<
14 March 2025
المبادرة العربية أو «سلامٌ على السلام»؟ -مرلين وهبة

بدأت المبعوثة الأميركية في حديث تلفزيوني بالإعلان عن أنّ «كل ما تقوم به أميركا ديبلوماسياً هو محاولة منها لجمع الأطراف كلها للتوصّل إلى السلام». والسؤال الكبير المطروح: هل الظروف مؤاتية للسلام؟ وهل حان وقت التطبيع؟

كان اجتماع الناقورة المشهد الأبرز والأهم في المشهدية اللبنانية. وبحسب المراقبين، إذا كان الهدف في اختصار إنشاء مجموعات ديبلوماسية للتفاوض في شأن تثبيت الحدود الهدف منه جَرّ لبنان إلى مفاوضات للتطبيع مع إسرائيل، فهذا يعني أنّ لبنان متّجه إلى مسار مختلف تماماً عن مساراته السياسية السابقة، وهو رهن بتقبّل الجهات الرافضة قطعياً للغة التطبيع ومدى انعكاسه على بيئتها.

في سياق متصل، ترى أستاذة العلاقات الدولية ليلى نقولا، أنّ «اللبنانيّين إذا كانوا يطمحون إلى تنفيذ خطاب القَسَم الرئاسي وقيام دولة حقيقية فإنّ البداية تكون من الانسحاب الإسرائيلي، هذا لأنّ المقاومة مشروعة إذا كانت الأرض محتلة، إلّا إذا استطعنا تحرير الأرض بالديبلوماسية فلا جدوى من حمل السلاح، بالتالي تكون الديبلوماسية هي المعبر للدخول إلى تطبيق البيان الوزاري وخطاب القَسَم».

وبحسب نقولا: «لا يمكن الكلام اليوم عن التطبيع بين لبنان وإسرائيل، إذ هناك أمر مهمّ يجب حصوله قبل التطبيع. فالإمارات والبحرين أرضهما ليستا محتلّتَين، وليستا في حالة عداء مع إسرائيل، ولا من دول الطَوق، فيمكنهما الذهاب مباشرة إلى التطبيع. أمّا في لبنان، فمسار التطبيع يجب أن يبدأ في مسار السلام وبعد اتفاقية السلام يكون هناك تطبيع».

في المقابل، لا تخشى أستاذة العلاقات الدولية من السلام في حال سيكون «سلاماً عادلاً وشاملاً» وفي رأيها حتى لو ذهبنا إلى اتفاقية الهدنة التي حصلت مع إسرائيل عام 1949 وأدّت إلى نوع من سلام لكنّها سُمِّيت اتفاقية الهدنة، فإنّها ستكون جيدة.

أمّا في موضوع التطبيع، فتؤكّد نقولا أنّ لبنان يجب أن «يلتزم بالسقف العربي الذي وضعته المملكة العربية السعودية، وهو السقف الذي يجب أن يلتزمه جميع العرب، وهذا الأمر الذي أكّده رئيس الجمهورية في القاهرة، بعدما وضعت المملكة سقف التطبيع، وهو تشكيل دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية، بالتالي فإنّ لبنان لن يذهب إلى التطبيع منفرداً من دون العرب، لأنّ ليس في مصلحته ولا يجب ان يستفرده البعض، خصوصاً أنّه دفع أثماناً غالية لخياره مسارات مخالفة للتوجّهات العربية».

‏أمّا بالنسبة إلى تثبيت الحدود، فيجب مراقبة قدرة المفاوض اللبناني ومدى الدعم الأميركي تحديداً والإقليمي عموماً للموقف اللبناني في شأن موضوع مزارع شبعا، لأنّ اتفاق الهدنة عام 1949 أخذَ في الاعتبار الحدود حتى عندما أصبح هناك الخط الأزرق، لأنّ هناك حدوداً دولية، أي الخط الذي رُسِم عام 2000، وهو مختلف عن الحدود الدولية في حدود لبنان الموجودة أصلاً وتحتاج إلى التحديد.

وتضيف نقولا: «نحتاج إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، الاتفاق على النقاط الـ13 المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل، وترسيم الحدود مع سوريا، وهو ما طرحه وزير الخارجية أخيراً في مؤتمر الأردن»، عندما أعلن أنّه يجب علينا ترسيم الحدود بيننا وسوريا ويجب العمل للوصول إلى هذا الاتفاق. وفي ظل الواقع السوري المستجد نحتاج إلى أمرَين: سلطة سورية شرعية يُقرّها البرلمان السوري، وضغط دولي وعربي على السلطات السورية لتُعطي لبنان هذا الحق. وإلّا هناك مسألة ربط نزاع، لأنّ مزارع شبعا لا يحكمها القرار الدولي 425، بل القرار الرقم 242، لأنّ إسرائيل عندما احتلت هذه الأراضي عام 1967 كانت فيها قوات سورية ممّا خلق الإشكال. وإذا كانت أميركا ولبنان وإسرائيل مستعجلين على حلحلة الأمر، فعليهم التوجّه إلى الأمم المتحدة لأنّه بعهدتها».

«القوات»

من جهتها، توضح مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» أنّ التطبيع بالنسبة إليها «ليس مطروحاً، ومَن يطرح التطبيع هو «حزب الله» الذي يُروِّج لهذا المصطلح في وسائل الإعلام لخلق ضوضاء وإثارة»، مضيفةً أنّه حتى «الولايات المتحدة لم تطرح التطبيع بل تقول أمراً واحداً الوصول إلى تطبيق وقف إطلاق النار، الذي ينصّ على أمرَين انسحاب إسرائيل من لبنان وتفكيك بنية «حزب الله» العسكرية»، بالتالي ترى مصادر «القوات» أنّ ما «يُطرَح جدّياً هو العودة إلى اتفاقية الهدنة الموجودة في اتفاق الطائف وفي القرارات 1702 و1559 و1680 واتفاقية وقف النار. أمّا التطبيع فيتعلّق بالموقف العربي للسلام وبمبادرة بيروت العربية للسلام، فلا يمكن لأي بلد عربي السير في التطبيع من دون قيام دولة فلسطينية».

وأضافت مصادر «القوات»: «نحن خلف السعودية في هذا الموقف ولسنا أمامها... أمّا خيار المقاومة فقد أثبت فشله على كل الأصعدة وسردية القوة التي تحدّث «حزب الله» بها تبيّن أنّها زائفة، بالتالي المقاومة كانت خياراً فاشلاً ويجب العودة إلى اتفاقية الهدنة التي تضمن الأمن بين ضفّتَي لبنان وإسرائيل بجهود الدولة اللبنانية».

وتقول مصادر «القوات»: «حان الوقت لـ»حزب الله» لتسليم سلاحه وهو الأمر الذي طرحه وزراء «القوات» في جلسة مجلس الوزراء الذي انعقد أمس في بعبدا، بعدما تأخّر لمدة 35 سنة (منذ 1991 حتى اليوم) إذ يجب على الحزب تسليم سلاحه أسوة ببقية الأحزاب والميليشيات التي سلّمت سلاحها والعودة إلى منطق الدولة لأنّه لا يمكن بناء دولة في ظل ثورة مسلحة عقائدية ضمن مشروع توسعي إيراني».

الجمهورية