HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

استثمارات شابة في زحلة تمزج بين الحداثة والأصالة - لوسي بارسخيان (نداء الوطن)

11
MARCH
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

تختزل زحلة "العالم" بنظر معظم أبنائها المقيمين والمنتشرين، فيحرصون على إبقاء "حبلهم السري" مربوطاً بمدينتهم، لا تقطعه أي شدة أو هجرة. لا بل تبرز نوادي الاغتراب الزحلية في الخارج، من بين أكثر روابط اللبنانيين متانة. يبقي هؤلاء العين على مدينتهم، خصوصاً في المصاعب. مع ذلك لا تلبي زحلة الطموحات المهنية لشبابها. وعلى الرغم من زحف فروع الجامعات واختصاصاتها العصرية إليها، لا يزال سوق عملها "بكراً". وهذا ما يضع المدينة أمام خيار من إثنين، إما أن تتحول إلى مدينة عجوز على الرغم من صغر سنها، أو أن تجذب اليها الاستثمارات الشابة فتدب فيها حيويتهم مجدداً. فما هو الرائج فيها مؤخراً؟

على الرغم من توسع المدينة اقتصادياً في أكثر من اتّجاه، يشكـل الـ "بولفار" المساحة الجامعة، فالطريق الأساسي الذي تتفرع منه طرقات الأحياء، يتربع بانسيابه بموازاة نهر البردوني، على عرش أسواق المدينة الأخرى التي زحفت لناحية السهل. فهو قلب المدينة، الذي إذا نبض تكون بخير، وإذا توقفت حركته ارتابوا من عزلتها.

منذ خمسينيات القرن الماضي سيطرت محلات النوفوتيه والأحذية على نشاط السوق، فاستقطبت الجوار اللبناني والعربي، قبل أن تنغلق المدن على ذاتها خلال الحروب. منذ ذلك الحين يعيش بولفار زحلة على أجهزة إنعاش، أمّنتها مقاهي البردوني المحافظة على شهرتها على رغم كل الصعوبات، إلا أن طموح الشباب بالتوسع، ذهب بها إلى أبعد من ذلك.

راجت في المدينة مؤخراً المؤسسات الصغيرة SMALL BUSINESSES أو متوسطة الحجم. ففرخ عدد كبير من المقاهي، المطاعم، الحانات وبيوت الضيافة، إلى جانب الفنادق والمؤسسات السياحية المعمرة فيها، وزحف بعضها حتى إلى الأحياء والمرتفعات. فهل نحن أمام تغيّر في وجه زحلة، ووجهتها الاقتصادية؟

 

في SURVIVNG MODE

في زحلة اليوم وجوه شبابية صارت سريعاً مرجعاً في قطاع السياحة. قوي عود بعضهم مع الأزمات المتتالية التي شهدها لبنان بالتزامن مع ولادة مؤسساتهم، واختاروا العمل بروح تشاركية لعبور المرحلة والانتقال من "وضعية النجاة" SURVIVING MODE التي اختبروها باكراً، إلى مراكمة السمعة السياحية التي حافظ عليها من سبقوهم.

يعلم المستثمرون الجدد في القطاع، أن طفرة استثماراتهم في المطاعم والمقاهي والحانات خصوصاً، قد يكون أكبر من حجم روادها، لكن عين هؤلاء ليس على الزبون المحلي فقط، وإنما طموحهم في تحول زحلة وجهة لكل سائح محلي وخارجي.

في شهر أيار من العام الماضي، أطلق اتحاد المؤسسات السياحية في زحلة HRPC Union Zahle الذي يضم نحو ستين ممثلاً عن القطاع من المخضرمين وحديثي النشأة، حملة أولى موّلت من جيوبهم، لتسويق زحلة على نطاق واسع. إلا أن توسع العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان عاكس طموحات الشباب مجدداً. ووجهت ضربة قاسية للحملة في عز تقليعتها، فاضطروا للهبوط اضطرارياً. لكنهم لم يحبطوا. هدأوا، انتظروا نهاية الحرب، وواصلوا مؤخراً لقاءاتهم لاستئناف حملتهم من حيث انتهت.

