HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

دروز سوريا وعلاقة مرتبكة بالشرع... خطاب التفاهم وواقع التصادم

12
MARCH
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

سلطان الكنج-

اصطبغت علاقة الإدارة السورية الجديدة بالقوى الفاعلة في محافظة السويداء، معقل الطائفة الدرزية، بطابع غلبت عليه حالة من الشد والجذب، والتصعيد في مقابل تصعيد مضاد بهدف توجيه رسائل تدفع عملياً لفتح حوار يجنب سوريا المزيد من الفوضى الأمنية في مقابل انتزاع مكاسب تتعلق بشكل النظام السياسي وتوزيع السلطات والحفاظ على الخصوصيات المحلية في آن واحد.

وقد وضعت الأحداث الأخيرة التي جرت في الساحل السوري، معقل الطائفة العلوية، قضية الدروز على نار حامية وإن بدا ظاهرياً على الأقل أنها هدأت بعد أحداث كثيرة ومتفرقة شهدتها الأسابيع الأخيرة محافظة السويداء وصولاً إلى منطقة جرمانا، حيث الكثافة الدرزية في محيط العاصمة دمشق.

وكان التصعيد بلغ ذروته بمنع الفصائل العسكرية «الدرزية» قوات الأمن العام التابعة لحكومة دمشق من دخول مدينة السويداء، ومنطقة جرمانا جنوب شرقي العاصمة، للقبض على «قتلة» أحد عناصر الأمن العام عند أحد مداخل المنطقة في الأول من مارس (آذار) الماضي، في أحداث سبقت مباشرة أحداث الساحل الدموية.

هذا، وتشهد السويداء بين الحين والآخر احتجاجات رافضة لسلطة أحمد الشرع اتخذ بعضها نهجاً خطراً كمثل حادثة رفع العَلم الإسرائيلي، أو طلب الحماية من إسرائيل في مقابل بيانات وتصريحات لقوى أخرى أكثر ثقلاً محلياً وإقليمياً تدعو إلى الحوار ومنع التصعيد الطائفي كما ورفض التصريحات الإسرائيلية التي عرضت تقديم الحماية للدروز.

انفتاح دونه عقبات

مصدر في حكومة الشرع قال لـ«الشرق الأوسط» إن التقدم الذي تحرزه الحكومة في مجالات عدة بدأ ينعكس على العلاقة مع الدروز. وأشار المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، إلى أن «الأوضاع في السويداء تسير بشكل إيجابي، وإن هناك تقدماً في أكثر من جانب»، وإن أبناء السويداء «هم جزء لا يتجزأ من سوريا». يأتي ذلك في وقت بدأت تتسرب أنباء عن «اتفاق متعجل» يتم إقراره بين الشرع وأعيان من الطائفة الدرزية على غرار اتفاقه مع الزعيم الكردي مظلوم عبدي، من دون إمكانية تأكيد ذلك بعد بشكل حاسم.

ولفت المصدر إلى «أن الحكومة منفتحة على الحوار، لكنها تواجه عقبات قد تتطلب وقتاً لحلها»، مشدداً على أن «حل أي خلافات يتم بين السوريين أنفسهم دون أي تدخل خارجي. فالحكومة السورية تدير شؤون بلدها باستقلالية تامة».

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسيطرة إدارة العمليات العسكرية بقيادة «هيئة تحرير الشام» على الحكومة الانتقالية المؤقتة، ازداد المشهد تعقيداً بعد تصريحات تصعيدية لبعض رجال الدين الدروز الفاعلين ترفض الامتثال لحل الفصائل المسلحة وتسليم السلاح ودمج عناصرها أفراداً في وزارة الدفاع؛ ما يعكس واقع «الهشاشة» وغياب الثقة في العلاقة بين الطرفين.

وفي خطوة تصب باتجاه تجنب التصعيد، سارع الرئيس السوري أحمد الشرع ومنذ منتصف ديسمبر الماضي إلى استقبال وفد من كبار رجال الدين الدروز، من بينهم الشيخ سليمان عبد الباقي قائد «تجمع أحرار جبل العراق» وسلمان الهجري نجل الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري.

