جويل عرموني - الديار
حقّقت الفنانة دارين حدشيتي شهرة واسعة في المجال الفني والغنائي بسرعة كبيرة، بعد أن تقدّمت الى «استديو الفن» ليلمع نجمها وتفوز بالميداليّة البرونزيّة، منطلقةً كالصاروخ في بداياتها بأغنية «قدّام الكلّ» التي لاقت أصداءً إيجابية جداً وقبولاً كبيراً على مستوى لبنان والعالم العربي.
وتوالت أعمالها الفنية وأصدرت ألبومات و»كليبات»عدّة حازت على المراكز الأولى، منها «ارتحلك قلبي»، ثم «كل القصة».
وقد التحقت بالكونسرفتوار الوطني - معهد الموسيقى في بيروت لتعزّز معرفتها الاكاديمية في الموسيقى والغناء وتكوّن لها مرجعية علمية وفنية محترمة ترفع من مستواها الفني الراقي.
بعد غياب طويل، فتحت دارين حدشيتي قلبها لـ «الديار» وتحدثت بكل شفافية وجرأة عن سبب ابتعادها عن الساحة الفنية، وعمّا تحتاج اليه اليوم للعودة بقوّة كالسابق، معلنةً عن أعمالها المقبلة، موجّهةً رسالة الى جمهورها الذي اشتاق اليها، إضافة الى أمور أخرى كشفت عنها للمرّة الأولى.
«هذا الانسان لا يتكرر وكان فعلاً استثنائياً»
تعتبر دارين حدشيتي أن وفاة مدير أعمالها جورج أناستاسيادس كان السبب الرئيسي لابتعادها عن الساحة الفنية، بعد أن رافقها منذ إصدارها ألبومها الأول «قدام الكلّ» سنة ٢٠٠٥، الذي كان بداية شهرتها ونجاحاتها، والذي شكّل جواز سفرها للعبور إلى الجمهور، ثم تبعه ألبوم «ارتحلك قلبي» و»كل القصة» وعدد كبير من الاغنيات والحفلات والمهرجانات.
وأكملت دارين مؤكدة أن أناستاسيادس»فتح لي باب التواصل مع فرق عمل عالمية تعمل مع أهم النجوم العالميين، وطبعاً لو كتب له أن يعيش ويستمر لكنّا حققنا نجاحات كبيرة وتحوّلنا إلى رقم صعب على الساحة الفنية. انه انسان لا يتكرر في هذا المجال وكان فعلاً شخصاً استثنائياً».
فيلم سينمائي قريباً؟
وعبّرت دارين عن سعادتها عندما تسمع أغانيها تُبثّ عبر الإذاعات وفي أماكن السهر والحفلات وبشكل دائم بالرغم من غيابها عن الإصدارات الجديدة لمدة ثماني سنوات. «لا يزال الجمهور يطالبني بالعودة الى الساحة الفنية وإصدار أعمال جديدة، وهذا ما جعلني أشعر بمحبة الناس التي لو لم تكن موجودة، لما كانوا يطالبونني بالعودة». وأعلنت حدشيتي عن وجود أعمال جديدة قيد التحضير، إلا أنها «وبظل هذا الوضع الذي نعيشه في لبنان من فيروس كورونا الذي تم تركيبه لاستهداف البشرية وقتلنا بشكل مقصود، وصولاً الى الوضع الاقتصادي السيىء، حيث أصبحنا عاجزين عن التركيز على الانتاج الفني.»
كما كشفت عن التحضير لمشروع فيلم سينمائي من بطولتها مع عدد من الممثلين، إلا أنه معلّق بانتظار اتضاح صورة الوضع في لبنان.
«اعطيني تـأعطيكي»
وعن معايير اختيارها للأعمال الجديدة، رأت دارين أنها تعلّق أهمية كبيرة على نوعية العروض التي تقدّم لها سواء أكان على مستوى الأغاني أم البرامج أم الأفلام. فإن لم يكن العمل مناسباً لها من النواحي كافة ومكتملاً بكل مواصفاته، فهي طبعاً لا تسير به ولا تقبله بأي شكل من الأشكال.
ولدى سؤالها عن سبب عدم توقيعها مع أي مدير أعمال أو شركة انتاج، أكدت دارين انها اجتمعت مع أشخاص عدة وشركات ولم تتفق مع طريقة عملهم. «فأنا لا أستطيع العمل مع شركة تريد احتكار الفنان، بالإضافة إلى أن مشكلة الغيرة المستشرية تعقّد العمل مع الشركات والمنتجين ولا يعود أحد يضمر الخير للآخر. فأنا اجتمعت مع عدد كبير من المنتجين وكان عرضهم «اعطيني تـأعطيكي». «فهل من المعقول أن أقبل بالتنازل عن كرامتي ومبادئي للوصول الى النجاح على الصعيد الفني؟ اذا تخليت عن هذه القيم، فلا يعود عندها من قيمة لأي شيء، وكرامتي بالنسبة الي فوق كل اعتبار».
«لا أسير في أي عمل... إلا إذا!»
