<
13 November 2024
"لعبة الاستفزاز الإسرائيلية".. موشي دايان يكشف سرّ الجرار
تصدت قوات الجيش الأردني فجر 13 نوفمبر عام 1966 لقوات إسرائيلية كبيرة معززة بالدبابات والطائرات تقدمت لمهاجمة بلدة السموع الواقعة في الضفة الغربية التي كانت تابعة للأردن وقتها.
 
أراد الإسرائيليون الانتقام لمقتل ثلاثة من حراس الحدود وإصابة ستة آخرين نتيجة انفجار لغم بدوريتهم على الحدود ليلة 11 نوفمبر.
 
من المفارقات أن الإسرائيليين أبلغوا عمان عبر طرف ثالث بأنهم لا ينوون مهاجمة الأردن، وفي نفس الوقت حشدوا على الحدود قوة كبيرة تقدر بـ 4000 جندي وأرسلوا قسما منها معززا بالدبابات داخل الضفة الغربية.
 
كان هدف القوة الإسرائيلية المهاجمة الانتقام لمقتل حرس الحدود الثلاثة بهدم منازل في القرى الفلسطينية الواقعة جنوب الخليل.
 
 
ضابط متقاعد هولندي برتبة عقيد يدعى جان أوشرين كان ضمن مراقبي الأمم المتحدة في المنطقة، دحض المزاعم الإسرائيلية في عام 2006 قائلا: "لم يكن لسكان هذه البلدة أي علاقة بالهجوم على إسرائيل. نعم لم يكن ليس فقط لهذه البلدة أي علاقة بل الضفة الغربية بأسرها.. فقط الضباط الغربيون عملوا هنا وقد قمنا بدوريات وكان الوضع هادئا".
 
وصلت القوات الإسرائيلية إلى السموع وجمعت سكانها في ساحة البلدة، ثم قام خبراء المتفجرات الإسرائيليون التابعون لكتيبة المظليين 35 بتفجير 125 منزلا. علاوة على ذلك رصدت الأمم المتحدة تدمير العيادة الطبية ومدرسة مكونة من 6 فصول وورشة عمل، وإلحاق أضرار بمسجد و28 منزلا.
 
 
واجهت قوات أردنية تتكون من كتيبة المشاة 48 ولواء حطين بقيادة العقيد وقتها بهجت المحيسن القوة الإسرائيلية المهاجمة وخاضت معها معركة شارك بها سلاح الطيران استمرت عدة ساعات.
 
الهجوم المضاد الأردني أجبر الإسرائيليين على الانسحاب بعد أن فقدوا ثلاث طائرات حربية وتركوا خلفهم العديد من الأسلحة. قتل في تلك المعركة عدة جنود أردنيين بينهم أحد الطيارين، كما أصيب آخرون بينهم العقيد المحيسن. إضافة إلى ذلك قتل من أهالي المنطقة 3 أشخاص.
 
بالمقابل قتل من الجانب الإسرائيلي المقدم يواف شاهام قائد كتيبة المظليين، وأصيب عشرة جنود إسرائيليين آخرين.
 
بعد يومين من تلك العملية الإسرائيلية الانتقامية التي أطلق عليها اسم "التقطيع"، كتب مستشار الأمن القومي الأمريكي في مذكرة موجهة إلى الرئيس ليندون جونسون قائلا: "كانت هذه الغارة التي قوامها 3000 رجل معززة بالدبابات والطائرات لا تتناسب مع الاستفزاز، وكانت تستهدف الهدف الخطأ.  لقد ألحق الإسرائيليون، بضرب الأردن بشدة، قدرا كبيرا من الضرر بمصالحنا ومصالحهم".
 
 
مجلس الأمن الدولي عقد في 16 نوفمبر 1966 جلسة للاستماع إلى شكوى الأردن. في تلك المناسبة قال المندوب البريطاني: "لا يمكننا أن نتغاضى عن الهجوم الإسرائيلي. كان هجوما مخططا بالكامل، شنته قوات المشاة والمدرعات وبدعم من الطائرات، على القرى الأردنية في منطقة الخليل. هذا العمل يشكل انتهاكا صارخا لميثاقنا ولاتفاق الهدنة بين إسرائيل والأردن".
 
المندوب الأمريكي تحدث بعد البريطاني في جلسة مجلس الأمن بنفس اللهجة قائلا: "قامت حكومة إسرائيل، بمساندة الدبابات والعربات المدرعة والأسلحة الثقيلة والطائرات، بغارة على الأردن تجاوزت طبيعتها وعواقبها في الأرواح البشرية والدمار، المجموع التراكمي لمختلف الأعمال الإرهابية التي ارتكبت ضد حدود إسرائيل... لا يمكن تبرير هذا العمل العسكري الواسع النطاق أو تفسيره أو تبريره بالحوادث التي سبقته والتي لم تتورط فيها الحكومة الأردنية".
 
الطريقة المسرحية للاستفزاز التي تتبعها إسرائيل دائما كان كشف عنها موشي دايان، وكان يتولى وقت هذه الأحداث وزارة الزراعة في الحكومة الإسرائيلية.
 
دايان قال في إحدى المناسبات وكان يتحدث عن "ألاعيب الاستفزاز" على الجبهة السورية: "أعرف كيف بدأت ما لا يقل عن 80% من جميع المناوشات، بل وأكثر من 80% منها، لكن دعونا نتحدث عن الثمانين منها. كان الأمر يجري على هذا النحو: كنا نرسل جرارا لحرث الأرض في المنطقة المنزوعة السلاح والمحظورة، وكنا نعلم مسبقا بأن السوريين سيبدؤون في إطلاق النار. إذا لم يطلقوا النار كنا نأمر الجرار بالتقدم أبعد من ذلك، حتى ينزعج السوريون ويطلقون النار في النهاية. بعد ذلك نستخدم المدفعية وبعدها القوات الجوية أيضا وهكذا كان الأمر. لقد فعلتُ ذلك، وفعل ذلك حاييم لاسكوف وفعل ذلك إسحاق رابين، لكن يبدو لي أن الشخص الذي استمتع بهذه الألعاب أكثر من غيره كان دادو (ديفيد إليعازر، قائد القيادة الشمالية)".
روسيا اليوم