس. نتحدث عن مَحاور كبرى، لكن، فيما يتعلق بالأسئلة التفصيلية، لم يكن أحد يحضّرها معه، وهو كان يحب أن يسجّل ملاحظات".

واستذكر بن جدو لقاءه السيد نصر الله بعد استشهاد سليماني، واصفاً إياه بـأنه "من أجمل اللقاءات مع السيد"، ومشيراً إلى أنّه "من أكثر اللقاءات التي كان فيها متأثراً ومرتاحاً، في الوقت نفسه". وحينها، طلب بن جدو أن يكون هناك كَنَبتان، بدلاً من الجلوس إلى طاولة، كما كان يحب السيد، "من أجل أن يأخذ راحته، لأنّ هذا حوار تاريخي". و"فعلاً، وضعوا كنبتين، وكنّا مرتاحين في ذلك الوقت".

وأشار بن جدو إلى أنّ المكان، الذي تمّت فيه المقابلة، هو "المكان الذي استشهد فيه السيد نصر الله". كانت "القاعة واسعةً وكبيرةً، ووُضعت فيها صورة كبيرة للشهيدين سليماني وأبي مهدي المهندس. عبّرت عن إعجابي بها، ولم يعلّق السيد. وفي اليوم التالي، اتصل بي الحاج جهاد، فقال لي سأرسل إليك شيئاً، فكان هذا الشيء هو تلك الصورة".

وفيما يتعلق بالعلاقة بإيران، كشف بن جدو، نقلاً عن مسؤول في القيادة الإيرانية، أنّ قيادة حزب الله زارت إيران للقاء السيد خامنئي، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، قبل اتّفاق الطائف.

وحينها، طرح حزب الله إشكاليةً، وسألت قيادته السيد خامنئي: "إذا حدث أمر فماذا يمكن أن نفعل بخصوصه؟". فقال السيد خامنئي "عودوا إليّ بعد 48 ساعةً"، بحسب ما تابع بن جدو.

و"عادوا إليه فعلاً بعد يومين، وعندما التقاهم قال لهم سأقول لكم أمرين، هما لازمتان أو ثابتتان. الأول أنّكم أنتم، حزب الله، حزب حر ومستقل داخل لبنان. لا ضرورة للعودة إليّ في كل ما يتعلق بشؤونكم الداخلية. قراركم بأيديكم، افعلوا ما تشاءون"، كما أضاف.

والأمر الثاني هو "إن كان من إشكال كبير، سواء داخل لبنان، أو خارجه، وتريدون العودة إلي (أي إلى السيد خامنئي)، إن رأيتم هذا الأمر ضرورياً، فما يقُلْه السيد حسن نصر الله يكُنْ هو رأيي"، وفقاً لما أكده بن جدو. وفي ذلك الحين، لم يكن السيد نصر الله أميناً عاماً بعدُ، و"نظر الجميع إليه، وأدركوا أنّ هناك مكانةً خاصةً للسيد نصر الله لدى السيد خامنئي".

وكشف بن جدو أنّ السيد نصر الله "زار، خلال السنوات الأخيرة، طهران، ولم يُعلَن بشأن أي زيارة. وكانت الزيارات أحياناً بناءً على رغبة منه، وأحياناً بناءً على طلب من الإيرانيين، حتى يسألوه أكثر في بعض المسائل".

إلى جانب ذلك، أشار بن جدو إلى وجود مزايدات على حزب الله بشأن أدائه خلال إسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مضيفاً أنّه اقترح عدة أمور على السيد نصر الله، بينها "تعيين ناطق عسكري".

فكان جواب السيد نصر الله، والذي أرسله خطياً، وعبر شخص، هو التالي: "لا نريد أن نزايد على إخواننا الفلسطينيين، ولا أن نُظهر ما نفعله، وهذا سيستمر طويلاً، لأنّني أتمنى وأودّ أن تكون نتيجة طوفان الأقصى نصراً فلسطينياً خالصاً".

وبحسب ما أضافه بن جدو، قال السيد نصر الله أنّه يريده "نصراً فلسطينياً عربياً سنّياً خالصاً. لا أريد أن يقول أحد أنّ الشيعة من حلفاء المقاومة الفلسطينية تدخّلوا، وكان لهم دور كبير فيما حدث، لا إسناداً، ولا غير ذلك".

أما بشأن الشهيد السيد هاشم صفي الدين، فأكد بن جدو، في حديثه إلى الميادين، أنّه "كان ينتظر قرار الشيخ نعيم قاسم، الذي كان المؤهل الأول لمنصب الأمين العام". وأضاف أن "الشيخ نعيم قاسم هو الذي بادر واتّصل بالسيد صفي الدين، وقال له يجب أن ننتخبك فوراً وسريعاً أميناً عاماً، لكن السيد هاشم جادله قليلاً".

