<
21 February 2025
أيهما كان الأفضل لـ"الحزب": دخول الحكومة أم البقاء خارجها؟

 

عماد مرمل
هل كان من الأفضل لـ»حزب الله» عدم المشاركة في حكومة القاضي نواف سلام كما يفترض البعض حتى ضمن صفوف الداعمين له؟ أم أنّ قرار انخراطه فيها كان صائباً تبعاً لمطالعة أخرى لها أسبابها الموجبة؟
يعتبر بعض أصدقاء «حزب الله» أنّه كان من الأنسب له رفض الانضمام إلى الحكومة، لأنّ وجوده فيها لن يكون فعّالاً، خصوصاً أنّه لا يملك وحركة «أمل» الثلث الضامن الصريح، إذ إنّ حصة «الثنائي» تساوي عملياً أربعة وزراء ونصف، في اعتبار أنّ الوزير الخامس هو خيار مشترك مع رئيسي الجمهورية والحكومة.

ويفترض أصحاب هذه المقاربة أنّ الحزب لن يستطيع، في ظل موازين القوى السياسية السائدة في الحكومة، أن يفعل كثيراً على طاولة مجلس الوزراء، وبالتالي ربما لن يكون قادراً في أحيانٍ عدة على منع صدور قرارات غير موافق عليها، وبذلك سيتحوّل مجرّد «غطاء ديموقراطي» لأي قرار من هذا النوع قد يُتخذ بالتصويت، وسط وجود أكثرية من 19 وزيراً ليست متناغمة معه.

ويلفت هؤلاء إلى أنّه كان على الحزب أن يستكمل امتناعه عن تسمية نواف سلام خلال استشارات التكليف بالامتناع عن الدخول إلى حكومته، خصوصاً أنّه سيكون المطلوب منها، على الأغلب، اعتماد سياسات وخيارات منسجمة مع معايير قوى دولية وإقليمية أصبحت تملك النفوذ الأكبر والزخم الأقوى على الساحة اللبنانية حالياً، وهي تشترط التقيّد بهذه المعايير لتقديم المساعدات للبنان في مجالي إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي أو غيرهما، وبالتالي ليس سهلاً على الحزب أن يواجه المَوج المرتفع، خصوصاً أنّ ليس له حلفاء حول الطاولة الحكومية سوى حركة «أمل».

ويُشير المقتنعون بهذا الرأي إلى أنّ الموقف الرسمي الذي قضى بحظر هبوط الطائرات الإيرانية في مطار بيروت على رغم من معارضة الحزب لذلك، هو عيّنة ممّا يمكن أن يواجهه لاحقاً، لافتين إلى أنّ الحزب اضطرّ إلى رفع الصوت في الشارع حتى يضغط على المسؤولين للتراجع عن الإجراء المتخذ في حق الطيران الإيراني.

ويلفت هؤلاء إلى أنّ الحزب ليس ممثلاً بوزراء مُسيَّسين، بل بتقنيِّين من التكنوقراط يحتاجون حُكماً إلى بعض الوقت حتى يكتسبوا الخبرة والقدرة على مواجهة الأفخاخ والمناورات السياسية في مجلس الوزراء.

لكنّ القريبين من الحزب يوضحون أنّ فلسفة مشاركته في الحكومة تنطلق من قاعدة أنّ حضوره فيها يحمل رمزيات ورسائل سياسية، بمعزل عمّا يمكن أن يحصل لاحقاً وعن المنحى الذي ستتخذه الأمور الإجرائية في مجلس الوزراء.

ويلفت المتسلحون بتلك المقاربة إلى أنّ وجود الحزب في الحكومة اكتسب أهمية استثنائية ودلالة خاصة على وقع محاولة واشنطن إقصائه، مشيرين إلى أنّ الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أعلنت بصراحة عن أنّه من الممنوع دخول الحزب إلى الحكومة بأي شكل من الأشكال، أي حتى على مستوى التكنوقراط، وبالتالي فإنّ مجرّد تمثيله بوزيرَين، ولو كانا من التقنيِّين، هو إنجاز له وتثبيت لموقعه في مواجهة المسعى الأميركي لشطبه كرقم صعب من «جدول الحساب»، وهذا أمر حيَوي على مستوى حماية التوازنات السياسية التي كان يُراد نسفها.

كذلك، يلفت المقتنعون بخيار الحزب إلى أنّ حضوره في الحكومة ضروري لتثبيت دوره على مستوى المعادلة الداخلية، والدفاع عن مصالح الشريحة الواسعة التي يمثلها، وذلك رداً على محاولات بعض خصومه في الداخل تهميشه أو عزله بعد الحرب الإسرائيلية، ربطاً باستنتاج مغلوط مفاده أنّه خسر الحرب وخرج منها ضعيفاً، وأنّه يجب التعامل معه على هذا الأساس.

بالإضافة إلى كل ذلك، فإنّ الانخراط في الحكومة يساهم، تبعاً للمقتنعين به، في إبقاء عينَي الحزب مفتوحتَين على كل ما يَدور في مركز صنع القرار في مجلس الوزراء، الذي سيكون عليه أن يواجه بعد نيل الثقة تحدّيات ملحّة من قبيل إعادة الإعمار والإصلاحات المطلوبة، ولا بُدّ للحزب من أن يكون شريكاً في خوضها وفي الدفع نحو تفادي الرضوخ إلى أي ضغوط خارجية محتملة قد تتعرّض لها الحكومة.

كذلك، فإنّ انضمام الحزب إلى حكومة العهد الأولى يؤشر أيضاً، وفق المؤيّدين لهذا القرار، إلى حرص الحزب على التعاون مع العهد الجديد وإنجاح مسيرته، وهو يريد إعطاء كل الفرص اللازمة لإنجاح التجربة مع رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيس نواف سلام، على رغم من أنّها بدأت تخضع لاختبارات مبكرة لا تخلو من الحساسية السياسية.

 

الجمهورية