أعلنت الحكومة الأردنية، بشكل رسمي، حظر جميع أنشطة جماعة الإخوان المنحلة واعتبارها "جمعية غير مشروعة"، في خطوة وُصفت بأنها ضربة قاصمة للتنظيم، وذلك بعد الكشف عن ضلوعها في مخطط تخريبي استهدف أمن المملكة.
وأكد وزير الداخلية الأردني مازن الفراية أن السلطات الأمنية باشرت بتنفيذ القانون فورا، من خلال مصادرة وتفتيش مقرات جماعة الإخوان في عدة مناطق، ومتابعة عمليات التهريب والتصنيع المرتبطة بها.
وأوضح الفراية أن بعض القيادات قامت بمحاولات لإتلاف وثائق وإحراق مستندات لإخفاء أدلة تُدينها.
وكشف الفراية كذلك عن ضبط عملية لتصنيع المتفجرات وتجريبها، شارك فيها أبناء قيادات إخوانية بارزة، وكان الهدف منها استهداف مواقع أمنية وحساسة داخل المملكة، مؤكدا أن الجماعة حاولت إخفاء نشاطاتها بطرق ممنهجة، وتهريب كميات كبيرة من الوثائق.
بموجب المادة 36 من قانون الأحزاب الأردني، بدأت الجهات المختصة اتخاذ إجراءات تهدف إلى حل الحزب السياسي المرتبط بالجماعة، حزب جبهة العمل الإسلامي، بعد امتناعه عن إدانة المخطط التخريبي، ما يُعد خرقا صريحاً للقانون الذي يمنع التحريض على العنف أو دعم التنظيمات الإرهابية.
وأصدرت هيئة الإعلام الأردنية قرارا بمنع التعامل الإعلامي مع جماعة الإخوان المنحلة، سواء بالنشر أو البث، في إطار مواجهة شاملة لأي محاولة لإعادة تدوير خطاب الجماعة أو تغطية أنشطتها بشكل غير مشروع.
في تطور موازٍ، أصدرت حركة حماس بيانا دافعت فيه عن المعتقلين في القضية، معتبرة أنهم "عبروا عن ضمير الأمة"، وهو ما قوبل برفض واسع في الأردن.
وقالت مصادر رسمية لقناة "سكاي نيوز عربية" إن "من يتدخل في الشأن الأردني لا يعرف المملكة ومؤسساتها وشعبها"، مؤكدة أن الدولة صامدة وقرارها سيادي.
وشنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس هجوما مباشرا على حماس، محملا إياها مسؤولية تعقيد الوضع في غزة ومقتل الآلاف، وطالبها بتسليم الرهائن الإسرائيليين فورا "لسد الذرائع" أمام إسرائيل، وفق تعبيره، في تصريحات حادة خلال جلسة المجلس المركزي الفلسطيني.
في مداخلة مع "سكاي نيوز عربية"، اعتبر الخبير الأمني والسياسي عمر الرداد أن ما كشفه الأردن هو شبكة منظمة مرتبطة بجناح سري في الجماعة، يُدار ويموَّل من خارج البلاد، وتحديدا من حركة حماس، لزعزعة استقرار الأردن واستخدامه كورقة ضغط في الصراع الإقليمي.
وشدد الرداد على أن الجماعة في الأردن لم تعد تمثل تيارا سياسيا، بل مشروعا إيديولوجيا موازيا يسعى لاستبدال الدولة بمشروع أُممي، يتقاطع مع أجندات الحرس الثوري الإيراني وبعض القوى الإقليمية.
وبدوره قال الدكتور نبيل العتوم، مدير برنامج الدراسات الإقليمية في مركز دراسات الشرق الأوسط، في مداخلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، إن "طبيعة الأنشطة التي تم الكشف عنها تُظهر بوضوح تقاطع أساليب عمل الخلية مع تكتيكات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ما يعزز فرضية وجود تنسيق مع أطراف إقليمية".
وأشار العتوم إلى أن "المعالجة الفكرية ضرورية وتكمّل الجهد الأمني"، مؤكدا أن "الدولة الأردنية اعتمدت طوال السنوات الماضية نهج المراجعات الفكرية داخل السجون ومحاورة العناصر المتأثرة بأفكار التطرف".
ويرى مراقبون أن قرار الحظر الشامل بحق الجماعة يمثّل نهاية مرحلة رمادية في التعامل الرسمي معها، وأنه يفتح الباب لإعادة ضبط المشهد الحزبي والسياسي على أسس وطنية بحتة، بعيدا عن التنظيمات العابرة للحدود والولاءات الخارجية.