الأخبار: ليس سراً أن في يد موفد المملكة العربية السعودية يزيد بن فرحان واحداً من أزرار التحكّم بمفاصل البلد، مُفوّضاً من دولته. وإذا كانت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس تهمس في الأذن اليمنى لأركان السلطة، حُجزت اليسرى لابن فرحان ممثّلاً الرياض، الشريك الأساسي لواشنطن في إدارة الملف اللبناني.
ورغم وجوده بعيداً عن بيروت، يُتابع ابن فرحان الملف بتفاصيله، بشكل يومي، مع بعبدا والسراي الحكومي، وصارت لديه شبكته من السياسيين والمسؤولين في الدولة.
وهو لذلك، يضطر أحياناً إلى زيارة بيروت من أجل تفحّص الأمور عن كثب، كما في زيارته أمس، والتي التقى خلالها رئيس الجمهورية جوزيف عون وبحث معه التطورات في لبنان والمنطقة، على أن يلتقي عدداً من المسؤولين ورؤساء أحزاب وشخصيات سياسية.
الزيارة وُصفت بأنها «جولة متابعة لنتائج زيارة عون إلى المملكة في آذار الماضي، ولقائه ولي العهد محمد بن سلمان الذي تحدّث إليه بصراحة عن أن الدعم للبنان مشروط»، وأن «ابن فرحان الذي تريد بلاده الخير للبنان، يواكب الإصلاحات التي يقوم بها العهد الجديد لطمأنة الخارج ودفعه إلى مساعدة لبنان».
لكنّ المهمة الأساسية لزيارة ابن فرحان هي «تذكير العهد الجديد الذي ساهمت الرياض إلى جانب واشنطن في هندسته، بما يتوجّب عليه من خطوات، وأهمها نزع سلاح حزب الله».
تسعى الرياض إلى تثبيت إشرافها على عمل السلطة الجديدة ومراقبة «سلوك أركان الحكم» حيال الملفات الحسّاسة
كما بات واضحاً للجميع أن زيارته «استكمال لزيارة أورتاغوس، وهو ركّز مثلها على السؤال حول خطوات السلطة في ملف السلاح، والتأكيد بأن المناورات في هذا الشأن غير مسموحة، وأن المهلة الزمنية غير مفتوحة».
وقالت مصادر متابعة إن «ابن فرحان جاء يتفحّص سلوك أركان الدولة وتعاملهم مع هذا الملف، سواء في ما يتعلق بتدابير الجيش اللبناني في جنوب الليطاني وخطة تنفيذها في شمال الليطاني وفي كل لبنان، أو لناحية الحوار الثنائي الذي تحدّث عنه عون مع حزب الله لمناقشة تسليم السلاح».
ولفتت المصادر إلى أن «السعوديين والأميركيين لا يمانعون هذا الحوار، على عكس بعض الأطراف الداخلية التي تذهب بعيداً في رفضه والإصرار على سحبه بالقوة، لأنها تريد تحقيق المكاسب في أسرع وقت تحسّباً لتطورات تعيد خلط الأوراق وتساعد في تصحيح موازين القوى من جديد. لكنّ الجانبيْن الأميركي والسعودي لا يريدان أن يكون الحوار بشروط الحزب ولا أن يأخذ مداه».
وكشفت المصادر أن «ابن فرحان يناقش في زيارته أيضاً ملفات تتعلق بالعلاقة اللبنانية - السورية، علماً أن زيارته تزامنت مع زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لدمشق أمس ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع (بطلب من المملكة)»، ربطاً بـ«اللقاء اللبناني – السوري بين وزيرَي الدفاع برعاية سعودية في جدة نهاية الشهر الماضي للبحث في مسألة الموقوفين الجنائيين السوريين في لبنان وضبط الحدود».
إلى ذلك، يستكمل الرئيس عون جولاته الخارجية بزيارة يقوم بها اليوم إلى الدوحة تلبية لدعوة رسمية، يلتقي خلالها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. و«يبحث اللقاء في الدعم القطري للبنان في المجالات كافة».
وصرّح عون أمس بأن «الحوار بشأن حصرية السلاح سيكون ثنائياً بين رئاسة الجمهورية وحزب الله»، مؤكداً أن «قرار حصر السلاح بيد الدولة اتُّخذ، وتنفيذه يكون بالحوار وبعيداً عن القوة».
وأشار في حديث لقناة «الجزيرة» إلى «وجود رسائل متبادلة مع حزب الله لمقاربة موضوع حصرية السلاح بيد الدولة»، مشدّداً على «الحاجة إلى إستراتيجية أمن وطني تحصّن لبنان وتنبثق عنها الإستراتيجية الدفاعية».
وقال إن «حزب الله واعٍ لمصلحة لبنان والظروف الدولية والإقليمية تساعد على ذلك»، مؤكّداً أن «موضوع التطبيع لم يُطرح علينا»، ومشدّداً على «التزام لبنان بمقرّرات قمة بيروت ومؤتمر الرياض بشأن العلاقات مع إسرائيل». وقال إن «لبنان ينسّق مع القيادة السورية الجديدة لضبط الحدود»، معرباً عن أمله في تعيين لجان لترسيم الحدود البرية والبحرية.
في هذه الأثناء، التقى الرئيس سلام الشرع في دمشق، ورافقه وزراء الدفاع ميشال منسى، والداخلية أحمد الحجار والخارجية يوسف رجّي. ووجّه سلام دعوة إلى الشرع لزيارة بيروت.
ولم تخرج الزيارة على ما يبدو عن فحوى ما اتّفق عليه سلام مع السعوديين خلال زيارته الأخيرة للمملكة، إذ تناول في دمشق الملفات نفسها التي ناقشها ابن فرحان في بيروت، وهي «ضبط الحدود والمعابر، ومنع التهريب، وترسيم الحدود براً وبحراً، وتعزيز التنسيق الأمني، وموضوع الموقوفين السوريين» وفقَ ما قالت مصادر رئيس الحكومة. وفور عودته، عقد سلام اجتماعاً مع ابن فرحان لوضعه في تفاصيل الزيارة.