<
30 April 2025
بين السماء والطموح.. كيف تغيّر "الاتحاد" معادلة الطيران؟
في زمن يتأرجح فيه قطاع الطيران بين أزمات متلاحقة وتعافٍ متذبذب، اختارت "الاتحاد للطيران" طريقًا مختلفًا: التخطيط بعيد المدى، والاستثمار الذكي، والتركيز على القيمة لا الكم.
 
في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، رسم أنطونوالدو نيفيس، الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة الاتحاد للطيران"، ملامح رؤية طموحة لا تكتفي باستعادة ما قبل الجائحة، بل تتطلع إلى إعادة تعريف مكانة الشركة عالميًا، وخلق تجربة سفر متكاملة تستبق توقعات المسافر العصري.
 
قفزات نوعية مدروسة
أحد أبرز محاور حديث نيفيس كان التوازن الدقيق بين الطموح والنمو المتزن، فبينما ارتفع عدد المسافرين على متن رحلات "الاتحاد" من 10 ملايين في 2022 إلى 22 مليونًا في 2024، بزيادة تتجاوز 100 بالمئة، يؤكد الرئيس التنفيذي أن هذا الأداء ليس نهاية المطاف، فيقول: "نتوقع نمواً يتراوح بين 15 و20 بالمئة فقط سنويًا… نريد نموًا مستدامًا، لا طفرة عشوائية".
 
هذا التصريح لا يعكس فقط تحفظًا استراتيجيًا، بل يؤكد نهجًا إداريًا عقلانيًا، يرى في الاستقرار التشغيلي مقدمًا على المكاسب السريعة، وهي فلسفة نادرة في صناعة تميل إلى السعي المحموم نحو التوسع.
 
شبكة الرحلات: من الكم إلى القيمة
من خلال تركيزه على إعادة هيكلة الشبكة الجوية، قدم نيفيس نموذجًا مختلفًا في التعامل مع توسع الوجهات، لا يقوم على مبدأ "كلما زاد العدد زادت المكانة"، بل على فلسفة التخصص والعمق، حيث أكد: "لدينا الآن أربع رحلات يوميًا إلى مومباي ودلهي… نركز على الوجهات ذات العائد الأعلى، وليس بالضرورة الأكثر عددًا".
 
 
الهند والشرق الأوسط شكلا مركز الجاذبية الجديد للشبكة، مدفوعين بكثافة الطلب وسهولة الوصول، وهي قراءة ذكية للسوق الإقليمي في لحظة احتدام التنافس بين عواصم الطيران الكبرى.
 
تمويل ذاتي.. لا حاجة للاكتتاب الآن
رغم الشائعات حول طرح عام أولي محتمل، وضع نيفيس النقاط على الحروف، مؤكدًا أن الطرح ليس هدفًا بحد ذاته، بل خيار يمكن اللجوء إليه إذا دعت الحاجة، وقال بحزم: "الاتحاد في وضع جيد جدًا حاليًا... ولا نحتاج إلى تمويل إضافي من المساهمين."
 
وأشار إلى أن نسبة الدين إلى الأرباح التشغيلية تعد من الأفضل في القطاع عالميًا، وأن الشركة تولد السيولة من عملياتها دون ضغط ديون، مما يعكس قدرة على النمو المستدام دون الاعتماد على الأسواق المالية.
 
نمو مستقبلي مضاعف.. ولكن وفق فلسفة "المرونة"
بحلول عام 2030، تستهدف الاتحاد زيادة عدد الركاب إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه في عام 2022، ليصل إلى 30 مليون راكب سنويًا. ولتحقيق هذا الهدف، تخطط الشركة لزيادة أسطولها إلى ما بين 160 و170 طائرة، مقارنة بـ65 طائرة خلال جائحة كوفيد.
 
غير أن ما يميز الاتحاد، كما يؤكد نيفيس، هو "مرونة الأسطول"، حيث تتجنب الشركة الصفقات الضخمة دفعة واحدة، وتشتري الطائرات بحسب الحاجة، ما يمنحها قدرة عالية على المناورة في حال تغيرت ظروف السوق، وقال: "إذا واجهنا تراجعًا، يمكننا تقليص حجم الأسطول دون إنفاق الكثير."
 
الشحن.. لاعب أساسي في استراتيجية النمو
لا تقتصر رؤية الاتحاد على نقل الركاب فقط، بل تتضمن أيضًا قطاع الشحن الذي يدر قرابة مليار دولار سنويًا. ويتميز هذا القطاع بتكامله التام مع العمليات الجوية الأخرى، حيث تعمل خمس طائرات شحن فقط في نموذج عملي يخدم طائرات الركاب أيضًا.
 
ويخطط نيفيس لمضاعفة هذا الأسطول إلى 10 طائرات بحلول 2030، مشيرًا إلى أن الشحن "جزء مدمج في نشاط الركاب" وليس وحدة قائمة بذاتها، في خطوة تعزز الكفاءة التشغيلية وتحقق توازنًا في العائدات.
 
أحد أبرز محاور رؤية الاتحاد هو تقديم تجربة فاخرة متكاملة تعيد تعريف معايير السفر من منظور المسافر. فبحلول عام 2030، ستتضمن جميع الطائرات عريضة البدن درجة أولى، مقارنة بخمس طائرات فقط قبل عامين.
 
وتتضمن هذه التجربة عناصر حصرية، مثل:
ويقول نيفيس بفخر: "نطمح لتقديم تجربة عملاء استثنائية... نعيد تقديم تجربة الدرجة الأولى كما كانت سابقًا."
 
بين الابتكار والانضباط المالي.. الاتحاد ترسم ملامح الجيل الجديد من الطيران
في خضم أسواق متقلبة ومنافسة شديدة، تميزت "الاتحاد للطيران" بقدرتها على التحول من شركة تقليدية إلى منظومة ذكية متكاملة، تعتمد على الاستدامة، والمرونة، وتجربة المسافر كركائز رئيسية.
 
لم تقتصر تصريحات نيفيس على عرض الأرقام، بل خارطة طريق واضحة المعالم، تعكس عقلية قيادية تجمع بين التحليل الاقتصادي، والإدارة المرنة، والابتكار في الخدمات.
 
فإذا ما سارت الخطة كما هو مرسوم، فإن الاتحاد لا تتجه فقط لتوسيع حصتها السوقية، بل لتثبيت اسمها كواحدة من أكثر شركات الطيران تأثيرًا في العقد القادم.
Skynews