الديار: ميشال نصر-
فيما تبحث بيروت عن وقف لاطلاق النار، يسعى الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في "اسرائيل" الى احداث خرق ما، رغم الظروف والمستجدات الدولية، التي تجعل من مبادرته تسير "عكس السير"، عنوانها "ورثة" يسعى الرئيس بايدن اغراق عهد سلفه الجمهوري بوحولها، من الجبهة الاوكرانية - الروسية، الى الشرق الاوسط وتعقيداته، ومنها "تصعيد نووي" ضد طهران، وقرار عن الجنائية الدولية باعتقال كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، ما يعقد المشهد العام والاقليمي.
صورة قاتمة، عززها لبنانيا، التصعيد الميداني، برا وجوا، على طول الجبهة اللبنانية، وصولا الى الضاحية، بعد ساعات من مغادرة الوسيط الاميركي بيروت الى تل ابيب، التي تشهد انقساما سياسيا وشعبيا حول "وقف الاعمال العسكرية على الجبهة الشمالية"، والتي يتوقع ان يرفضه المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر، في ظل تاكيدات اكثر من مصدر ديبلوماسي، ان الاجواء الايجابية التي يجري تسويقها، غير واقعية، وان الامور اكثر تعقيدا مما يراهن عليه الفريق اللبناني، سواء لجهة التراجع الاسرائيلي، او الموقف الاميركي الجدي للادارة الجمهورية، صاحبة الكلمة الفصل، وهو ما عبر عنه صراحة "هوكشتاين"، بتاكيده "على التعاون مع الادارة الجديدة".
في كل الاحوال، ورغم التطورات الدراماتيكية المتسارعة، فان دخان المشهد الضبابي، لم يحجب الاهتمام بكلمة الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، التي استمرت مدار تفسير وتحليل في "الصالونات السياسية"، واستفسار السفارات، لما حملته من رسائل داخلية، في لحظة حاسمة، سياسية وعسكرية، دفعت بالكثيرين الى اختصارها بانها "حددت هوية الحزب في الفترة المقبلة بخطوطها العريضة، فيما خص السياسة الداخلية"، كما تؤكد عليه مصادر مطلعة.
وتشير المصادر، الى ان "بصمة" الشيخ نعيم واضحة، لجهة التشديد على الدور السياسي المستقبلي "الاكبر" للحزب، تحديدا في النقاط الاربع التي اوردها، فهو الملم والضليع بملف بتفاصيل الملف السياسي الداخلي وتوازناته، بعدما كان ادار ملف الانتخابات النيابية بشكل كامل، التي "خاط" تحالفاتها، ووضع اسسها، من ضمن المعادلة الاساسية "مقاومة وشعب وجيش"، والتي صبت "النقاط الاربع" في هذا المسار.
وتتابع المصادر، بان الشيخ نعيم ارسل بوضوح رسائل اطمئنان "للشركاء" في الوطن، المسيحي والسني. فللاول اكد عن ان حزب الله ملتزم بانتخاب رئيس للجمهورية تحت سقف الدستور، وهو ما طرح بعض علامات الاستفهام، عما اذا كان ذلك تراجعا عن فكرة الحوار لصالح اكثرية الثلثين. اما للشريك الثاني، فتطمينه بان الحزب سيعمل تحت سقف الطائف، مسقطا كل النظريات حول "مثالثة" او غيرها.
مع الاشارة الى ان اهمية هذا الكلام، على ما ترى المصادر، انها جاءت في وقت تصاعدة فيه الدعوات الى عدم اختراق الدستور فيما خص مسالة التفاوض الاخير، والذي كاد يتحول الى ازمة، لولا استدراك هوكشتاين النسبي للامر، من خلال جولاته المسيحية، واطلاعه من جهة ثانية رئيس الحكومة رسميا على مسار التطورات والمشاورات.
وختمت المصادر، بان اعادة التاكيد على "الثلاثية الذهبية" انما جاء ليؤكد للمشككين بان الحزب استعاد المبادرة، وان اي اتفاق، وان شمل الانسحاب من جنوب الليطاني، فهو لن يسقط الزامية السلاح ودور حزب الله العسكري المقاوم، لن يعني باي شكل من الاشكال تغييرا في التوازنات الداخلية، سواء الحكومية او النيابية، بل على العكس فان حزب الله ذاهب الى مزيد من "الانغماس" في السياسة الداخلية.