<
05 November 2024
الدمار والتهجير سمة الحرب الهمجية (حبيب البستاني)

يستمر مخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي ويستمر معه العدوان على لبنان، وبات ما كان متوقعاً أكثر من واقع، وأقرن العدو تهديداته باليقين، فاستمرت أعمال البطش والتنكيل وكأن الدولة العبرية تشن الحرب بهدف الحرب، فامتهن جيشها القتل والتدمير لا فرق عنده بين مدني وعسكري ولا بين امرأة أو طفل أو مسن، فلم يسلم من بطشه لا البشر ولا الحجر واستطاع رئيس وزراء العدو أن يستحق الوسام النازي الأكبر على مر العصور، فتغلب بذلك على زعماء النازية كافة فتجاوزت وحشيته كل ما قام به هتلر وأعوانه، فملأت الجثث والأشلاء البشرية شاشات التلفزة العالمية وراح تعداد الشهداء يسابق الوقت في مسيرة دموية لم يستطع حتى هولاكو وجيشه من تحقيقها. فجيش المغول كان يعتمد السيف وسيلة للقتل أما جيش الاحتلال الإسرائيلي فإنه يستعمل أحدث تكنولوجيا تدميرية في العالم وأكثرها فتكاً، وهي تكنولوجيا وقذائف لم يُستعمل مثيلاً لها حتى في الحرب على أفغانستان، وحتى في الحرب التي قادها الأميريكيون في الجبال القاحلة وفي داخل الأودية، وتمكن جيش العدو من استعمال هذه القذائف على المدن والبلدات الآهلة مستهدفاً المدنيين، فقام بتدمير مدن بكاملها مع ما تضمه من أحياء سكنية، وهكذا دمر النبطية والخيام وبنت جبيل وصور. لقد استطاع اللوبي الصهيوني من إقناع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بتزويد جيش العدو بقذائف فتاكة بحجة أن الدولة العبرية بخطر وأن الولايات المتحدة إنما تقوم بذلك بهدف حماية إسرائيل.
تدمير التراث العالمي
وكان لافتاً ما قام به جيش الاحتلال من استهداف لمدن أثرية تعتبر من الإرث الحضاري العالمي، فتم استهداف صور التي تعتبر من أقدم المستوطنات البشرية التي يعود تاريخ بنائها إلى 2750 سنة قبل المسيح، وكذلك تم استهداف بعلبك مدينة الشمس والتي تضم هياكل جوبيتر وباخوس وفينوس والتي تعتبر واحدة من عجائب الدنيا السبع، والتي صمدت أمام الفتوحات والجيوش الغازية التي اجتاحت لبنان، ولكن كل هذه الدول وجيوشها لم تجرؤ على المس بهذا الإرث الحضاري الذي يشكل ليس فقط منارة للشرق إنما منارة للعالم والحضارة، وحده جيش الاحتلال تجرأ على تدنيس مهد الحضارات، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على لا أخلاقية جيش الاحتلال، هذه اللاأخلاقية تجلت في فتك حرمة البيوت في الخيام وغيرها، حيث تم العبث بالملابس النسائية في ظاهرة لم يتم اللجؤ إليها من قبل أكثر الجيوش همجية في العالم.
من يحارب من؟
وفي محاولة لذر الرماد في العيون قامت الولايات المتحدة بأكثر من محاولة للوصول إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وفي غزة، وبحسب الراوي لم تستطع الدولة الأكثر قوة في العالم، من إقناع ربيبتها باحترام وقف إطلاق النار وتطبيق ما عُرف بخطة بايدن للسلام ووقف القتال وإعادة المعتقلين، فبربكم من نصدق؟ وكيف تفشل الدولة المُزودة للعدو بأحدث الأسلحة وأفتكها من إقناعه والضغط عليه؟ وهنا يسأل أكثر من مراقب من هو الآمر ومن هو المأمور؟ وهل إسرائيل هي التي تقاتل أم أن الدولة العبرية ما هي إلا آداة بيد العم سام ؟ وما هذه الأسلحة المستعملة والهدف منها، وعلى سبيل المثال ما هو الهدف من إرسال الولايات المتحدة القاذفة الأحدث B52 التي تستطيع استعمال صواريخ استراتيجية نووية؟
أقتل دمر هجر
إنها الثلاثية التي يعمل في إطارها جيش العدو والتي أصبحت شعار الدولة العبرية، فبان الهدف من كل عمليات القصف الممنهجة التي تهدف إلى تهجير كل الناس من كل المناطق إبتداء من الجنوب وصولاً إلى شمالي الأولي، وإلا فما هو الهدف من ضرب بعلبك ومحيطها وأكثر من بلدة في البقاعين الغربي والشمالي؟ إن استمرار العدو في مخططه التدميري والتهجيري يضع ليس فقط لبنان وغزة، إنما كل دول وشعوب المنطقة على مفترق خطير. فالحرب التي لا تؤدي إلى مفاوضات سلام واتفاق ليست بحرب إنما إجرام وعلى كل دول المنطقة أن تعي هذا الخطر الكياني، من غزة إلى فلسطين إلى لبنان إلى الأردن والعراق وسوريا ومصر. وبالرغم من كل ذلك يبقى الميدان هوالفصل والفيصل.
حبيب البستاني- كاتب سياسي