<
15 March 2021
مشهدية جديدة: التسعير بالدولار.. ونقدًا!

إيفا أبي حيدر -

مشهدية جديدة من المتوقع ان تلقى رواجاً أكبر في المرحلة المقبلة وتتمثّل بفرض تسعيرة الدولار النقدي على السلع الاستهلاكية، علماً انّ بعض التجار بدأوا باعتمادها، على ان تُستثنى منها الملاحم ومحلات الخضار والفاكهة والسلع الغذائية في توجُّه قسري نحو الاقتصاد المدولر. في الموازاة، بدأ مصرف لبنان خفض الاعتمادات للسلع المدعومة ما ساهم في زيادة الطلب على الدولار. ومن المتوقع ان تؤمّن السوق السوداء حوالى 7 مليارات دولار للاستيراد هذا العام مقارنة مع 5 مليارات العام الماضي.

دفع التدهور الدراماتيكي الذي شهدته الليرة اللبنانية يوم السبت، بوصول سعر الصرف في السوق الموازي الى 12500 ليرة مقابل الدولار، بعض المؤسسات التجارية الى إقفال محالها في خطوة تكررت أكثر من مرة في الفترة الاخيرة كخطوة احترازية للحد من خسائرها بسبب الضياع في التسعير الذي تعيشه، والناجم عن التقلب المستمر للدولار بنسبة مرتفعة وفي أوقات زمنية قصيرة. فكيف تستعد هذه المؤسسات للمرحلة الاسوأ حيث من المتوقع ان يستمر سعر الدولار في التحليق؟ وكيف ستحمي رأسمالها التشغيلي في المرحلة المقبلة؟

يؤكد عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدنان رمال ان الاقفالات التي حصلت السبت أتت بقرار فردي نتيجة التدهور المتسارع في سعر الصرف وليس بقرار من الهيئات التجارية، والذين أقفلوا هم بشكل خاص التجار الذين لا زالوا يعتمدون تسعيرة الـ7500 او 8000 ليرة للدولار وهؤلاء يخشون من تآكل رأسمالهم التشغيلي ومن عدم قدرتهم على شراء البضاعة مجدداً مع الارتفاع الذي سجله الدولار، لذا ارتأوا الاقفال. والأخطر في هذه العملية ظاهرة إقدام بعض صغار التجار على الشراء من عند كبار التجار الذين لا تزال تسعيرتهم مخفّضة او مقبولة، ثم يعمدون الى بيعها في متاجرهم بسعر مرتفع وفق دولار السوق. لكن العدد الأكبر من التجار، خصوصاً المستوردين وتجار الجملة، ما عادوا يقبلون البيع الا مقابل عملة الدولار حفاظاً على رأسمالهم وقيمة مخزونهم، لذا ما عادوا يتأثرون بتقلبات أسعار الصرف.

وقال رمال لـ»الجمهورية»: هناك حالة ضياع في صفوف التجار في سعيهم الى إيجاد توازن ما بين طريقة التسعير والمحافظة على الرأسمال، خصوصاً انّ استمرار البيع على سعر صرف منخفض لن يمكّنهم من شراء المزيد من البضاعة، وهذا ما حصل عندما ارتفع الدولار الى 10 الاف ليرة لأول مرة مطلع الصيف فعمدوا الى اقفال متاجرهم. وهنا نتحدث خصوصا عن صغار التجار الذين ما عاد في مقدورهم العيش من ربح البيع لأن الربح ما عاد يتحقق. ورأى ان الخسارة اليوم تقع بالتساوي على التاجر والمستهلك لأنهما الشخص نفسه، فالتاجر اذا لم يسعّر وفق سعر الصرف في السوق الموازي لن يتمكن كمستهلك من تأمين السلع الغذائية والاستهلاكية لعائلته.

وكشف رمال انه بعد إعادة فتح البلاد، غالبية الشركات اعتمدت التسعير بالدولار وما عادت تقبل الدفع بالليرة اللبنانية. وقال: بعد احداث 17 تشرين 2020 عندما بدأ سعر الصرف يتغير اتجهت السوق اكثر نحو التسعير بالدولار، لكن اعتبارا من شهر نيسان 2020 عادت السوق لتتجه نحو اعتماد الليرة اللبنانية هرباً من القبول بشيكات بالدولار والفيزا كارد، لكن بعد هذه الأزمة والتدهور المتسارع لليرة بدأت ظاهرة التسعير بالدولار، وسنلاحظ تباعاً ان كل شيء سيعتمد التسعير بالدولار باستثناء السوبرماركت والملاحم ومحلات الخضار والفاكهة، لافتاً الى ان التجار خسروا خلال هذه الأزمة أكثر من 50 في المئة من رساميلهم. لذا، انّ التسعير بالدولار هو الحل الوحيد ليحافظوا على وجودهم، ومن شأن هذه الخطوة ان ترفع الطلب على الدولار ليصبح اقتصادنا مدولراً من جديد.

الجمهورية