الديار: كمال ذبيان-
امام لبنان اوضاع خطيرة لا يُعرف مداها، ومرتبطة بما سيقرره دونالد ترامب بشأن وقف اطلاق النار بين لبنان والعدو "الاسرائيلي" ، والذي يتصرف مع دول في العالم "كالكاوبوي" الذي يفرض قراراته، تحت عنوان انه "داعية سلام ووقف الحروب" ثم استرداد اموال دفعتها بلاده، فاما بضمها ككندا او استيراد معادن من اوكرانيا، التي اذّل رئيسها فولوديمير زيلنسكي وطرده من البيت الابيض، وان لا يعود اليه الا ومعه توقيع "السلام مع روسيا" ووقف الحرب واتفاقية المعادن الاوكرانية.
هذه الغطرسة الاميركية في التعاطي مع قضايا الدول، هي التي تخلق رفضا لها.
ولانها تكيل بمكيالين وتقف مع الشر الذي يمثله العدو "الاسرائيلي" في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا، فكانت واشنطن مع الابادة الجماعية التي نفذها رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو في غزة، ويستكملها في الضفة الغربية، وما زال يمارسها في لبنان قتلا وتدميرا، بالرغم من اتفاق وقف اطلاق النار الذي توصل اليه لبنان مع العدو عبر الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في 27 تشرين الثاني الماضي، ولم تلتزم به "اسرائيل" التي وما زالت محتلة لاراض لبنانية تمركز فيها جنودها ما سمي "بالنقاط الخمس"، التي اعلن وزير دفاع العدو يسرائيل كاتس ان هذا الاجراء تم بموافقة اميركية، والهدف منه حماية امن المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.
كاتس يتطلع الى ابعد من وقف اطلاق النار، نحو سلام يعقده بين لبنان و"اسرائيل" ويسقط العداء بينهما، ويقوم تطبيع بين البلدين وفقا لاتفاق ابراهام الذي وقعت عليه انظمة عربية، ولبنان لن يكون خارجه وايضا سوريا بقيادتها الجديدة برئاسة احمد الشرع، وهو ما كشف عنه الموفد الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف وينكوف، الذي ابلغ المسؤولين اللبنانيين عن اليوم التالي لوقف الحرب، وان الظروف باتت مؤاتية للبنان ان يوقع "معاهدة سلام" مع الكيان الصهيوني، مع فقدان حزب الله لقدرته العسكرية وشل دوره في المقاومة، وسقوط النظام السوري الذي كان يشكل العمق القومي للمقاومة، وعبور السلاح اليها من ايران التي ضعفت، مع شل اذرعتها المسلحة في المنطقة، وفق ما يقوله المسؤولون الاميركيون الذين يطلبون ان يكون السلام حل خلال هذا العام مع لبنان، لانهاء حالة العداء مع "اسرائيل".
والطلب الاميركي من لبنان الاسراع في توقيع السلام مع الكيان الصهيوني الغاصب، كشف عنه عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب وائل ابو فاعور، وحذر من ان هذا التوجه الاميركي الذي يضع لبنان امام مخاطر عدة ، ويسبب بانقسامات داخلية قد يؤدي الى توترات امنية، وربما زعزعة السلم الاهلي.
وقد اعطت الادارة الاميركية لبنان بالتنسيق مع العدو، فترة ما بين شهر وستة اشهر لنزع الحكومة اللبنانية سلاح حزب الله من كل لبنان، وليس من جنوب الليطاني كما نص القرار 1701 والعمل وفق القرار 1559 الذي صدر مع بداية ايلول 2004 ، والذي تسبب باهتزاز لبنان سياسيا وامنيا، لان في متن القرار عدم تعديل الدستور التمديد للرئيس اميل لحود ،وانسحاب الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح حزب الله، ولم يكن لبنان في حينه بمواجهة عسكرية مع العدو الاسرائيلي ليصدر هذا القرار.
والفترة المعطاة اميركيا و"اسرائيليا" للبنان كي يجتث الوجود العسكري لحزب الله، الذي برأي واشنطن و"تل ابيب" ليس قادرا على المواجهة مع الجيش اللبناني، الذي ستوفر له الادارة الاميركية كل الدعم حتى يقوم بمهمته، وهذا هو الدور المطلوب منه، والذي لا قدرة للبنان على ان يقوم بهذه المهمة. فرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي كان قائدا للجيش لن يسير وفق ما تريده اميركا، بل هو دعا الى تطبيق اتفاقية الهدنة المعقودة في العام 1949 اضافة ان الاطراف اللبنانية متفقة على بحث موضوع سلاح المقاومة ضمن استراتيجية الامن الوطني، كما اسماها الرئيس عون وكانت تعرف بالاستراتيجية الدفاعية.
من هنا، فان اميركا و"اسرائيل" يعملان لفرض سلام على لبنان، والذي جرت مثل هذه المحاولة قبل اربعة عقود اثناء الغزو الصهيوني له صيف 1982 ، حيث جربتا عقد اتفاق سلام بين "اسرائيل" ولبنان، الذي تمكنت المقاومة فيه من اسقاطه بما عرف باتفاق 17 ايار، وبعد اشهر من التوقيع عليه في عهد الرئيس امين الجميل ، الذي لم يتمكن من ان يحكم، فاندلعت مع بداية عهده معارك في الجبل وبيروت.
وما لم يحصل في مطلع ثمانينات القرن الماضي، يسعى العدو "الاسرائيلي" اليه مع اميركا التي يريد رئيسها ترامب ان يحصل هذا السلام ، ليتوسع نحو سوريا التي اجتاح جنوبها الجيش "الاسرائيلي"، واحتل اراض في ثلاث محافظات فيها، ومنع الفصائل المسلحة التابعة للنظام الجديد من ان تنتشر في المنطقة، التي اعلن نتانياهو انه "سيحمي الدروز" فيها، وهو ما لاقى رفضا درزيا من قيادرات سياسية درزية ومراجع دينية في سوريا ولبنان.
سيتعرض لبنان لضغوط كبيرة منها عسكرية باستمرار الاعتداءات "الاسرائيلية" عليه، وتلويح اميركا بعدم مساعدة لبنان ماليا واقتصاديا ، والتأخير في البدء باعادة اعمار ما هدمه العدو من الجنوب الى الضاحية الجنوبية فالبقاع، وهذا ما بدأ يعلن عنه مسؤولون اميركيون بان على لبنان نزع سلاح حزب الله، والتخلي عن الحرب والانخراط بالسلام الذي ستكون له تداعيات على لبنان، الذي يراهن مسؤولوه على الديبلوماسية وقرار الحرب والسلم بيد الدولة.