يوسع رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، أدواته لمحاربة الفساد، لتشمل جهات خارجية، وذلك بعد التقدم الملموس الذي تحقق خلال الفترة الماضية، مثل اعتقال زعامات سياسية متورطة بملفات فساد، وتفعيل دور الأجهزة الرقابة المختصة، في هذا الشأن.
ويعتبر العراق بين أكثر دول العالم فسادا، وذلك بحسب مؤشرات منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية، فيما قدّم الرئيس العراقي، برهم صالح، مشروع قانون إلى البرلمان، الأسبوع الماضي، يهدف لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج، ضمن حملة واسعة أطلقها الكاظمي، عقب وصوله إلى رئاسة الحكومة.
وتهدف الحملة العراقية، إلى توسيع نطاق التعاون، مع المجتمع الدولي، والمنظمات المعنية، والجهات ذات العلاقة، فضلاً عن دول الجوار والمحيط العربي، فيما يتعلق بالأموال المهربة إلى الخارج، والمساندة في وقف استنزاف أموال البلاد، عبر شركات وشخصيات لديها ارتباطات متشعبة، ونافذ محلياً.
البنك الدولي على الخط
والتقى مصطفى الكاظمي، أمس الثلاثاء، وفداً من البنك الدولي، وبحث معه آليات مساندة العراق، في مكافحة الفساد.
وذكر المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان أن "رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، استقبل اليوم نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيد فريد بلحاج والوفد المرافق له".
وبحسب البيان، "جرى خلال اللقاء التباحث في سبل تعزيز التعاون بين العراق والبنك الدولي في مختلف البرامج والمجالات، وفي ما يتعلق بآليات مكافحة الفساد وإعادة بناء هيكلية الخدمة العامة بما يرفع من الكفاءة، ويؤسس للتنمية المستدامة والاستثمار الأمثل للثروة البشرية، كما تمت مناقشة بعض مشاريع البنك الدولي المتلكئة في العراق والاتفاق على السبل الكفيلة لإعادة تفعيلها".
وأكد الكاظمي "تصميم العراق، بالرغم من كل التحديات، على المضي في طريق الإصلاح الاقتصادي، وفق رؤى طويلة الأمد تعتمد على حلول ناجعة".
وبين أن "الحكومة تضع نصب أعينها مصالح العراق أولاً واحتياجات الشعب العراقي، بالإضافة إلى الاستفادة من المشورة التي تقدمها المؤسسات المالية الرصينة مثل البنك الدولي".
وتنقسم الأموال العراقية إلى جزأين؛ الأول منذ زمن صدام حسين، وهي تعود لمسؤولي النظام السابق، وأعضاء حزب البعث، والأموال الرسمية التابعة للدولة العراقية على مدار السنوات الماضية، والجزء الآخر، هي لمسؤولين عراقيين، ما بعد نظام صدام حسين والذين هربوا إلى الخارج، بعد كشف ملفات الفساد ضدهم، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إعادتهم إلى البلاد.
وشهد العراق أولى محاولات تهريب الأموال، عام 2005، عندما هرب وزير الدفاع الأسبق، حازم الشعلان بنحو مليار دولار، وحكمت عليه المحاكم العراقية بالسجن 7 سنوات، إلا أنه لا يزال خارج العراق فضلاً عن عدم استرداد تلك الأموال.
مبالغ كبيرة بالنسبة للعراق
عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، النائب كاظم الشمري، قال إن "مكافحة الفساد واستعادة أموال العراق، المهربة تخضع للقوانين الدولية، وهو ما يحتم على المسؤولين والقيادات اتخاذ خطوات نحو المجتمع الدولي، مثل الأمم المتحدة، وواشنطن وبريطانيا، فضلاً عن الضغط على مجلس الأمن لاستصدار قرار يلزم الدول الأعضاء بالتعاون مع العراق بهذا الشأن".
وأضاف النائب العراقي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الأموال المنهوبة والمودعة في بنوك الدول الأخرى، تمثل مبالغ كبيرة جداً بالنسبة لموازنات العراق"، لافتاً إلى أن "الإجراءات الحكومية في هذا الاتجاه خجولة، فهناك دائرة خاصة باسترداد الأموال العراقية، لكن بين الحين والآخر، يتم استرداد بعض الأموال التي تقدر بـ 200 أو 300 مليون دولار، وهذه لا شيء"، مشيراً إلى "تجربة نادي باريس عندما أسقطت عدة دول ديونها على العراق، بشكل جماعي، وبتعاون لافت، وهذا ما نحتاجه الآن في هذا الملف الشائك".
والاثنين الماضي، أعلنت السلطات العراقية صدور 53 أمر قبض واستدعاء بحق مسؤولين رفيعين حاليين وسابقين بينهم نواب في البرلمان ووزراء ومحافظون، بتهم تتعلق بالفساد، خلال الفترة الماضية، ضمن الحملة المستمرة.
وقالت هيئة النزاهة العراقية، وهي هيئة رسمية معنية بملاحقة الفساد، في بيان إنّ "القضاء أصدر منذ شهر أبريل الماضي 8 أوامر قبض و45 أمر استدعاء للتحقيق بحق مسؤولين كبار على خلفية قضايا وملفات تتعلق بالفساد"، موضحة أن "الأوامر شملت 3 أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) للدورة الحالية، فضلا عن عضو من الدورات السابقة".
وأشارت إلى أن "أوامر القبض والاستقدام شملت وزيرا سابقا ووزيرين أسبقين، إضافة إلى 8 مُحافظين، بينهم اثنان حاليان، و15 من المديرين العامين 7 منهم حاليون و7 سابقون ومدير عام أسبق، كما شملت الأوامر 23 عضوا من أعضاء مجالس المحافظات".
وفي أغسطس الماضي شكل الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، وأوكل مهام تنفيذ أوامر الاعتقالات إلى قوة خاصة برئاسة الوزراء.
وتمكنت تلك اللجنة من اعتقال عشرات المسؤولين، والقيادات السياسية، المتهمين بملفات فساد، فضلاً عن بعض من قادة المجموعات المسلحة، مثل قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي قاسم مصلح.
وتندد على الدوام الميليشيات والأحزاب المقربة من إيران، بتلك اللجنة، التي تُعرف محلياً بـ"لجنة أبو رغيف"، حيث يقودها الضابط المعروف في وزارة الداخلية، أحمد أبو رغيف، وذلك بسبب اعتقال شخصيات مقربة من قادة تلك الأحزاب والمجاميع.