وكما وكان الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط أول زائري الشرع على رأس وفد من الوجهاء والأعيان الروحيين، بما يحمل ذلك من رمزية لا تخفى عن طبيعة العلاقات التاريخية بين السلطة (أي سلطة) في دمشق والطائفة الدرزية.

ومع ذلك، ظلت القوى الدرزية الفاعلة على الأرض، سواء الدينية أو الاجتماعية أو المسلحة منقسمة في مواقفها من العهد الجديد، وحول رؤيتها لمستقبلها في كنف السلطة الوليدة.

وفي محاولة إسرائيلية لتأجيج الخلافات بين الطائفة الدرزية والحكومة الانتقالية، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاشتباكات بين قوات الأمن العام ومسلحي جرمانا للتهديد بالتدخل العسكري في حال تعرض الدروز لأي أذى. لكن الإدارة السورية وظفت علاقاتها مع بعض القوى الدرزية في السويداء لقيادة مفاوضات أسفرت عن التهدئة مع مسلحي جرمانا. كما وجاء إعلانها عن اعتقال اللواء إبراهيم حويجة، الرئيس السّابق للاستخبارات العامّة في سوريا، والمتّهم باغتيال الزعيم الدرزيّ كمال جنبلاط عام 1977 قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية لاغتياله، بمثابة رسالة واضحة للزعامة الدرزية «الرسمية» المتمثلة بآل جنبلاط ومن ورائها عموم أبناء الطائفة.

دروز إدلب... علاقة غير ودية

في الواقع، هذه الأحداث ليست وليدة الأمس. فالوجود الدرزي لا يقتصر على معاقل محمية إلى حد بعيد كالسويداء وجرمانا، وإنما هناك أيضاً دروز إدلب وتحديداً في مناطق جبل السمّاق الذين تعرضوا لانتهاكات وعمليات قتل عشوائية في 2015 بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على المنطقة. وأبرز تلك العمليات كانت في قرية «قلب لوزة» على يد فصائل «جهادية» متحالفة مع جبهة النصرة حينذاك.

وبعد فك الارتباط بتنظيم القاعدة في يوليو (تموز) 2016، حاولت «جبهة النصرة» التي تحولت تدريجياً إلى «هيئة تحرير الشام» بقيادة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، النأي بنفسها عن «التشدد» وتجنب «التصنيف» على لوائح الإرهاب، مستفيدة من تجربة حكم تنظيم الدولة وتعامله مع المجتمعات المحلية وخسارته «الحاضنة الاجتماعية». وعليه، شكلت «هيئة تحرير الشام» في مدينة إدلب «حكومة الإنقاذ» لادارة المناطق الخاضعة لسيطرتها وتسيير شؤون السكان الذين تجاوزت اعدادهم الأربعة ملايين.

ومع التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية وخفة حدة العمليات القتالية، وفي محاولة لمنع أي تصعيد سواء بين الفصائل المسلحة، أو بين المجتمعات المحلية، ولإبراز الوجه الجديد للهيئة بصفتها سلطة «الأمر الواقع»، التقى زعيمها «أحمد الشرع» أكثر من مرة بوجهاء وأعيان المحافظة، ومن بينهم «الدروز» الذين تلقوا منه وعوداً بإرجاع حقوقهم وممتلكاتهم وتأمين الخدمات الأساسية لهم وحمايتهم. وهو ما جرى جزئياً ولكن عادت الأحداث وتسارعت واتخذت منعطفات مختلفة مع سقوط نظام بشار الأسد، حيث لا تزال ملامح العملية السياسية وشكل النظام السياسي وهويته بانتظار ما تحدده صيغة دستور المرحلة الانتقالية التي يفترض أن يتوافق عليها السوريون.

مشهد معقّد

ما يزيد المشهد تعقيداً، أن أجزاءً كبيرة من البلاد لا تزال خارج سيطرة الحكومة الحالية، كما أن السلاح لا يزال منتشراً بيد مجموعات مسلحة منظمة أو سكان محليين والدروز بطبيعة الحال ليسوا استثناء.

