الثبات: حسان الحسن-
رغم الحرب الكونية التي شُنّت عليها، كانت سورية ولا تزال تشكّل "بيضة القبّان" في المنطقة، وهي المدخل إلى السلام والحرب فيها، ولذا يحاول رئيس وزراء العدو "الإسرائيلي"؛ بنيامين نتنياهو، الذي يرفض حل الدولتين، أي (إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة)، كونه يعتبر أن "الضفة" هي جزء لا يتجزأ من "إسرائيل"، وذلك بحسب إحدى الروايات التوراتية، بالإضافة إلى فشله في تحقيق الأهداف التي وعد بها من خلال حربه على لبنان و"القطاع"، "كتحرير الأسرى"، و"ضرب القدرة الصاروخية للمقاومة في لبنان وفلسطين"، ناهيك عن ملفاته (نتنياهو) القضائية المتعلقة بتهم الفساد في الكيان الغاصب،
لذا يجد في توسيع دائرة الحرب في المنطقة "فرصةً" للخروج من أزماته وفشله، وكما ورد آنفًا، المدخل إلى الحرب هي سورية، لذا يمنّي رئيس حكومة العدو إقحامها في حربٍ، بالتنسيق التام مع المجموعات الإرهابية المسلحة المنتشرة في شمال البلاد السورية، والتي تهاجم بدورها الأماكن السكنية، ومواقع الجيش العربي السوري إثر كل اعتداء جوي صهيوني على هذه البلاد.
يذكر أن المجموعات التكفيرية هددت بإعادة احتلال مدينة حلب في الشمال، ويبدو أن التكفيريين سيعتمدون على هجوم "إسرائيلي" واسع النطاق على مواقع القوات السورية، كي يحالوا التقدم باتجاه حلب.
يذكر أن بعض المجموعات الإرهابية لا تزال تنتشر في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي التي تبعد عن مطار حلب الدولي نحو 30 كلم. ووفقًا لحسابات الثنائي الصهيوني - التكفيري، فهو يسعى أي (الثنائي) إلى "وضع سورية وقواتها المسلحة بين فكي كماشة"، إذا دخلت الحرب مع "إسرائيل"، وفي هذه الحالة ستكون سورية مضطرة إلى نقل عددٍ كبيرٍ من جنودها المنتشرين في الشمال إلى الجنوب لمواجهة العدو الصهيوني، عندها تتحرك المجموعات الإرهابية باتجاه حلب، "لتصبح البلاد بين فكي كماشة"، وهذا الأمر يدركه تمامًا محور المقاومة وحليفه الروسي، ويتنبهان له، ومن البديهي ألا يسمحا بتحقيقه.
وهنا نستذكر الموقف الشهير لسيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله عندما قال: "ليس المطلوب من سورية وإيران الدخول في الحرب، بل مساندتنا"، لأنه القائد الملهم الذي يقدّر بدقة ظروف كل مكوّن من مكوّنات المحور، ودوره في هذه الحرب في الوقت الراهن.
أما في حالة السلام، إذا قدّر له أن يعم المنطقة بعد انتهاء الحرب، "فلا سلام من دون سورية"، هذا ما أكده كبير الدبلوماسيين الأميركيين هنري كسنجر من عشرات الأعوام، وعندما تأتي "ساعة السلام"، قد تؤدي دمشق أدوارًا مهمة، كما في الحرب كذلك في السلام الذي حدد الرئيس الراحل حافظ الأسد أسسه في أواخر القرن الفائت، على قاعدة "الأرض مقابل السلام"، خصوصاً أن سورية حليفة للجمهورية الإسلامية في إيران، وتربطها علاقات جيدة مع العراق ودول الخليج، ما يخوّلها أن تؤدي دورًا محوريًا في تعزيز التقارب بين هذه الدول، وهو قائم أصلًا، وتجلى ذلك عملانيًا على أرض الواقع بعد المناورة العسكرية المشتركة التي أجرتها السعودية وإيران في بحر العرب الشهر الفائت.
وفي سياق تعزيز العلاقات أيضًا بين دول المنطقة وأفرقاء محور المقاومة، جاءت الزيارات المتبادلة بين المسؤولين السوريين والإيرانيين في الأيام الفائتة، كان أبرزها زيارة كبير مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي الخامنئي، الدكتور علي لاريجاني، لدمشق وبيروت، وزيارة وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده للعاصمة السورية أيضًا، وفي الإطار عينه جاءت زيارة وزير الخارجية السورية بسام الصباغ لطهران. وقد يكون تعزيز هذا التنسيق تم ويتابع، قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، تحسبًا أكان لفرضية إطالة أمد الحرب الصهيونية على لبنان وقطاع غزة، وإمكان تمددها، وإن لفرضية التوصل إلى هدن، قد تليها "مرحلة سلام"، وفي كلتا الحالتين وجب التنسيق.