دنيز عطالله -
لماذا بدا فجأة وكأن "القوات اللبنانية" لم تعد متحمسة لقائد الجيش؟ وهل فعلاً لا يزال اسم العماد جوزاف عون من بين الأسماء التي تتبناها لرئاسة الجمهورية؟
يتجنب نواب القوات ومسؤولوها الدخول في التفاصيل الرئاسية تحت عنوان "إنضاج التشاور" وقراءة التطورات. لكن واقع الأمور يوحي بأن في الخفايا ما هو أبعد من ذلك.
حساسية "القوات"
تجاهر الأوساط الحزبية بما يحاول مسؤولوها كتمانه. فالعتب القواتي على قائد الجيش يكاد يبلغ ذروته. فإلى اليوم لم يتواصل عون، لا مباشرة ولا عبر وسطاء مع القوات. وبالتالي، "لا يملك الحزب أي معرفة بطريقة تفكير عون ولا برؤيته للجمهورية وموقفه من قضايا جوهرية في البلد"، بحسب هذه الأوساط. تضيف "يقال الكثير عن مناقبية قائد الجيش وكفاءته وإدارته الجيدة للمؤسسة العسكرية، لكن هل يكفي أن يكون قائداً ناجحاً للجيش ليكون رئيساً ناجحاً للجمهورية خصوصاً في مثل هذه الظروف الدقيقة والمفصلية؟".
ما يزيد "حساسية" الأوساط القواتية أن يكون عون، "كبعض السياسيين اللبنانيين، ممن وضعوا القوات في إطار محدد قائم على أفكار مسبقة وأحكام موروثة ويتعامل معها على هذا الأساس".
بين سطور هذا الكلام الكثير من العتب والمخاوف. فالقوات التي تعتبر أنها دفعت ثمن مشاركتها في الحرب أضعاف ما دفع أي فريق لبناني آخر شارك فيها، مقتنعة أن زمن الوصاية السورية على البلد، وما تبعها، رسّخ في العقول أبلسة القوات، وعلّق على مشجبها وحدها كل "خطايا" الحروب.
وفي حين تزداد اقتناعاً بـ"صوابية خياراتها التي تتقدم فيها مركزية القضية اللبنانية على أي قضية أخرى مهما كانت محقة، ولم تبدل يوماً في إنحيازها للبنان أولاً وأخيراً"، تعتبر أن "هذا ما يزعج كثيرين، مضافاً إليه، معرفة كثيرين أن القوات التي تبني الجسور مع الجميع، وتمد اليد للتعاون مع الداخل والخارج، "عند الجدّ" لا أحد يمون عليها لتغيير قناعاتها".
"كلمة السر"
تسخر القوات ممن يعتبرون أنه عند "وصول كلمة السرّ" سيُسقط نوابها في صندوق الانتخاب الإسم المتفق عليه. يكرر هؤلاء في مجالسهم أن "معظم الطبقة السياسية في لبنان تفكر بهذه الطريقة وتتبعها. لذا يصعب عليها أن تفهم أن هناك فريقاً من اللبنانيين وحزباً سياسياً حساباته محض داخلية ووطنية". يضيفون "لنا صداقات في كل العالم ونحاول تعزيزها وتطويرها لمصلحة لبنان. لكنّ أحداً لا يمكنه أن يملي علينا من ننتخب رئيساً للجمهورية. نحن من وقفنا في الماضي ضد كل العالم، بمن فيهم الفاتيكان، دفاعاً عن لبنان وقضيته، هل يظن عاقل أننا ننتظر كلمة سرّ ما لنختار رئيساً"؟
البرنامج أولاً
في قراءة "القوات"، فإن "برنامج أي رئيس مقبل للجمهورية هو الفيصل في التصويت له من عدمه، معطوفاً على شخصيته المنفتحة والحاسمة في الوقت نفسه. أيْ رئيس لا يساوم ويدوّر الزوايا حين يجب أن يكون مباشراً، ولا يغض الطرف أو يقدم تنازلات إلاّ للمصلحة الوطنية".
تعرف القوات أن الرئيس ما بعد الطائف لا يملك أن يضع برنامجاً يسير به. لكنها تصر على رئيس "يملك رؤية وثوابت وقناعات وشجاعة أخلاقية ووطنية تسمح له بالإنجاز بالتعاون مع كل مكونات البلد. رئيس يعرف متى يقدم ومتى يحجم مع تمسك دائم بالثوابت الوطنية و"الدولتية" والقرارات الدولية وجميعها لا تحتمل اجتهاداً".
ترشح جعجع
تعتبر "القوات" أن لرئيسها سمير جعجع "حقّ طبيعي" بالترشح لرئاسة الجمهورية. جعجع نفسه قال "الترشّح ليس بطولة، وإن كان هناك عدد مقبول من الكتل النيابيّة تتبنّى ترشيحي وتتقبّله، أترشح طبعاً ومستعدّ". مع ذلك فهو يتريث كي لا يُفهم ترشحه استفزازاً أو تحدياً، مراهناً على أن تطور الظروف الداخلية والخارجية، وطبيعة المرحلة المقبلة على لبنان، قد تضعه عند تقاطع الرئاسة.
لكن الأهم أن القوات تريد أن تكون المساهم الأول والأكبر في تسمية الرئيس. "ليس فقط كوننا أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب، ولا فقط، لأننا الأكثر تمثيلاً شعبياً لاسيما في أوساط الشباب، بل خصوصاً لأن من حقنا بعد كل التضحيات، أن نفرح ونشهد قيامة الدولة في لبنان، دولة عادلة لا شريك لها في السلطة، ينضوي تحت مظلة عدالتها جميع اللبنانيين".