وعمّا ينقصها اليوم للعودة، أكدت دارين أن الانتاج الفني والدعم المادي هما الأساس، بالإضافة الى العلاقات الواسعة التي كان يؤمنها لها مدير أعمالها السابق. «أما باقي الأمور من الناحية الفنية، فأنا كفيلة بها».
وعن متابعتها لما يجري على الساحة الفنية وإعجابها ببعض الأعمال، عبّرت دارين عن إعجابها بأغنية «مهم جداً» للفنان حسين الجسمي و «كلنا مننجر» للفنان وائل كفوري، الا أنه، وبالمقابل، هنالك بعض الأعمال الهابطة التي، لدى سماعها، نشكر الله أننا بعيدون عن الساحة الفنية. «إلا أنه، وللأسف، فإن الناس تريد سماع ما ينسيها همومها وأصبحت كل أغنية تدفع الناس للرقص مشروع أغنية ضاربة بغض النظر عن مستواها».
أما بالنسبة الى الفنانين الذين ترغب بتقديم أغاني ديو معهم، فلم تدخل دارين بلعبة الأسماء كاشفةً أنها تلقت عروض عدّة في الفترة السابقة، إلا أنها لم ترها ملائمة. «أنا من النوع الذي لا يسير في أي عمل، إلا إذا اقتنعت به بشكل كامل وكان مناسباً لصورتي واسمي».
أما عن قلة ظهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فرأت حدشيتي أن كثرة الظهور تغيّر صورة الفنان أمام جمهوره وتخرجه من دائرة اهتمام المتابعين. فبحفاظ الفنان على رهبة معينة، يكون يساهم بالحفاظ على صورته بالشكل الذي يليق به. وما ابتعاد الفنانين الكبار عن اظهار حياتهم الخاصة للناس كالسيدة فيروز والسيدة ماجدة الرومي أو الكبير وديع الصافي إلا خير دليل على ذلك.
«لم أتمكن من ايجاد الدواء لوالدتي»
وبالإنتقال للحديث معها عن الأوضاع السيئة التي نعيشها، أسفت دارين «لأننا وصلنا الى الإنهيار الكامل، وهنالك اليوم من لا يجد ما يأكله. إن الأشخاص الذين استلموا البلد وحكموه لا يعرفون كيفية التعاطي مع اللبنانيين، لا بل دمروا الوطن بسياساتهم. المطلوب اليوم وصول مسؤولين مثقفين يتمتعون بحس عالٍ من المسؤولية ويحكمون بضمير». كما رأت أنه مطلوب من اللبنانيين أن يحبوا بعضهم «لأن هذا ما نفتقد إليه اليوم. لنكن يداً واحدة بعيداً عن رؤسائنا ومسؤولينا الفاسدين. لقد وصلنا الى مكان لم نعد نجد فيه لا الدواء ولا الغذاء ولا البنزين. فأنا اليوم مثلاً لم أتمكن من ايجاد الدواء لوالدتي المريضة للتخفيف من وجعها».
«الله يستر لوين واصلين»!!
وأسفت حدشيتي لأنها وصلت الى مرحلة اليأس، بالرغم من حبها الكبير للبنان، لأنه لم يعد هنالك أي احترام للمواطن في لبنان ولا أي قيمة للإنسان فيه. «بلدنا بحاجة الى حكم جديد يغيّر الواقع الذي نعيشه. انظروا الى التغيير والتطور الكبيرين الحاصلين في الإمارات، لقد طوروا بلادهم وجعلوا منها جنة. اذا نحن لم نحب بعضنا «الله يستر لوين واصلين»!!.
«من إيدنا الله يزيدنا»
وتوجهت الى الشعب اللبناني قائلة: «أحبوا بعضكم بعضاً لكي تتمكنوا من بناء لبنان. فبمحبتنا لبعضنا بعيداً من الزعماء الفاسدين، سنتمكن من الخروج من أزماتنا. انظروا الى الدول التي اتحدت شعوبها من الإمارات الى قطر. فلنبدأ بتغيير أنفسنا لكي نتمكن من تحقيق التغيير المنشود على صعيد الوطن. وإن لم نفعل «فمن إيدنا الله يزيدنا».
وتابعت موجهة رسالة شكر ومحبة الى جمهورها «الذي يتابعني بالرغم من غيابي، وأطلب منه أن يتفهم ظروفي لأن الفن يتطلب انتاجاً مالياً ضخماً لكي تتأمن الاستمرارية فيه. وهذا الأمر صعب جداً في هذه الفترة، حيث غياب الحفلات وانعدام المردود المادي. نتمنى انتهاء الكورونا وتحسن الوضع في لبنان بشكل عام لكي نعاود نشاطنا وتعود الحركة الفنية للدوران».
هل دارين حدشيتي اعتزلت الفن؟
ولدى سؤالها عمّا اذا كانت اعتزلت الفن، أجابت دارين حدشيتي «طبعاً لم ولن أعتزل الفن وأنا بانتظار منتج محترم ومحترف كي أعود بقوة الىالساحة الفنية. إلا أنني لن اتخلى عن كرامتي ومبادئي لإرضاء نزوات وشهوات بعض المنتجين ليساعدوني للوصول الى القمة، فالتنازل عن كرامتي ليس وارداً في قاموسي!!»