ميشال نصر – الديار -
بين السياسة والامن والمال والهم المعيشي يتنقل الاهتمام اللبناني، في ضوء سباق الملفات الضاغطة الواجب ايجاد الحلول السريعة لها، لتفرغ الدولة لاقرار خطة النهوض والتعافي، لانطلاق ورشة الانقاذ بعد سنوات من الانهيار والتقاعس.
وليس بعيدا تبقى الاهتمامات منصبة على تطبيق المطلوب دولياً من لبنان لعودته للشرعية الدولية والعربية، وفي شكل خاص تنفيذ القرار 1701 وحصر السلاح بيد الدولة وهو شأن يبقى متعثرا حتى اللحظة لاسباب عديدة، ومعه القرار 1680 المتعلق بالحدود الشمالية والشرقية، التي تشهد اشتباكات متفرقة.
وتكشف المعلومات ان مصدرا دبلوماسيا عربيا، يعمل على خط التواصل بين بيروت ودمشق، المح ان الاخيرة طرحت فكرة اقامة “منطقة عازلة” على طول الحدود الشرقية من الجهتين من الحدود، خالية من اي سلاح “غير رسمي”، كحل نهائي لمسالة الاشكالات والاشتباكات المتكررة، على ان يصار في مرحلة قادمة الى فتح ملف ترسيم الحدود بين البلدين، من مزارع شبعا الى العريضة على البحر شمالا.
غير ان المشكلة الاساسية بالنسبة للجانب اللبناني على ما تؤكد مصادر مواكبة، عدم وجود سلطة فعلية في سوريا، في ظل فوضى المجموعات المسلحة، وضعف امكانات وقدرات الجيش السوري الجديد، عدة وعديدا على ضبط الوضع، علما ان غالبية المجموعات المتواجدة على خط الحدود تابعة لهيئة تحرير الشام التي سبق لها وان استقرت في الجرود بقيادة ابو مالك التلي قبل ان يصار الى طردها.
ورات المصادر ان الحديث عن تلكؤ من قبل الدولة بالقيام بمهامها هو غير صحيح، فالقرار الرسمي واضح، وقد ترجم خلال الاشتباكات الاخيرة بتحرك على خطين، الاول، دبلوماسي قاده وزير الخارجية، بتنسيق ودعم من كل من انقرة والدوحة، والثاني، عسكري تولاه وزير الدفاع وقيادة الجيش، التي اتخذت كل الاجراءات اللازمة، حيث كانت المفاوضات تجري تحت ضغط الضربات التي تلقتها المجموعات السورية، من قبل المدفعية اللبنانية وكذلك الغارات الجوية التي نفذها سلاح الجو.
وفي هذا الاطار، تشير المعلومات الى دور كبير للمخابرات القطرية، الني خبرت التعامل مع تلك الجماعات طوال السنوات الماضية، وهي ساعدت في اكثر من مكان في حلحلة الكثير من العقد، رغم ان ثمة خط تواصل مباشرا بين المخابرات اللبنانية والسورية، يعمل على تفعيله في اطار ايجاد الحلول النهائية للازمة.
غير ان المصادر تستدرك، معتبرة ان اي حل، في ظل التداخل الحاصل على طول الحدود، بين البلدات وتمددها وتوسعها على الجانبين، فضلا عن عمليات التهريب التاريخية التي اشتهرت بها تلك المناطق، وشبكات النفوذ المشتركة اللبنانية والسورية، والتنافس فيما بينها، كلها عوامل تبقي هذا الملف مفتوحا، ودون حل جذري.
وتابعت المصادر، بان لبنان يملك الكثير من نقاط القوة، التي تجعله قادرا على المواجهة، والحسم اذا ما اضطر، اولا ، بسبب جهوزية وحداته العسكرية، والخبرة التي اكتسبتها على طول تلك الحدود خلال السنوات الماضية، ثانيا، انتشار شبكة ابراج المراقبة التي تحصر “مناطق الفلتان” برقعة معينة، ثالثا، عدم وجود اي بيئات حاضنة للمسلحين، خلافا لكل ما يجري الترويج له، رغم بعض الاصوات من هنا وهناك، رابعا، القدرة الاستخباراتية الكبيرة التي يملكها لبنان، والتي سمحت بتحقيق امن استباقي فاعل قادر على ضرب الخلايا النائمة، وهو ما حصل مع احدى المجموعات الداعشية في عكار.
وتختم المصادر، ان لبنان يدرك جيدا ما يحاك للحدود الشرقية، ومحاولات اسرائيل الدخول على الخط لتحقيق اهدافها، وفرض تدويلها، في اطار خطة مكشوفة لتوسيع صلاحيات وولاية القرار 1701، ما يبقي الدولة واجهزتها ومؤسساتها مستنفرة لتفويت ذلك.