يقرّ عزيز نعمة لولب هذه الحملة، الذي يشكل أيضاً واجهة مشروع سياحي ضخم نشأ في منطقة وادي العرائش وأنهى مقولة إن DEAD END المدينة هو في منطقة المقاهي، بانعكاسات الأزمات اللبنانية سلباً على تقليعة بعض المؤسسات، خصوصاً تلك التي كانت لديها أهداف كبيرة. مع ذلك يقول: "تأقلم المستثمرون مع الـ SURVIVING MODE التي فرضت عليهم، ووازنوا بين نفقاتهم وإيراداتهم، حتى تمكنوا من اجتياز المرحلة".

الحافز في الحب أولاً

بالنسبة لنعمة "زحلة مدينة مؤهلة على جميع الأصعدة، وهي تكبر بشكل مستمر، خصوصاً في قطاع تأمين المنامة سواء عبر الفنادق أو بيوت الضيافة. الاستثمار في هذا القطاع لا يحتاج إلى رساميل كبيرة. القيمة التشغيلية والعمالة التي تتطلبها ليست كبيرة أيضاً، وهي يمكن أن تدار بعدد قليل من الأشخاص. وكلما كبرت القدرة الاستيعابية لفنادق زحلة وبيوت الضيافة، سيكون ذلك جيداً لمواكبة المستقبل السياحي للمدينة وبمعايير عالية، خصوصاً أن الخطط المستقبلية هي جعل المدينة مدينة استقطاب حتى للمهرجانات الدولية، ونحن على الطريق الصحيح".

قد يكون لدى شباب زحلة، تحديداً، حافز مهم جداً للصمود، وهو أن استثماراتهم في مدينتهم "عاطفية" أيضاً. فمنها كما يعبر منير سعد، وهو أحد المستثمرين، "إننا لا نريد أن نغادر كغيرنا"، ومنها ما يتعلق بسحر المدينة التي كما يقول عزيز نعمة تجعل "الزحلاوي مهما بعد وتعلم وعمل في الخارج يفكر دائماً بالعودة والاستثمار في مدينته". لكن الأهم "أن المدينة لا زالت غير مستغلة بكثير من المشاريع، مع أنها ثالث أكبر المدن اللبنانية. هي مدينة بكر، وربما كانت ستبقى كذلك لولا الأزمة المصرفية، التي جعلت استثمار الودائع المحررة حاجة حتى لا تتم خسارتها". مقولة لا يجمع عليها المستثمرون، إذ يرى بعضهم أن أزمة المصارف حدت من أحجام الاستثمارات، التي كان يمكن أن تكون أكبر لو تأمنت القروض الميسرة، وتوفرت لها الظروف الملائمة.

الإقدام بإيجابية

ككثيرين من أبناء جيلهما الذين لا تتسع الأرض لطموحاتهم، بحث جوزف عبدايم وجيف غرة عن عمل خاص يؤمن لهما استقراراً معيشياً إلى جانب عملهما مع المنظمات غير الحكومية، التي أصبحت رائجة مع النزوح السوري إلى لبنان. فقررا تأسيس مساحة تملأ الفراغ الذي تعانيه المدينة في ثورة المقاهي، والتي لم تعد وظيفتها تختصر بتقديم القهوة، وإنما تحولت مساحات عامة للّقاءات وحتى للعمل.

في آذار 2019 كانت التقليعة ممتازة، ووضع مقهى أسسه الشابان على الخط الصحيح في استعادة الرساميل التي وضعت بالاستثمار، إلى أن انفجرت الأزمة بعد ستة أشهر فقط. كان على جوزف وجيف اللذين خططا مسبقاً لمستقبل توسعي، أن يبقيا يقظين في اتّخاذ القرارات الاحترازية لحماية "البيزنس" ويؤمنا توازنه المالي، على أن لا يكون صموده على حساب الزبون.

يقول جوزف: "الإجراءات التي اتخذناها تضمنت الكثير من التضحيات جعلتنا أشبه بمؤسسة لا تبغي الربح في البداية. لكننا كنا نعلم أن الوضع الاقتصادي سيصحح نفسه في النهاية، وما علينا سوى الصمود. فكانت تلك البداية التي جعلتنا نكسب ثقة الزبون، فحافظنا عليه ولو على حسابنا".

لم يكن الأمر سهلاً خلال جائحة كورونا التي حلت مع الأزمة المالية وفرضت التباعد. مع ذلك بقي الزبون وثقته هو الأساس. فبرزت حملة THINKERS CARES FOR POSETIVES التي تبين انها تركت وقعها في أكثر من مكان.

