الثبات: حسان الحسن-
في الذكرى الـ 20 لانسحاب القوات السورية من لبنان، يواجه اليوم أزمةً نزوح سوري إلى مختلف أراضيه، وهي مستمرة منذ منتصف آذار 2011، تاريخ بدء الحرب على سورية، ثم زادت حدة هذه الأزمة بعد سقوط الدولة السورية في الثامن من كانون الأول الفائت، بدلًا من أن تسلك هذه الأزمة طريق الحلحلة، على اعتبار أن "المجتمع الدولي" كان يدّعي بأنه "يمنع عودة النازحين، كي لا يقعوا في يد النظام السابق".
غير أن بقاء النازحين السوريين في لبنان، كشف زيف الادعاء المذكور، ما يؤشر أن بقاءهم، وارتفاع عددهم، خصوصًا بعد مجازر الساحل التي بدأت في السادس من آذار الفائت، ولم تنته حتى الساعة، يهدفان إلى تحقيق غاية معيّنة خفية وخبيثة، يسعى إليها "المجتمع الدولي" في لبنان، خصوصًا في ضوء التغييرات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة في الأشهر الفائتة.
وما يثير الريبة، هي المعلومات المتداولة في الإعلام، التي تتحدث "عن إمكان حدوث تغيير ديموغرافي في المنطقة، يفضي إلى نقل أهالي غزة إلى بعض المناطق السورية، وإبقاء النازحين السوريين في بلد الأرز".
ولا ريب أن هذا "التغيير الديموغرافي المذهبي"، قد يستخدم لاحقًا للضغط على المقاومة في لبنان، لدفعها إلى "التخلي عن سلاحها"، أو الاقتتال معها، خصوصًا أن أعدادًا كبيرةً من بين هؤلاء النازحين، لديهم نزعة تكفيرية، اشتدت في الآونة الأخيرة، بفعل الإعلام المضلل والخطب التحريضية، اللذين أسهما بقوةٍ في تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب السوري. ثم حلّت الكارثة، إثر المجازر المروّعة التي شهدها الساحل السوري ومنطقة جبال العلويين... على يد المجموعات الإرهابية التكفيرية المسلحة، بعد سقوط الدولة السورية، وذلك وسط صمتٍ مريبٍ "للمجتمع" المذكور، والإعلام التابع له.
وأسهم وقوع هذه المجازر أيضًا بكشف زيف ادعاء "المجتمع الدولي بحرصه على حقوق الإنسان، بخاصة الحفاظ على حياة المدنيين"، فلم تطرح حتى الساعة هذه القضية المحقة في المحافل الدولية، للضغط على "سلطة الأمر الواقع في دمشق"، لوقف الجرائم المتمادية على الأقل في البداية، ثم محاكمة المجرمين المتورطين بارتكاب المجازر المذكورة لاحقًا، لا بل أكثر من ذلك، أظهر هذا "المجتمع" من خلال بعض المؤسسات التابعة له، أظهر في شكلٍ فاضحٍ تمييزًا مذهبيًا في التعامل النازحين السوريين إلى لبنان، وبدا ذلك جليًا، عقب موجة النزوح الجديدة التي شهدها لبنان الشمالي، بخاصة عكار وطرابلس، إثر "مجازر الساحل".
وهنا، تلفت مصادر متابعة لأوضاع النازحين الجدد أن "المساعدات التي يتلقونها من بعض المنظمات الدولية خجولة ومحدودة حتى الساعة، وتقتصر على وجبات غذائية وسواتر بلاستيكية، وبعض مواد التنظيف والتطهير، وبعض فرش النوم ولوازمها".
"ويشكل تعاون أهالي المناطق المضيفة للنازحين، مع بعض الجمعيات المحلية، والجهات الحزبية، المصدر الأساسي لإغاثة النازحين الجدد، كذلك تلبي بعض المستوصفات المحلية في عكار وطرابلس، بعض الحاجات الطبية المتاحة لديها، للنازحين الجدد، كونهم لا يحظون بالرعاية الطبية من الأمم المتحدة، كما هو حال من سبقهم إلى لبنان، في العام 2011 وما تلاه"، ودائمًا بحسب معلومات المصادر عينها.
هكذا يبدو حال "النازحين الجدد" راهنًا، على أمل أن تتحقق عودتهم الكريمة إلى ديارهم في القريب العاجل. وفي حال لم تكن قريبةً، علّهم يلقون المعاملة الملائمة لوجودهم المؤقت، في بلد اللجوء.