لذلك؛ فقد سلطت أحداث الساحل الأخيرة ثم الاتفاق مع المكون الكردي، الضوء على التحدي الأبرز أمام الإدارة الجديدة وهو الإبقاء على وحدة المجتمع السوري والحفاظ على تماسك نسيجه المتنوع وكيفية إدارة الأزمات والاحتقان الناتج من ذلك التنوع والاختلافات.

ويقول مضر هائل لـ«الشرق الأوسط»، وهو من أبناء السويداء النشاطين سياسياً وأحد أبرز منظمي تظاهرات ساحة الكرامة بين 2023 و2024: «الحكومة الحالية هي حكومة أمر واقع، ويجب أن نتجه نحو حكومة منتخبة وأن يشارك الجميع في وضع دستور لهذا البلد وأن تأتي تلك الحكومة من إرادة الشعب. في هذه الحالة، لن يبقى لأحد ذريعة برفض الاعتراف بحكومة دمشق. نحن دائماً كنا مع جميع فئات المجتمع السوري في الثورة ضد النظام، لكن يجب ألا نستبدل نظاماً بآخر فقط، بل يجب أن نبني دولة تحترم الجميع ويكون الجميع تحت قانونها».

ويضيف: «هناك من يستغل التصريحات الإسرائيلية بخصوص حماية الدروز ليثير النعرات الطائفية»، ويقول: «انظروا، هؤلاء عملاء»، وبالتالي ينفذ أجندته غير الوطنية. لا أحد يريد أن يكون مع إسرائيل، لكن بالحوار والتفاهم، وبناء دولة تشاركية، يمكننا قطع الطريق على إسرائيل وغيرها من الطامعين».

أزمة ثقة... لا تمنع المصالحة

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى الباحث السياسي اللبناني مكرم رباح الذي لفت إلى أن الثقة بين الطائفة الدرزية والإدارة السورية الجديدة لا تتعلق فقط بالمسألة الدرزية. وقال رباح: «من المعروف أن النظام السوري السابق استخدم الجماعات التكفيرية لتخويف الدروز، وهذا يشكل هاجساً دائماً لدى الدروز المتمسكين بأرضهم وسلاحهم. والمشكلة الأساسية تكمن في إصرار الرئيس أحمد الشرع على المركزية، وهذا الأمر يثير قلق الدروز، في حين أن نظام البعث نفسه كان قد منحهم نوعاً من الاستقلالية ضمن إطار تحالف الأقليات».

وهنا يبرز السؤال عما إذا كان الشرع سيتمسك بهذه المركزية بعد عقد اتفاق مع الأكراد وهو ما سيتحدد أكثر عندما تظهر بنود الاتفاق وشروطه.

ويؤكد الباحث أن إسرائيل تلعب دوراً في توتر العلاقة بين السويداء ودمشق، لكنه يستبعد أن يكون أحداً من دروز سوريا مستعداً للدخول في مغامرة كهذه. «فإسرائيل تستخدم هذا الملف كورقة في حربها المستمرة في المنطقة، كما تسعى للضغط على الشرع لتقديم تنازلات».

ويقول رباح: «مطالب الدروز هي نفس مطالب كل السوريين. هناك خصوصية للطائفة الدرزية، لكن الإدارة الجديدة ربما لم تحاول التعرف عليها. وفي حال أدركت حكومة الشرع هذه الخصوصية، ستتمكن من التعاطي الإيجابي مع الملف الدرزي».

واعتبر رباح أن وليد جنبلاط يلعب دوراً أساسياً في الملف الدرزي بسوريا، حيث كان أحد المبادرين لمقابلة الرئيس الشرع. لكن هناك أيضاً شخصيات درزية عدة مؤثرة، مثل الشيخ يوسف الجربوع، وحكمت الهجري، ويحيى الحناوي، وكلهم سيتعاملون مع الشرع باعتباره رئيس الجمهورية السورية، نظراً لما يتمتعون به من تأثير كبير كمشايخ عقل.

