عقد مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس اجتماعاً مشتركاً، اليوم الجمعة، في دار النقابة في طرابلس، برئاسة النقيبين فادي مصري وسامي مرعي الحسن، وبحضور أعضاء مجلسي النقابتين، وقد ناقش المجتمعون عدداً من القضايا النقابية والوطنية والاجتماعية، مع التأكيد على "الدور الأساسي للنقابتين في الدفاع عن سيادة ودولة القانون والحقوق الأساسية للمواطنين".
وفي بيان صدر عن الاجتماع، عبّر المجلسان عن ارتياحهما "لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27/11/2024"، آمليْن أن "يكون التفاهم الحاصل برعاية دولية وتنفيذ كافة بنوده إيذاناً بفتح صفحة جديدة عنوانها انتخاب رئيس للجمهورية وعودة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية، وإعادة بناء الدولة على أسس صلبة وثابتة".
كما انحنى المجلسان أمام تضحيات الشعب اللبناني، وجددوا المواساة لذوي الضحايا والتضامن مع الجرحى والمصابين والمتضررين، مؤكدين ضرورة تنفيذ القرارات الدولية وصون سيادة لبنان وحدوده، وعودة النازحين إلى ديارهم، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
وتابع البيان، "دان المجلسان بشدة الاعتداءات الإسرائيلية على المواقع التراثية والأثرية التي تشكل إرثاً ثقافياً عالمياً"، وأكدت النقابتان استعدادهما "لتقديم المؤازرة القانونية في المحافل الدولية لحماية هذا الإرث العظيم الذي يشكل جزءاً من الهوية الوطنية والإنسانية للبنان"، وحيتا جهود منظمة الأونيسكو وقراراتها لتحقيق حماية معززة لهذه المواقع.
وشدد المجلسان على "أهمية انتخاب رئيس جمهورية يتمتع بالكفاءة والقدرة على توحيد اللبنانيين تحت سقف الشرعية، ويعمل على بسط سلطة الدولة على كامل أراضي الوطن".
وأوضح البيان أن "استحقاق انتخاب رئيس جديد لا يعد فقط واجباً دستورياً، بل ضرورة ملحة لإعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية، وتعزيز الاستقرار الوطني، وانضواء جميع أبناء الوطن داخل مؤسساته بعيداً عن أي تمييز أو انقسام".
كما دعوا "جميع القوى السياسية والوطنية إلى تغليب المصلحة العليا للوطن، والتخلي عن الحسابات الضيقة، بهدف تحقيق التضامن الوطني المطلوب لانتشال لبنان من أزماته المتفاقمة".
وفيما يخص الوضع السوري، أبدى المجلسان دعمهما لـ"آمال الشعب السوري في التغيير السياسي نحو دولة تحترم الحقوق وتقيم وزناً للإنسان في ظل حرية تسمح بتحقيق هذا الهدف".
كما عبرا عن الذهول التام مما يُسمع ويُقرأ ويُشاهد من أشكال التعذيب الشنيع الذي كان يمارس، فضلاً عن صنوف المعاملة اللاإنسانية التي تتناقض كلياً مع الكرامة الإنسانية والمواثيق الدولية، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب.
وتمنا المجلسان كل التوفيق للشعب السوري في نضاله لقيام دولة الحق والديمقراطية والحرية، وأعربا عن أملهما في أن تعود علاقات حسن الجوار الكامل بين الشعبين السوري واللبناني في ظل استقرار راسخ وسيادة تامة، بحيث تنتظم جميع العلاقات الوطنية والسياسية والدبلوماسية بين سوريا ولبنان كدولتين سيدتين حرتين مستقلتين.
كما أكد مجلسا النقابتين على الدور الجوهري للقضاء كركيزة أساسية لدولة القانون والمؤسسات، مشددين على ضرورة صون استقلاله، واحترام القوانين التي تشكل العمود الفقري للعدالة، والابتعاد عن تسييس القضاء أو التدخل في عمله، مما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق المواطنين وتهديداً لاستقرار المجتمع.
ودعا البيان إلى "اتخاذ خطوات جادة لتعزيز الثقة في القضاء، وضمان تطبيق القوانين بشكل عادل وشفاف بعيداً عن أي ضغوط أو مصالح ضيقة، وإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية كركيزة أساسية لدولة القانون"، مؤكدين مؤازرتهما "لمجلس القضاء الأعلى في مطالبه المحقة".
كما دعوا إلى "احترام مبدأ فصل السلطات بما يضمن قيام القضاء بدوره بعيداً عن أي تدخلات سياسية أو ضغوط خارجية"، كذلك إلى "الإسراع في المحاكمات، وإصدار الأحكام، وعدم إبقاء أي موقوف من دون محاكمة تحقيقاً للعدالة، وإيجاد الحلول والآليات التي تحقق هذا الهدف".
وأعلن البيان أنه "استجابةً للمسؤولية الوطنية والإنسانية، قررت النقابتان تأليف لجنة خاصة مشتركة تعنى بمتابعة شؤون المعتقلين والمفقودين والمخفيين قسراً اللبنانيين في سوريا، وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لعائلاتهم في هذا الملف الحساس".
وستعمل النقابتان على التواصل مع الجهات المعنية داخلياً ودولياً لضمان الكشف عن مصيرهم، والدفاع عنهم، وضمان حقوقهم، وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم المتمادية، ومحاكمتهم من أجل ختم هذا الملف المأساوي ومنعاً لتكرارها.
وفي ختام البيان، جددت النقابتان التزامهما الدائم بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في الدفاع عن حقوقه، وصولاً إلى تحقيق دولة الحق والقانون، ودعتا جميع اللبنانيين إلى العمل بروح التضامن والمسؤولية الوطنية لإنقاذ الوطن، والحفاظ على كرامة جميع أبنائه، وبناء المؤسسات، وعودة لبنان وطناً رائداً بين الأمم.