<
20 November 2024
بنادق الشرطة المصرية في مواجهة الدبابات البريطانية!
سعى المصريون بكل الوسائل الممكنة إلى التخلص من الوجود العسكري البريطاني واستعادة السيادة على قناة السويس حتى قبل ثورة 23 يوليو 1952، وبذلوا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات.
 
من بين الأحداث الهامة في هذا الطريق، قيام السلطات البريطانية بإجلاء أكثر من 1000 أسرة بريطانية من مدينة الإسماعيلية إلى بلادهم في 20 نوفمبر 1951. 
 
الإجراء اتخذ بعد يومين من تبادل لإطلاق النار بين الفدائيين المصريين والقوات البريطانية المتمركزة في قناة السويس أدى إلى مقتل خمسة جنود بريطانيين وعشرة مصريين.
 
بررت السلطات البريطانية نقل هذه الأسر البريطانية إلى المملكة المتحدة بعدم وجود أماكن كافية في معسكرات القوات البريطانية في قناة السويس الخاضعة للحراسة.
 
فرضت القوات البريطانية حينها إجراءات أمنية مشددة وسط الإسماعيلية وجرى نقل الأسر البريطانية بمرافقة عسكرية في شاحنات إلى معسكرات مؤقتة إلى أن يتم ترحيلها جوا إلى بريطانيا.
 
 
كانت القوات البريطانية المتمركزة في منطقة قناة السويس تعي أن الأرض المصرية تغلي تحت اقدامها وأن المقاومة المسلحة والمدنية ضدها تتصاعد. يظهر ذلك من خلال مغادرة معظم الأسر البريطانية مدينة الإسماعيلية المصرية في أقل من أربعة أيام.
 
التوتر بين البريطانيين والمصريين كان ازداد حدة منذ أن تصاعدت مطالب السلطات المصرية بالانسحاب الكامل للقوات البريطانية. حكومة النحاس باشا كانت واجهت التعنت البريطاني في ربيع عام 1950 بقرار انسحاب مصر من المعاهدة البريطانية المصرية لعام 1936، والتي حاولت لندن من خلالها الإبقاء على سيطرتها العسكرية على قناة السويس بتمركز قوة بريطانية في محيطها قوامها 10000 جندي، إضافة إلى وحدات مساعدة.
 
المقاومة المصرية لقوات الاحتلال في منطقة القناة كانت اتخذت أشكالا متنوعة، من العمليات الفدائية إلى المظاهرات الاحتجاجية التي سعى المشاركون فيها إلى تعطيل عمل موانئ القناة، ومحاولات إعاقة وصول الإمدادات إلى معسكرات الجيش البريطاني، في حين حاولت بريطانيا باستماتة التمسك بسيطرتها العسكرية على منطقة قناة السويس.
 
إصرار بريطانيا على بقاء نفوذها العسكري في مصر تحول لاحقا في عام 1956 إلى غزو ثلاثي بريطاني إسرائيلي فرنسي بعد تأمين جمال عبد الناصر لقناة السويس.
 
 
رجال الشرطة المصرية في مواجهة الدبابات البريطانية:
 
المقاومة الشعبية المصرية الضارية تواصلت مطلع العام التالي 1952، وانفجرت يوم 19 يناير عربة جيب بريطانية فوق لغم وسط الإسماعيلية ما أدى إلى مقتل جنديين بريطانيين وإصابة اثنين آخرين.
 
ردت القوات البريطانية المتمركزة في المنطقة في اليوم التالي بدخول الأحياء المصرية في المدينة ونشر الحواجز فيها، كما قامت بتدمير عشرات المنازل المصرية "لأغراض أمنية".
 
لم يهدأ غضب البريطانيين، وقرر قادتهم في 24 يناير 1952 نزع سلاح الشرطة المصرية المساعدة. حشدت السلطات البريطانية قوة كبيرة معززة بالمظليين والدبابات والطائرات وتقدمت صبيحة 25 يناير في اتجاه مبنى المديرية الرئيس بالقرب من مكتب المحافظ  حيث تمركزت وحدات من الشرطة المصرية المساعدة، وأيضا نحو مجمع المكتب الصحي، حيث تمركزت مجموعة أخرى من الشرطة المصرية.
 
 
لم تتمكن قوات الشرطة المصرية المتمركزة في مبنى المديرية الرئيس من المقاومة طويلا نظرا للفارق الهائل في القوة على الرغم من أوامر وزير الداخلية المصري حينها فؤاد سراج الدين بالقتال حتى آخر رصاصة.
 
الأمر اختلف في مجمع المكتب الصحي، حيث كان يتمركز 600 من أفراد الشرطة المصرية المساعدة. دار قتال شرس انتهى باستخدام البريطانيين للدبابات. المعركة أسفرت عن مقتل 3 جنود وإصابة 13 آخرين من الجانب البريطاني، ومقتل 41 شرطيا مصريا وإصابة 73 آخرين.
 
تلك المقاومة العنيفة من أفراد الشرطة المصرية بأسلحتهم الخفيفة في مواجهة الدبابات، دفع قائد قيادة الشرق الأوسط البريطانية الجنرال ريتشاردسون إلى إبلاغ لندن بالتالي: "لو كنا نعتقد أن المصريين جبناء سيهربون عند أول مواجهة بالقوة، فإن أحداث اليوم في الإسماعيلية تدحض هذا الرأي.. وأخشى أن تنتظرنا حرب عصابات شرسة".
روسيا اليوم