كتبت صحيفة "الأنباء" تقول:
احتدم الصراع في فلسطين من جديد، وكانت غزّة تحت النيران الإسرائيلية في عملية خاطفة نفّذتها قوات الاحتلال استهدفت فيها قيادات من حركة الجهاد الإسلامي، لترد فصائل المقاومة الفلسطينية، ويعود التوتر إلى المنطقة، ومن غير المعلوم بعد أبعاد المعركة، خصوصاً وأن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن الجولة قد تكون طويلة هذه المرّة، في حين صعّدت الفصائل وحذّرت من تبعات العدوان.\
ويتزامن تصاعد حدّة التوتر في فلسطين المحتلة مع عودة المفاوضات حول الاتفاق النووي في فيينا، إذ أرسلت في الأيام الأخيرة كل من طهران، واشنطن، وبروكسل المبعوثين لاستكمال المحادثات، ولا شك أن الجو في فيينا انعكس على الجو في تل أبيب، الرافضة للعودة إلى الاتفاق النووي، والتي قالت في وقت سابق إنها ستقوم بما وسعها للتصدي لهذا الاتفاق، وحماية الإسرائيليين من تبعاته.
داخلياً، ما من جديد يُذكر، فمسلسل حرب البيانات بين التيار الوطني الحر والرئاسة الثالثة الذي تابع اللبنانيون فصوله سابقاً مع تكليف الرئيس سعد الحريري، عاد وتكرّر مع الرئيس نجيب ميقاتي، فتقاذف الطرفات اتهامات التعطيل والفساد، فيما نأت الرئاسة الأولى عن نفسها، وتولّى التيار ورئيسه قيادة الهجوم.
وفُتحت الجبهات على مصراعيها، ورمى التيار بأوراق حساسة وقوية، عاد فيها بالزمن إلى الوراء، إلى أيام الرئيس عمر كرامي، وذكّر ميقاتي بـ"الجنّة والنار"، وبدا التيار وكأنه يفتح الملفات غب الطلب، وهي القديمة التي طوى الزمن عليها صفحاته، أما ميقاتي، فكان بيانه مقتضباً وغمز من قناة العقوبات المفروضة على رئيس التيار جبران باسيل. وفي هذه الأثناء، وقف اللبنانيون يتفرّجون على تقاذف تهم التعطيل والفساد، دون أي حلول في الأفق.
عضو تكتّل "لبنان القوي" النائب أسعد درغام أشار إلى أن "مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية، لكن ميقاتي، وبعد أن قدّم تشكيلته وأبدى عون ملاحظاته عليها، لم يتعاطَ بجدية مع الملف، وها هي الأمور متروكة والملف يراوح مكانه، والتأخير في التأليف فتح السجال".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، وعن سبب فتح ملفات فساد قديمة في هذا الوقت، وسبب السكوت عليها في الفترات السابقة، لفت درغام إلى أنه "في بادئ الأمر كان ثمّة توافق ومهادنة بهدف تشكيل الحكومة، لكن ومع تبدّل ظروف وتعقّد الأمور، فتح كل طرف الأمور على مصراعيها وأدلى بما في جعبته".
وعن التأليف، تمنّى درغام تشكيل الحكومة بأسرع وقت، لأن كارثةً ستحل في حال وصل لبنان إلى موعد انتخاب رئيس للجمهورية، وحدث ما يعرقل الاستحقاق، في ظل حكومة تصريف أعمال.
على خط آخر، عاد التوتر بين القطاع المالي والقضاء، وأعلنت جمعية المصارف أمس الإضراب يوم الإثنين، على أن تعود وتبحث الملف يوم الأربعاء، إلّا أن معلومات صحافية أشارت إلى أن الجمعية ستبحث في المضي بالإضراب من عدمه اليوم، وقد يكون الانقسام بين أعضاء الجمعية، أو الاتصالات معها، أدت إلى تأجيل البت بالموضوع إلى اليوم.
الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لفت إلى ان "التحرّك جاء كردة فعل على الإجراءات القضائية الأخيرة المتخذة بحق المصارف، وهم يتهمون السياسة بالتدخل من خلال القضاء، واتخاذ القرار بشكل رسمي البحث في الملف الأربعاء، هو افساح للمجال للاتصالات لتأخذ مجراها بهدف إيجاد الحلول".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، أشار إلى أن "القطاع المصرفي يعتبر نفسه مستهدفاً من خلال السياسات الحكومية المتبعة من قبل مجلس الوزراء الحالي والسابق، إلّا أن لتحركاته تداعيات خطيرة على الاقتصاد، فرواتب موظفي القطاعين العام والخاص تُدفع من خلال المصارف وعند الإضراب ستُصبح مهددة، كما أن العمليات المالية ستتوقف، إضافةً إلى توقف المعاملات التجارية مع مصارف في الخارج للاستيراد، ومن يضمن سعر صرف الدولار مع توقف الضخ؟".
وختاماً، شدّد على أن "القطاع المصرفي يعتبر نفسه مستهدفاً، وبالتالي المطلوب التعاطي معه بروية وهدوء بعيداً عن الفوضى الحالية، لأن المصارف في الختام هي التي تحفظ ودائع الناس، والخطر يكمن في احتمال التصعيد والإضراب المفتوح".
الكباش مرشح لمزيد من التصعيد وهو لا ينفصل عن الاجراءات القضائية المسيّسة التي تمارَس من قبل البعض كما وكأن البلاد تعيش ترف هذه المسرحيات والعروض الفولكلورية، في حين ان المطلوب هو واحد، وقف الانهيار والبدء بالاصلاح واعادة انتظام الحياة السياسية في البلاد، والا لن يكون من السهل التنبؤ بالسيناريو الأسوأ التي قد تكون البلاد قادمة اليه.