ورأى أن هناك عوامل تدفع نحو حل الملف الدرزي وتسرّع المصالحة الكاملة بين جميع الأطراف، مثل وضع خريطة واضحة للانتقال السياسي، ومشاركة الدروز في العملية السياسية، ومنح نوع من اللامركزية المحلية. كما أن بعض المبادرات الإيجابية من الرئيس الشرع قد تساهم في تحسين العلاقة بشكل أسرع.

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى الباحث السوري وائل علوان فقال: «العلاقة بين الطرفين لا تتعلق بعدم الثقة، فهناك خصوصية للمجتمع في السويداء، ليست الحكومة فقط من يراعيها، بل كل المجتمع السوري يراعي تلك الخصوصية».

ولفت علوان إلى أنه خلال الأعوام التي تلت اندلاع الثورة في 2011، كان هناك نزاع داخلي في السويداء بين المرجعية الدينية التقليدية التي كانت في بيت الهجري والحناوي وبيت الجربوع، حيث كانوا موالين للسلطة، وبين الثوار في السويداء الذين كانوا ضد النظام السوري. لكن كان الثوار يفتقدون التغطية الدينية من أحد تلك المراجع المذكورة، وبقي المرجع الديني صاحب الكلمة العليا.

ويضيف علوان: «في السنوات الأخيرة، كان حكمت الهجري، رجل الدين الأبرز، معارضاً للنظام، وبذلك أخذ دوراً أكبر بكثير من الحناوي والجربوع، وهما من أبرز المراجع الدينية الأساسية لدى دروز سوريا. ولعب الهجري دوراً كبيراً في السويداء، لكن لم يكن على علاقة جيدة مع البلعوس الذي يمثل التيار المعارض الثوري ضد النظام السوري. حيث كان هناك تنافس وصراع بين المراجع الدينية التقليدية وبين المكونات الجديدة الثورية، أي التي عارضت النظام السوري وخالفت رأي بعض رجال الدين».

معتبراً أن الفترة الأخيرة التي عارض فيها الهجري نظام بشار الأسد، فتحت خطاً مع علاقة مع موفق طريف، وهو أحد الزعماء الدينيين الدروز في إسرائيل. وبقي البلعوس وسليمان عبد الباقي على علاقة مع وليد جنبلاط في لبنان مع مجموعات عسكرية متحالفة مع البلعوس. وهذان خطان متباينان، خط الهجري مع طريف يقابل خط البلعوس وجنبلاط، وهما متباينان تماماً، وكلا الخطين استعان بحليف خارجي.

يشير علوان إلى أنه بعد سقوط الأسد، أصبح من الواضح أن هناك انقساماً في المشهد، مرجحاً أن تتحالف الحكومة السورية الجديدة مع تيار البلعوس وجماعته، وأن يصبح الهجري أكثر معارضة لها.

ويذهب الباحث إلى أن إسرائيل تخدم دور الهجري وتعدّه حليفاً؛ وهذا ما أثر سلباً على العلاقة بالمجتمع السوري الأوسع، معتبراً أن مطالب أهل السويداء لم تتغير وهي احترام خصوصية المجتمع الدرزي والهرمية الدينية وعدم دخول أحد من خارجهم ليحكمهم.

من المؤكد أن جميع التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية هي ذات أبعاد إقليمية أو دولية، إلى جانب التداعيات المحتملة للأوضاع الداخلية «غير المستقرة» على مستقبل البلاد ووحدة المجتمع. وتمثل إسرائيل وتهديداتها وتعهداتها بالتدخل لحماية الدروز، التحدي الأكبر لقدرة الحكومة على التعاطي مع مثل هذه الملفات.

لكن عاملي التمسك بالمركزية و«انعدام الثقة» ولو جزئياً يجعلان ملف الطائفة الدرزية ومن خلفه ملفات بقية المكونات السورية أبرز التحديات التي تواجه «الشرع» ووحدة المجتمع السوري وسيادة البلد ووحدته الترابية.

الشرق الأوسط
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING