<
06 March 2025
إصلاحات عباس.. هل تقود إلى تغيير حقيقي؟
في خطوة غير متوقعة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال القمة العربية في القاهرة عن سلسلة من الإصلاحات الجوهرية داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية.
 
تضمنت هذه الإصلاحات إصدار عفو عام عن المفصولين من فتح، واستحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية، إلى جانب الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية عند توفر الظروف الملائمة.
 
المتحدث باسم حركة فتح، إياد أبو زنيط، اعتبر هذه الخطوات بمثابة "توحيد للبيت الداخلي الفلسطيني"، مؤكداً أن "وحدة حركة فتح تعني وحدة الحالة الفلسطينية ككل".
 
وأضاف أن هذه الإصلاحات تأتي في سياق "تحصين الساحة الداخلية الفلسطينية أمام الهجوم الإسرائيلي والمؤامرات الخارجية".
 
تحديات تواجه تنفيذ الإصلاحات
 
رغم الترحيب الذي لاقته هذه القرارات، إلا أن هناك تساؤلات حول مدى قدرتها على تجاوز العقبات الراهنة، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية التي تعاني منها فتح منذ سنوات.
 
وفي هذا السياق، أشار الوزير السابق في السلطة الفلسطينية، سفيان أبو زايدة، إلى أن "أي خطوة تُسهم في توحيد حركة فتح وتعزيز قدراتها لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الشعب الفلسطيني هي خطوة مرحب بها".
 
لكنه شدد أيضاً على أن "الوضع الفلسطيني في غاية الخطورة، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية". وأضاف أن "أي إصلاحات لن تكون ذات جدوى ما لم يتم التعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجه الفلسطينيين".
 
جدل حول الأسماء والأدوار المستقبلية
 
من بين الأسئلة المطروحة عقب هذه الإصلاحات، هو مصير الشخصيات المفصولة من حركة فتح، وما إذا كان بعضهم، سيعودون إلى مناصب قيادية. إياد أبو زنيط أوضح أن "القرار لا يتعلق بأسماء معينة، بل يشمل جميع المفصولين"، مؤكداً أن "العودة ستكون وفق إجراءات تنظيمية وقانونية".
 
أما عن الأدوار المستقبلية، فقد رفض سفيان أبو زايدة الخوض في الحديث عن شخصيات بعينها، مشدداً على أن "القضية ليست بحثاً عن مواقع أو امتيازات، وإنما تتعلق بتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه الشعب الفلسطيني".
 
واحدة من أبرز النقاط في خارطة الإصلاحات التي أعلنها عباس، هي الدعوة لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، وهي خطوة يرى البعض أنها ضرورية لإعادة الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني. لكن هذه الدعوة تظل مشروطة بتوفر "الظروف الملائمة"، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية تنفيذها في المستقبل القريب.
 
وفي هذا الصدد، قال أبو زنيط: "الكل اليوم يقدر المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا، وهناك توجه للعمل الجماعي لإنجاح هذه المرحلة". لكنه أقر في الوقت ذاته بأن "الطريق إلى الانتخابات ما زال محفوفاً بالتحديات، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني".
 
ما مدى قدرة الإصلاحات على إحداث تغيير حقيقي؟
 
بينما يرى البعض أن قرارات عباس تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، يرى آخرون أنها تأتي متأخرة وقد لا تكون كافية لمعالجة التصدعات العميقة داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية. فإعلان إصلاحات دون آليات واضحة لتنفيذها قد لا يكون كافياً لتحقيق تحول حقيقي في المشهد السياسي الفلسطيني.
 
سفيان أبو زايدة، رغم ترحيبه بالقرارات، شدد على أن "المشكلة الأساسية لا تكمن فقط في إعادة بعض القيادات إلى فتح، بل في ضرورة وضع رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية".
 
كما حذر من أن "أي إصلاحات شكلية لن تكون ذات تأثير إذا لم تُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض".
 
بين الترحيب والشكوك.. ما التالي؟
 
في ظل هذه المعطيات، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرة عباس على تنفيذ هذه الإصلاحات بشكل فعال، وما إذا كانت ستؤدي فعلاً إلى ترميم الثقة داخل فتح وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، أم أنها ستظل مجرد وعود في انتظار التحقق. ما هو واضح أن المشهد السياسي الفلسطيني يدخل مرحلة جديدة، لكن نجاح هذه المرحلة سيعتمد على قدرة القيادة الفلسطينية على تجاوز العقبات الداخلية والخارجية، وتحويل الإصلاحات من قرارات إلى واقع ملموس.
روسيا اليوم