"لاجئين جوّا جوّا، باسيل برّا برّا" ذلك كان نشيد ما نُسِب إليها اسم ثورة تشرين، وكان خطاب بعض من نُسِب إليهم عن طريق الخطأ الهويّة اللبنانيّة.
صحيح أنّ لبنان اعتاد منذ القدم، على استقبال الشعوب المجاورة التي تُعاني بلادها من حروب وتهجير. كما اعتاد على تكبّد خسارات واختلال توازنات على صُعُد كافّة من جرّاء فتح حدوده على مصراعيها بدون أن تُقدّم أيّة دولة، قريبة كانت أم بعيدة المساعدة في استقبالهم. لكنّ ما حصل في السنوات الأخيرة كان الوضع الأسوأ الذي قد يتعرّض له لبنان من جيرانه.
فقد كانت آخر مصائب فتح الحدود بدون رقابة، دخول السّوريّين إلى لبنان مع بداية الحرب على بلادهم، تحت مسمّى نازحين هربًا من أزمة قاسية وخوفًا من نظام قاسٍ. دخولهم تمّ بطريقة عشوائيّة بداية، حتّى ظهر أوّل دور للتيّار الوطنيّ بتعدادهم وتسجيلهم كما تسجيل ولادتهم. إلاّ أنّ المُعرقلين الكثر، ومنهم من استعمل، فيما بعد، مركزه في وزارة الشّؤون الاجتماعيّة وقرّر وقف التّعداد بحجّة الوضع المأساوي الذي يتعرّضون له. هذه الشّفقة كانت الواجهة المزيّفة، أمّا الواقع الحقيقي فكان القدرة على التّلاعب بالأرقام للتّلاعب بالمساعدات.
والوضع التربويّ لم يكن منذ ذلك الوقت بأفضل حال فقد قرّرت الحكومة اللبنانيّة ووزارة التربيّة في آخر عام 2023 السماح بتسجيل الطلّاب السوريّين في المؤسّسات التعليميّة المهنيّة، من دون حيازتهم على إقامة من المراجع الرسميّة المختصّة. وهذا ما اعتبره الكثيرون خطأً تربويًّا على حساب الطلاّب اللبنانيّين المحروم البعض منهم من التعلّم بمنح بالرّغم من ظروف حياتهم القاسية. ولكن، بقي التيّار وحده، كما العادة دائمًا، الذي رفع الصوت عاليًا معترضًا على محاولة الدّولة ثبيت النازحين الموجودين بصورة غير شرعية، عبر فتح أبواب المدارس أبوابهم. واعتبر وقتها، رئيس التيّار الوطنيّ الحرّ "جبران باسيل" أنّ هكذا قرار هو بداية مشروع توطين، ولبنان لا يحتمل ذلك لا اقتصاديًّا ولا مجتمعيًّا ولا ديمغرافيًّا. كما ارتفعت أصوات تيّاريّة أخرى نبّهت من دمج النازحين تحت حجة العِلم بحجة الضيافة والاستقبال والشّعور الأخوي بالحالة التي يمرّ بها وطنهم.
كما أكّدت أنّه من واجب الحكومة اللبنانيّة حماية مصلحة اللبنانيّين لا جعل الوضع في لبنان سائبًا عبر السماح للنازحين غير الشرعيّين بالتسجيل في المدارس والمعاهد ممّا يُمهّد الطّريق لآخرين، وصولاً إلى توطين مُبطّن ومرفوض يُمعِن في استنزاف قدرات لبنان على التحمّل مع الظروف القاسية التي يمرّ بها لبنان أصلاً.
ولا يمكننا أن ننكر التأثير الأمني الخطير الذي يلعبه وجود السوريّين غير الشرعيّين في لبنان إن لناحية السّرقات والقتل والدخول والخروج عبر المعابر غير الشرعيّة حينًا والشرعيّة أحيانًا (لمن يملكون أوراقًا تُعرّف عنهم) إمّا لنقل السرقات أو للهروب من القانون أو للزيارة ثمّ العودة للتّنعّم بمساعدات هيئات الأمم وخلق عبء على المجتمع اللبنانيّ: اقتصاديّ، اجتماعيّ وصحّيّ. وهنا ارتفع صوت باسيل مُحذّرًا ممّا قد يخلقه الوجود السوري أمنيًّا.
فوحده التيّار كان ولا يزال الصوت الصارخ في زواريب السياسة الفاسدة التي لا تهتمّ انسانيًّا بالسوريّين في لبنان بل بالمنفعة التي ينتفعونها منهم بالإضافة إلى رضوخهم للخارج لمصالح شخصيّة لا وطنيّة.
كان نزوحًا وتحوّل إلى لجوءٍ ثمّ قطبة مخفيّة للتّوطين وصولاً إلى ما قاله مؤخّرًا رئيس التيّار " احتلال".
بلادهم أصبحت آمنة ومن كانوا يدّعون الخوف من نظامه أصبح خارج البلاد، فما الدّاعي لبقائهم؟ هم لم يعودوا نازحين، فالنازح حين تنتفي أسباب نزوحه ولا يعود إلى بلاده يصبح محتلاًّ.
نحن، التيّار الوطني الحرّ، رفضنا الاحتلال سابقًا وواجهناه بكلّ السبل، ومنذ عشرين سنة شهدنا على انسحاب الجيش السوري من لبنان ولن نرضى ببقاء الاحتلال السوري اليوم مقنّعًا بيننا تحت أيّ تسمية.
لا للاختزال، لا للاختلال ولا- عن سابق تصوّر وتصميم - لاحتلال جديد.