الشرق الأوسط: واشنطن: علي بردى-
دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى البناء على الاستجابة العربية والدولية للتعافي من الزلازل التي ضربت المنطقة أخيراً، من أجل القيام بـ«عملية منسقة» لمواجهة تحديات حل النزاع العسكري المتواصل منذ 12 عاماً، ومعالجة الأزمة العميقة في هذا البلد، انطلاقاً من مقاربته القديمة «خطوة بخطوة»، واستناداً إلى القرار 2254.
وكان بيدرسن يقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، إلى أعضاء مجلس الأمن المجتمعين في نيويورك، حول أحدث التطورات في الأزمة السورية، مستهلاً ذلك بالحديث عن الزلازل المدمرة التي ضربت كلاً من سوريا وتركيا، وأدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا.
وأكد أن «الأولوية الفورية هي للاستجابة الإنسانية الطارئة». وإذ أشار إلى اجتماعاته الأخيرة مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية والجهات المانحة، أوضح أنه رأى «حسن نية ملحوظاً بين كثير من السوريين أنفسهم (...) لتنظيم وإرسال الإغاثة إلى مواطنيهم عبر الخطوط الأمامية، بغض النظر عن التحديات والصعوبات التي يواجهونها»، ملاحظاً أن «المرأة السورية كانت في طليعة هذه الجهود». ورحب بالإعفاءات المتعلقة بالزلازل في عدة بلدان، بما في ذلك من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. وكذلك رحب بقرار الحكومة السورية فتح نقطتي عبور باب السلام والراعي من تركيا إلى شمال غربي سوريا، مع إعطاء «موافقة شاملة» على عمليات العبور إلى شمال غربي سوريا حتى يوليو (تموز) المقبل، وغيرها من تدابير خفض الروتين بالنسبة للجهات الفاعلة الإنسانية، وتسهيل التمويل الإنساني والمعاملات المتعلقة بالاستجابة للزلزال.
وأشار المبعوث الدولي إلى أنه سجل «هدوءاً نسبياً في أعمال العنف بعد الزلزال، بما يمكِّن من تسهيل عمليات الإغاثة»؛ بيد أنه عبَّر عن «القلق»؛ لأن هناك «أنباء عن حوادث: تبادل قصف وقذائف هاون بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، أو (قوات سوريا الديمقراطية)، أو المعارضة المسلحة، أو (هيئة تحرير الشام) المصنفة إرهابية»، فضلاً عن «ضربات تركية بطائرات مُسيَّرة، وغارة جوية نسبتها دمشق إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الاغتيالات في الجنوب الغربي، والهجمات الرهيبة المنسوبة إلى (داعش) في البادية». ودعا إلى البناء على هذه العناصر الأربعة «إذا أردنا تجاوز الاستجابة الطارئة التي أحدثها الزلزال، لمواجهة تحديات حل الصراع نفسه، ومعالجة الأزمة العميقة في سوريا».
ووصف سوريا بأنها تُعَد «واحداً من أكثر المشاهد السياسية تعقيداً على هذا الكوكب»؛ لأنها مقسمة إلى عدة مناطق سيطرة: حكومة تخضع لعقوبات، وسلطات أمر واقع في مكان آخر، وأكثر من جماعة إرهابية، و5 جيوش أجنبية.
ودعا المجتمع الدولي إلى «الاستلهام من الشعب السوري الذي وقف على الأرض ضد الصعاب، خلال هذا الوقت للتعامل مع تحدياته الهائلة»، واصفاً الوضع اليوم بأنه «غير مسبوق» يستوجب «قيادة وأفكاراً جريئة وروح تعاون» بغية المضي إلى الأمام، لإجراء «محادثة جادة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، والتقدم في بعض القضايا السياسية التي لم تحل (...) والتي يمكن أن تمنع التعافي الذي تُعد الحاجة إليه ماسة بعد هذه الكارثة».
وحض على «مزيد من البراغماتية»؛ لأن الأمر يتطلب «واقعية وصراحة من الحكومة السورية والمعارضة السورية وكل مفتاح خارجي»، بهدف «حماية سوريا من النزاعات الجيوسياسية الأوسع بين اللاعبين الرئيسيين»، وهذا ما يستوجب بالتالي «عملية منسقة» مع الأمم المتحدة. وقال:
«سنحتاج إلى جميع اللاعبين العرب الرئيسيين، وجميع اللاعبين الأوروبيين الرئيسيين، وبالطبع إلى لاعبي آستانا والولايات المتحدة، للعمل بجهد متماسك. إذا كان كل شيء -وأعني كل شيء- يمكن أن يتصور حلاً وسطاً من المواقف السابقة، فسيكسب الجميع».
وكرر الترويج لـ«النهج المتمثل في السعي إلى اتخاذ تدابير بناء ثقة متبادلة، ويمكن التحقق منها -أي ما يسمى بنموذج (خطوة بخطوة)- الذي صار أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى»، عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأضاف: «دعونا نبني على خطوات حتى الآن من كل الجوانب، مع مزيد من التحركات من جميع الجهات بهذه الروح، نحدد ونتحرك على خطوات إضافية، لبناء الثقة بين جميع الأطراف لمواجهة تحديات التعافي بعد الكارثة، ومعالجة القضايا السياسية التي لم تُحَل».