تعيش أسواق العاصمة الخرطوم والمدن السودانية الأخرى، حالة من الركود الشديد، بسبب ضعف القوى الشرائية وارتفاع التضخم الذي بلغت معدلاته 422 في المئة خلال شهر يوليو الماضي.
وتزداد الأوضاع المعيشية صعوبة في السودان، بسبب اعتماد الأسواق في نحو 80 في المئة من احتياجاتها، على الاستيراد، في ظل صعف العملة المحلية حيث يتم تداول الدولار الواحد بنحو 440 جنيها.
نمط عام
ويشير حسن حسين، وهو مدير مبيعات في شركة تعمل في مجال توزيع المواد الغذائية، إلى أن قطاع السلع الغذائية يعتبر الأقل تضررا، لكنه يعيش أوضاعا صعبة للغاية بسبب انخفاض هوامش الأرباح وارتفاع تكاليف التصنيع والنقل.
وعلى الرغم من تأثر كافة القطاعات بالأوضاع الاقتصادية الحالية، إلا ان قطاعي مواد البناء والأجهزة الإلكترونية يعتبرا الأكثر تضررا.
ويؤكد تاجر مواد البناء محمد بابكر أحمد، تراجع مبيعات قطاع البناء بنسب تصل إلى 50 في المئة، بسبب انخفاض المشتريات الناجم عن تضاعف أسعار الحديد والأسمنت وأحجام المواطنين عن البناء.
وقال أحمد لموقع سكاي نيوز عربية إن العديد من صغار التجار يفكرون بشكل جدي في الخروج من السوق حتى لا يتعرضوا للمزيد من الخسائر.
مستهلك حائر
ويعيش المستهلك العادي أوضاعا محيرة، وبالكاد يكفي راتبه الشهري احتياجات أسبوع واحد.
ويبدي ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك السودانية، غضبه الشديد من السياسات الحكومية التي أرهقت كاهل المستهلك وزادت من أعباء الحياة، مشيرا إلى تجاهل الجمعية وعدم تمثيلها في اللجان ذات العلاقة المباشرة بما يهم المستهلك ويحسن من الخدمات المقدمة له.
سياسات خاطئة
ولا ينفصل التردي الحالي في الأوضاع المعيشية عن المشكلات الهيكلية الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد السوداني.
ورغم تعهد الحكومة السودانية في يونيو الماضي باتخاذ 5 إجراءات تشمل هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح النظام الضريبي والجمركي والاستثمار في مشروعات البنية التحتية وتحسين شبكات الدعم الاجتماعي؛ إلا أن تنفيذ تلك الإجراءات يبدو بطيئا للغاية.
ويعزي عبد الوهاب بوب، أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، حالة الكساد، الحالية إلى تراكمات السياسات الخاطئة وعدم التفات الحكومة الحالية لمعالجة تلك السياسات التي تفاقمت آثارها بشكل واضح خلال السنوات الاخيرة.
ويصف بوب الوضع الحالي بحالة امتزاج التضخم بالكساد فيما يعرف اقتصاديا بـ "التضخم الرشودي"؛ أي التضخم الذي يتسبب في ارتفاع أسعار السلع وضعف الاستهلاك نتيجة للغلاء وبالتالي تباطؤ الدورة الاقتصادية.