وقال الشيخ قاسم للسيد صفي الدين "أنّنا لا نستطيع أن نضيّع الوقت، ومن القوة لحزب الله أن يُعلن سريعاً وفوراً انتخاب أمين عام. وأنا الآن سأتحدث بصفتي نائباً للأمين العام".

وبحسب ما أضافه بن جدو، "كان من المفترض أن يُعلَن (انتخاب) الأمين العام في اليوم الذي استُهدف فيه السيد صفي الدين، وكان طبيعياً بعدئذٍ أن يُنتَخب ويُختار الشيخ نعيم قاسم". وأضاف أنّ "الحزب وقيادة المقاومة العسكرية، وحتى بعض الحلفاء في الخارج، فوجئوا بالشيخ قاسم، وبنجاحه وجدارته في إدارة المعركة العسكرية".

وتحدث بن جدو عن بكاء السيد نصر الله، بحيث روى ما حدث في مرتين، بكى فيهما جمهورَه وبيئته وناسه ومحبيه. وقال بن جدو، في هذا الشأن: "كان يتحدث بعد حرب تموز، وكان متأثراً، وذرف الدمع نتيجة ما لحق بأهله من دمار وتهجير، علماً بأنّه كان في حرب تموز يزور الناس".

وكشف بن جدو أنّ السيد نصر الله، كما أخبره بنفسه، "زار حديقة الصنائع، حيث كان هناك مئات من العائلات النازحة، حتى يطمئنّ عليها. وكان متأثراً جداً".

وفي مرة ثانية، بكى السيد، عقب أحداث السابع من أيار في لبنان. وفي هذا الخصوص، نقل بن جدو ما شهده، خلال لقاء جمع السيد نصر الله وأحد زعماء الحركة الإسلامية العربية الكبار والمعروفين، وهو لقاء تم "حتى يفهم ماذا جرى في السابع من أيار، لأنّ الأمور ذهبت في اتجاه طائفي مذهبي".

وقال بن جدو: "في ذلك اللقاء، تحدّث سماحة السيد عن كثير من الأسرار والتفاصيل والكواليس لهذا الشخص، وتحدّث بالتفاصيل، حتى يُبعد شبهة أن السابع من أيار له علاقة سنية شيعية. ليست هذه القضية مطلقاً، لا يوجد هجوم شيعي على طائفة سنية، وبكى سماحة السيد بسبب ذلك الأمر".

وأضاف أن "السيد حسن، كما بكى الناسَ، بكى مقاوميه في ليلة الـ"بيجر". ربّما بكى في تلك الليلة كما لم يبكِ في حياته". وأكد بن جدو أيضاً أنّ السيد كان شجاعاً، مشدداً على أنّ "ما يُقال عنه بشأن عيشه تحت الأنفاق، غير صحيح مطلقاً".

وشدد على أنّه قابل السيد نصر الله "عشرات المرات، دائماً على الأرض، وعلى السطح أيضاً. وحتى خلال السنوات الأخيرة، لم ألتقِ مرةً سماحة السيد في نفق".

وكشف أنّ السيد نصر الله "كان يقود بنفسه في الضاحية". وأضاف: "بل أكثر من ذلك، أنا أعرف أنّه، في حرب الجرود، ذهب وشارك، وكان موجوداً. وأنا أعرف، مثلاً، أنّه كما وصل إلى البقاع، وصل إلى عدة بلدات مدن في الجنوب. وأقول لأهل صور أنّه كان يحبّ صور وذهب إليها، لأنّه أراد أن يزور آثارها، وكان يقود بنفسه، وعاد بنفسه".

وتحدث بن جدو عن علاقة السيد نصر الله بالميادين، مؤكداً أنّ الشهيد "لم يكن يتدخّل فيها إطلاقاً، لكنّه أحبها". وأضاف بن جدو أنّ السيد نصر الله "عرف بمشروع الميادين قبل أن ينطلق، وأنا تشاورت معه قبل ذلك، وشرحت له من أين يمكن أن ننطلق"، على الرغم من المنافسة الشرسة.

وتابع مؤكداً أن "السيد أحبّ الميادين، واحترمها ووثق بها، واستُشهد وهو كذلك. لذا، أقول أن مسؤوليتي كانت بعد استشهاده أن تبقى الميادين في قيد الحياة".

وختم بن جدو حديثه عن "السيد الأمة"، متوجهاً إليه بالقول: "نَمْ قرير العين يا حبيبنا الأسمى والأقدس والأعزّ، لأنّ أمّتك تحبّك، وناسك يحبونك، ومقاومتك أمينة على إرثك، ونحن، بإذن الله، سنكون أمناء على قيمك وأخلاقك بالقدر المتاح أمامنا. والميادين ستستمر فكرةً، بي أو بغيري، وستُكمل المسيرة".

MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING