هي ليست فقط جلسة لانتخاب رئيس، أو للتصديق كما قال النائب اللواء جميل السيد. ف9 كانون الثاني 2005 هي عنوان عبور من مرحلة إلى مرحلة، في الحاضنة الدولية والإقليمية التي صنعت في الأيام الأخبرة وعبر التدخلات الفاضحة، "ولادة قيصرية" لرئاسة الجمهورية، فانتخب العماد جوزف عون الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية.
وهي قيصرية بالفعل ليس فقط بسبب التدخلات الخارجية. ذلك أن الثنائي الشيعي، جعل نفسه وعبر رفع السقوف الممر الإجباري لموافقة عون على جملة من المطالب لينتخب رئيساً. فبين الدورة الأولى التي نال فيها عون 71 صوتاً، وبين الثانية التي نال فيها 99 صوتاً، كانت المفاوضات على أشدها في اللحظة الأخيرة بين عون ومحمد رعد وعلي حسن خليل، ما أثمر اتفاقاً على جملة من العناوين، من اتفاق وقف النار وسلاح الحزب وصولاً إلى وزارة المالية وموقع الثنائي الشيعي في الحكم وحتى قيادة الجيش.
الجلسة التي خرقتها كالعادة استعراضات بعض نواب "17 تشرين"، سجل فيها التيار الوطني الحر، عبر كلمة رئيسه جبران باسيل، وباقتراعه لصالح "السيادة والدستور، موقفاً للتاريخ، عبر التمسك بالقيم التأسيسية للدولة، في احترام الدستور والقانون والسيادة الحقيقية الفعلية، لا تلك الشعاراتية، فكان هذا الموقف إنقاذاً لشرف الجمهورية اللبنانية المسحوقة بتدخلات الخارج الفاضحة، وبين التسليم الداخلي المعتاد لما وصفه باسيل ب"عهد القناصل" المستعاد منذ القرن التاسع عشر.
وولاية الرئيس، ستكون محكاً لخطاب القسم، الذي ضمنه عون مطالب جميلة سبق وذكرتها خطابات القسم والبيانات الوزارية للحكومات اللبنانية، لجهة التمسك باستقلالية القضاء وإصلاحه، وحرية التعبير، واللامركزية، والإنماء المتوازن، وغيرها وغيرها. لكن الجديد كان التعبير عن المرحلة الجديدة بالتمسك باحتكار الدولةِ السلاح، والحديث عن التفاوض مع الحكم الجديد في سوريا حول العلاقات الندية وترسيم الحدود وملف النازحين الذي يبقى من دون حل حتى الساعة. كما لم يفت الرئيس المنتخب الغمز من قناة الثنائية الشيعية عبر الحديث عن مكافحة التهريب وتبييض الأموال، والتي غالباً ما سبق واستعملتها القوى اللبنانية المتخاصمة مع حزب الله، في معاركها معه.
وفي المواقف الخارجية، تلقى عون سلسلة من التهانئ، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر والأردن، شددت فيها على الوقوف إلى جانب لبنان. هذا وفي سياق بدء العمل في الولاية الرئاسية، ذكرت معلومات أن الرئيس جوزف عون سيدعو إلى استشارات ملزمة الأسبوع المقبل، فيما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعلن في الإستراحة بين الدورتين أنه يريد أن "يرتاح"... والسؤال عن هوية رئيس الحكومة في الأيام المقبلة، وبرنامجها، سيكون تعبيراً عن الإتفاقات التي حصلت، محلياً وإقليمياً.