لتخفيف المخاطر، وتأمين فرع داعم لفرع زحلة، خطط الشريكان للتوسع خارج لبنان فتوجها بمقهاهما إلى مونتينغرو. علماً أن خيارهما الأول كان السعودية، لكن الصفقة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الإبرام عكّرها تصريح غير مسؤول تسبّب بقطع العلاقات بين البلدين.

مونتينغرو لم تكن خياراً ناجحاً. لكن اليأس لم يبلغ جوزف وجيف، فاستمرا بكفاحهما، وترجم عنادهما توسّعاً في المقهى الذي ينبض حالياً بحيوية الشباب على بولفار زحلة. إلى جانب تمدد المقهى بأولى فروعه أيضاً إلى مدينة جبيل، إثر اجتماع الظرف الملائم مع اختيار المكان الأنسب وبالسعر الملائم.

شكلت التجربة بالنسبة لجوزف دليلاً "على أننا في زحلة لا ينقصنا الطموح وإنما الاستثمار". من هنا دعوته لكل من يستطيع توفير مصادر تمويل، ليبدأ لو بـ pilot project يكون مدروساً بشكل جيد، فيكسب من خلاله الثقة التي توفر تمويلات أخرى لمشاريع أكبر.

فسحات تلاق في معالم تراثية

عندما ضاقت المدن الآمنة على أهلها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، صارت المقاهي الفسحات الوحيدة المتاحة للتلاقي وتبادل الأفكار والحكايات. فلم يتأثر "صالون زحلة" الذي تزامنت تقليعته مع العدوان، سلباً بتداعياته.

المقهى الذي برز مؤخراً شكل أيضاً "بيزنس" موازياً لأربعة شبان شركاء من زحلة، أرادوا أن يكون لديهم مشروعا احتياط BACK UP، في تحدي المخاطر المحدقة بمختلف القطاعات، بحيث أنه إذا انقطع دخل يكون هناك آخر.

يقول منير سعد أحد شركاء المقهى: "أقدمنا على الخطوة لأننا لا نريد أن نغادر زحلة ولا أن نهاجر من لبنان". ولأن المقاهي صارت حالة سائدة في زحلة، اختار الشبان أن تكون انطلاقتهم بقيمة مضافة من المكان المتميز بتراثيته في وسط ساحة الشهداء التي صارت معلماً في زحلة.

منذ مئة عام تقريباً، يصمد هذا المبنى في مكانه، وقد تعاقبت عليه عدة استخدامات، بداية كمطبعة، ثم فندق، تلاها مصبغة ثم صالة للبليارد، فـ pub، واليوم مقهى. علماً أن الاستثمار في المواقع التراثية بات رائجاً في زحلة بتشجيع من بلديتها التي أحصت المباني لحمايتها، وشجعت في الوقت عينه على الاستثمار فيها.

طابع المكان التراثي يعتبر قيمة مضافة تسهم بنجاحه، وفقاً لسعد. وقد حرص الشركاء في المقهى على تظهيره بصور من تاريخ المدينة، لكل منها قصة. والزحليون عموماً متعلقون بهذه الصور وبالتاريخ.

هذه الروحية شكلت إشهاراً للتعلق بالجذور، التي لا يخفي المستثمرون شغفهم في أن يتعرف إليها كل من يقصد المقهى، فتكون تجربة شيقة، بدءاً من الخدمة التي يوفرها، إلى أنواع المأكولات وخصوصاً الفطور اللبناني التراثي، والسعر المدروس.

لا ينفي سعد أن الاستثمار في ظروف متقلبة كالتي يمر بها لبنان، مغامرة لا بل مخاطرة، لكنه يعتبر أن المخاطر في حفظ المال في المنزل أكبر من مخاطر استثمارها.

كباش بين الكبة النية والـ APPLICATION

في المقابل، خرج كمال الفرن عن السائد، فأسس مؤسسته التي تعنى بالتكنولوجيا في زحلة. الاستثمار في هذا القطاع بدا كفرصة خلال جائحة كورونا، وشيوع اختبار العمل عن بعد. فاستقطبت شركته MEGABEE الزبائن من خارج لبنان، وزادت أعداد هؤلاء مع الأزمة المالية التي جعلت أجر مطوري البرامج اللبنانيين المبدعين في مجالاتهم مغرياً بالنسبة للزبون الأجنبي. إلى أن بدأ تصحيح الأجور، فكانت الشركة حينها، كما يقول، قد بنت سمعتها الجيدة ووضعت قدمها في السوق، وأصبح التركيز على نوعية إنتاجيتها.

لكن العمل في هذا المجال من زحلة ليس نزهة فعلياً. يقول الفرن: "الناس تقصد زحلة في معظم الأحيان من أجل صحن الكبة وكاس العرق. طريق ضهر البيدر في خلفية البعض رحلة شاقة". وهذا ما يجعل عوامل الجذب لشركة تكنولوجيا في مدينة زحلة، في ظل الظروف الحالية ضعيفة، خصوصاً أن المدينة لم تبن لها سمعة بهذا الاختصاص. ولذلك كان على الشركة أن تؤسس لها مكتباً إدارياً قريباً من مركز العاصمة، هو مفتاح العلاقة التي سترسي الصفقة من خلال الاحتكاك المباشر مع السوق، على أن يبقى مطورو البرامج في مكاتبهم بزحلة. 

من التحديات التي يتحدث عنها أيضاً الفرن هي ضعف الموارد البشرية، خصوصاً الخبيرة بتطوير البرامج في المدينة، إذ لا مؤسسات يتدرب فيها هؤلاء، وعندما يخرجون للتدرب في بيروت مثلاً، يكونون قد بدأوا مسيرتهم العملية هناك. وهذا ما يجعل كلفة هذه الموارد الخبيرة أعلى في زحلة أيضاً. وهناك تحد دائم للحفاظ عليها وتطويرها بكل ما هو مبتكر في عالم التكنولوجيا.

علماً أن محدودية فريق العمل المتخصص يمكن أن يحد من حجم عمل المؤسسة، على الرغم من محاولة التعويض عن ذلك من خلال استقدام المتدربين بشكل دائم. مع الإشارة إلى أن أعداد طالبي التدرب يشكل مؤشراً لما تشكله حاجة سوق العمل بالنسبة لشباب المدينة، خصوصاً بالنسبة إلى طلاب الجامعات الذين ينهون التخصص بالتكنولوجيا في فروع الجامعات في زحلة.

يعتبر الفرن "أن زحلة لا زالت مكاناً بكراً لاستقطاب مؤسسات التكنولوجيا من ضمن خطة لخلق فرص العمل المستدامة والأكثر تنافسية في السوق، خصوصاً أن التنافس في الزراعة والصناعة يعتبر محدوداً". ويرى "أن تشجيع مثل هذه المبادرات مسؤولية مشتركة بين القطاع الخاص وبين المؤسسات التي تعنى بتوفير حاضنات الأعمال أو توفير الدعم التعليمي والتدريب. داعياً البلديات إلى إعارة الأمر اهتماماً أسوة بمؤسسات خاصة تقوم بهذا الدور حالياً في منطقة البقاع".

من المخاطر التي يتحدث عنها الفرن أيضاً، ما ينتج عن عدم الاستقرار الأمني. فيشرح "أنه خلال الازمة المالية، بدت مؤسسة تكنولوجيا في زحلة عامل جذب، وهي طبعاً لم تتأثر بجائحة كورونا، لكن العدوان الأخير حدّ من نشاطنا، ووضعنا أمام مخاطر خسارة حتى زبائننا غير المستعدين لخوض مغامرة مواجهة القوة القاهرة".

الإبداع مطلوب والاستنساخ مرفوض

بحماسة تحدث كل من الشبان عن ضرورة التوسع بالاستثمارات في أكثر من اتّجاه. وفقاً لجوزف عبدايم الذي شارك أيضاً في ورش عمل تدريبية للشباب لإرشادهم إلى الطريق الصحيح لريادة الأعمال، فـ "إن التنوع في اتجاهات الاستثمار مطلوب. وأن يكون ذلك على قواعد علمية، ويسبقه درس فكرة المشروع وجدواه الاقتصادية وخططه التوسعية، وحتى المكان الذي سينشأ فيه".

أما نزعة البعض لإعادة قولبة مشاريع ناجحة أو استنساخها، فلا يمكن أن يشكل استثماراً إيجابياً، خصوصاً أنه في كل قطاع هناك قدرة استيعابية لا يمكن تجاوزها، والمنافسة بنفس الخدمة على نفس الزبائن لا يمكن سوى أن تخلق مؤسسات تعاني البطالة المقنعة، ولا تخدم الهدف الأعلى بإحياء المدن واقتصاداتها.

 

MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING